كيف يعمل النظام القضائي الأميركي؟
متابعة:عراقيون
النظام القضائي الأميركي نظام معقد، والسبب الرئيسي وراء التعقيد هو أن البلاد تكونت أصلا من ولايات مستقلة، وكان من الواجب توفير نظام قضائي لديه الإمكانية والأدوات لضمان تحقيق العدالة عبر أراضي الدولة، وفي الوقت نفسه منح الولايات هامشا كبيرا من الاستقلال في اتخاذ القرارات وتطبيقها قضائيا وإداريا.
وعلى اعتبار أن الدستور يعد أسمى قانون في البلاد لا يحق لأي ولاية الاعتراض عليه، في حين تبقى تفسيرات البنود مسألة جدلية يحاول المشرع الأميركي إيجاد حلول لها بما يسمح به النظام القانوني والقضائي الموجود.
وقد أولى الدستور أهمية خاصة للقضاء، إذ بعد تبني الدستور الأميركي انتقل الكونغرس عام 1789 مباشرة إلى بحث مسألة القضاء وأعطاها الأولوية المطلقة.
وفي ما يلي أبرز هيئات المؤسسة المشكلة للنظام القضائي الأميركي:
المحكمة العليا
هي من المؤسسات القضائية الخاصة بالولايات المتحدة، وكان الهدف من إنشائها الحفاظ على الوحدة القضائية للبلاد بحيث يصير بإمكان الولايات اتخاذ محاكم خاصة بها، لكن التفسير النهائي للقانون والدستور يكون من صلاحيات هذه المحكمة.
وهي أعلى هيئة قضائية في الولايات المتحدة، تندرج في إطار القضاء الاتحادي، وتوصف بأنها المحكمة الأكثر شهرة في العالم، والتي يعد تعيين قضاتها محل جدل سياسي دائم بين الحزبين الكبيرين الديمقراطي والجمهوري.
تتكون المحكمة العليا الأميركية من رئيس وثمانية قضاة معاونين، يعينهم الرئيس الأميركي ويوافق عليهم مجلس الشيوخ بالتصويت عليهم بالأغلبية، ويظل القضاة في مناصبهم مدى الحياة ما دام سلوكهم حسنا، ولا تنتهي خدمتهم إلا بالوفاة أو الاستقالة أو التقاعد أو الإدانة، ولكل قاض منهم صوت واحد.
محاكم الاستئناف
يطلق عليها أيضا محاكم الدوائر، أنشئت عام 1789، وفي البداية كانت كل واحدة منها تتألف من قاضيين من المحكمة العليا وقاض بالمقاطعة. وكانت تعقد دورتين في السنة في كل مقاطعة ضمن الدائرة، ويتكلف قاضي المقاطعة بتحديد القضايا التي ستنظر أمام المحكمة الدورية.
غير أن شكاوى القضاة من كثرة التنقلات وتراكم المهام والأعباء دفع الرؤساء الأميركيين المتعاقبين إلى تقديم تعديلات وافق عليها الكونغرس، منها تعديل 1911، حين سنّ الكونغرس تشريعا يلغي محاكم الدائرة، وأنشأ محاكم الاستئناف الوسيطة التي تعرف رسميا بمحاكم الاستئناف.
ويوجد في الولايات المتحدة 12 محكمة استئناف إقليمية يعمل بها 179 قاضي استئناف مفوّضا. وهذه المحاكم مسؤولة عن بحث القضايا المستأنفة من محاكم المقاطعات الفدرالية (وفي بعض الحالات، من الوكالات الإدارية) داخل حدود الدائرة. وأنشئت عام 19822 محكمة استئناف متخصصة هي الدائرة الفدرالية.
محاكم المقاطعات
أنشئت عام 1789 بموجب قانون تنص مادته الثانية على إنشاء 13 محكمة مقاطعة، يرأسها قاض يقيم بالمقاطعة. ومع دخول باقي الولايات الاتحاد الجديد، ارتفع عدد المقاطعات وصلاحيتها، وعام 1990 وصل عدد القضاة الذين يعينون على رأس كل محكمة إلى 649. فلدى جميع المقاطعات أكثر من قاض واحد، وعلى سبيل المثال فالمقاطعة الجنوبية في نيويورك التي تضم مانهاتن وبرونكس لديها 288 قاضيا.
محاكم أخرى
يشمل النظام القضائي الأميركي محاكم دستورية وأخرى تشريعية. والمحاكم الدستورية تضم كلا من المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف ومحاكم المقاطعات الفدرالية، في حين تضم المحاكم التشريعية محكمة الاستئناف العسكرية الأميركية، ومحكمة ضرائب الولايات المتحدة، ومحكمة استئناف قدامى المحاربين.
المحاكم التشريعية لها مهام شبه إدارية وشبه تشريعية إلى جانب كونها مؤسسة قضائية قائمة بذاتها، وذلك إلى جانب كونها تنشأ خصيصا لتطبيق قانون صادر عن الكونغرس الذي بإمكانه تحديد مدة معينة لاستمرار قضاة هذه المحاكم.
أما المحاكم الدستورية فيخدمون ما دام “سلوكهم صالحا” ويوافق القانون.
ولدى الولايات المتحدة أيضا منذ عام 1968 نظام قضاة الصلح، التي يطلق عليها أيضا قضاء التحكيم الابتدائي، والهدف من إنشائه تلبية احتياجات كل محكمة مقاطعة، حيث يقوم قضاة محاكم المقاطعات بتعيين قضاة الصلح لثمان سنوات، مع إمكان عزلهم، ويحددون لهم واجباتهم ومسؤولياتهم.
وفي النظام القضائي الأميركي “كتبة المحاكم” الذين يتجاوز عددهم 2000، ويعملون في خدمة القضاة الفدراليين، وأكثر من 600 كاتب يعملون لصالح قضاة الإفلاس وقضاة الصلح، إضافة إلى الكتبة الذين يختارهم القضاة ومحاكم الاستئناف وبعض محاكم المقاطعات.
ويتكلف المكتب الإداري لمحاكم الولايات المتحدة الذي أنشئ عام 1939، بخدمة المحاكم وتنظيم عمل الموظفين، إلى جانب التنسيق مع الوكالات الحكومية الأخرى، وجمع معطيات عن قضايا محددة لفائدة المحاكم الفدرالية.
وعام 1967 أنشئ المركز القضائي الفدرالي، وهو المسؤول عن التعليم والبحث العلمي، يكلف بإجراء أبحاث حول المحاكم الفدرالية، وتقديم التوصيات لتلك المحاكم لتحسين أدائها، إلى جانب تطوير برامج التعليم والتدريب للموظفين القضائيين.