ماذا فعلت السعادة بـ “محمود الحسن”؟!
علي حسين
بدأت الأيام الأُولى من التغيير بعد 2003 برّاقة ، العراق الجديد سيعيش في ظلّ تعددية سياسية، وديمقراطية تحسدها علينا بلاد مثل السويد ، نظام مدني يسع الجميع في كل المدن والقرى والنواحي.. لا مكان لخطب الطائفية والإقصاء ، سياسي كتب في إحدى الصحف آنذاك ، إنهم سوف يقلّدون أحزاب أوروبا، حيث سيصبح الاستبداد من الماضي والفساد مجرد خبر عن أيام مضت.. فيما خرج علينا سياسي كبير ليؤكد أنّ عصر السعادة دخل العراق ولن يخرج منه.
لم يطُل هذا الزمن. أطلّ السياسيون بالخطب والشعارات. وحوَّلوا البلاد الى دكاكين طائفية، ولم يمض زمن طويل حتى غابت السعادة لتحلّ محلّها نظرية حنان الفتلاوي في ” الانبطاح ” ، وحديث أُسامة النجيفي عن فقدان بوصلة التوازن، فيما تناوب الجميع على افتتاح مهرجان السعادة العراقي بأن وضعونا على قائمة الشعوب التي ضمّها ترمب الى قائمته ، أما السعادة فلا تزال مجرد أحلام ، تحولت مع الظهور المستمر لعباس البياتي الى أوهام ، ومع أحاديث محمود الحسن ستتحول حتماً الى كوابيس .
لماذا أُعيد عليكم كل يوم حديث السعادة في بلد يجتمع مجلس إحدى محافظاته ” بابل ” ليُصدر قراراً بتغيير نغمة بائعي الغاز من الموسيقى الهادئة الى الاناشيد الحماسية .طبعا لأنّ هذه هي قمة السعادة ، ويمكن لنا بعد أربعة عشر عاماً من التغيير أن نقول للعالم إنّ لدينا مجالس محافظات تراعي أذواق المواطنين ” الموسيقية ” ، حتى لو وصل الامر الى تفجير محال الموسيقى ، لأنها لاتراعي أذواق المرحلة الراهنة.
ولأني لاأزال ألوك بكلمة السعادة فقد أثار انتباهي أمس ما كتبه وزير خارجية بريطانيا ” بوريس جونسون ” على موقع تويتير يهنئ الملكة إليزابيث الثانية على مرور 65 عامًا على اعتلائها العرش في بريطانيا ، مشيرًا إلى أنها مصدر إلهام ،شاكرًا إياها على السعادة التي تقدمها للبريطانيين .
خمسة وستون عاما من تاج إليزابيث الثانية، الملكة التي تملك ولا تحكم. سيدة لطيفة يعشقها حتى الأطفال ، تضيف على بريطانيا العراقة والسعادة التي تلمع في عيون مواطنيها وهم يشاهدونها تطلّ عليهم من شرفة قصرها الذي لم يستثن من نزوات البرلمانيين ، حيث أصدر البرلمان قرارا يسمح بأن يفتح القصر أبوابه أمام مزيد من الزوّار، لتغطية مصاريف القصور الملكية ، هل هذا نوع من السعادة ، أعتقد أنّ السعادة الحقيقية تكمن في مكان آخر ، مكان لا أحد يستطيع فيه إصدار أمر بالسماح للمواطن العراقي بدخول المنطقة الخضراء أو المرور من احد الشوارع القريبة منها، مكان حافظ فيه ساسته على مكانة العراق في سلّم الفساد ،لأنّ العراق من دون جبهة الإصلاح البرلمانية وخططها السعيدة ، لا مكان له على خارطة الدول السعيدة!
أيها السادة: إلى متى سأُعيد كتابة هذا العمود ، لأقول لكم إنّ الله لا يختار الحكّام..الشعب يختارهم.. ثم يُصحِّح اختياره بطردهم شرّ طردة ..