هيومن رايتس ووتش تتهم الحشد باحتجاز مدنيين بمراكز سرية وحشد عبد الرحيم الشمري باعتقال اشخاص غير مطلوبين للسلطات
اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الحشد الشعبي باحتجاز مدنيين في مراكز سرية في الموصل ومحيطها، كما اتهمت حشد النوادر التابع للنائب عن نينوى عبد الرحيم الشمري بالوقوف وراء العديد من حالات اعتقال المدنيين غير المطلوبين للسلطات العراقية.
واعربت هيومن رايتس عن قلقها ازاء المدنيين المحتجزين لدى الحشد في المراكز السرية، ودعت السلطات العراقية الى توفير الشروط القانونية في تلك المراكز.
وقالت هيومن رايتس ووتش اليوم:” إن جماعات في الجيش العراقي تفحص وتحتجز رجالا يهربون من الموصل في مراكز احتجاز غير مُعلنة، ينقطع داخلها اتصالهم بالعالم الخارجي”.
واضافت:” ان هذه الجماعات من قوات الحشد الشعبي، يبدو أنها تفحص أمنيا الرجال المشتبه بتورطهم مع تنظيم الدولة الإسلامية، نظرا لافتقار هذه الجماعات للتدريب على الفحص، والطبيعة الاستثنائية لأعمال الفحص والاحتجاز هذه، وعدم تواصل المحتجزين بالعالم الخارجي؛ أصبح الرجال المحتجزون عرضة لخطر كبير بالتعرض للانتهاكات، التي تشمل الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري”.
وقالت لمى فقيه نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “يقول لنا الأهالي في حالة تلو الأخرى إن مقاتلي الحشد الشعبي أوقفوا أقاربهم وأخفوهم. في حين لا يمكننا أن نعرف تحديدا طبيعة ما حدث للرجال المحتجزين، فإن الافتقار إلى الشفافية، لا سيما عدم معرفة الأهالي مكان ومصير أقاربهم، هي مدعاة لقلق بالغ”.
ودعت السلطات العراقية أن تسمح فقط للجهات المكلفة بالفحص الأمني أن تفحص الأفراد وتضمن إيداع أي مُحتجز في مركز معروف ومُتاح للمراقبين الخارجيين دخوله، وأن تمنحهم حقوقهم الخاصة بالإجراءات القانونية السليمة المكفولة بموجب القانونين الدولي والعراقي. يجب أن تستند كل عملية احتجاز إلى نص قانوني وطني صريح، وأن يمثل كل محتجز فورا أمام قاضٍ لمراجعة قانونية احتجازه. يطالب القانون العراقي السلطات بإحالة المحتجزين إلى قاضي تحقيق في ظرف 48 ساعة من توقيفهم.
كما دعت المنظمة السلطات لضمان معرفة أهالي المحتجزين بأماكنهم وأن تكشف علنا المعلومات الخاصة بعدد المحتجزين، كجزء من عملية استرداد الموصل من داعش.
وقالت المنظمة في التقرير:” قابلت هيومن رايتس ووتش الأهالي من قرية نزارة، وقالوا إن مقاتلي الحشد الشعبي أخذوا جميع القرويين إلى بلدة أخرى لمدة 15 يوما في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ثم إلى مخيمات للاجئين. لكن 5 رجال كانوا قد تركوا القرية لبيع خرافهم لم يعودوا قط، ثم شوهدوا فيما بعد على التلفاز بصفتهم من مقاتلي داعش الأسرى. هناك رجل آخر غادر لبيع خرافه وصف تعرضه للاعتداء والاحتجاز على يد مقاتلي الحشد الشعبي، ثم عاد لأسرته في نهاية المطاف، لكن 3 رجال كانوا معه في السيارة لم يظهروا بعد”.
واضافت:” كما قابلت هيومن رايتس ووتش أفرادا من 4 أسر من أهالي المختفين، سافروا بين 26 ديسمبر/كانون الأول و15 يناير/كانون الثاني 2017 ومرّوا بموقع فحص أمني على مسافة كيلومترين تقريبا إلى جنوب شرق الموصل كان يخضع لسيطرة الفرقة التاسعة من قوات الأمن العراقية. قالت كل من الأسر إنهم وصلوا ومعهم عدد كبير من المدنيين الهاربين، بين 1500 و4000 شخص. قالوا إنهم رأوا بين 7 و20 مقاتلا محليا من الحشد الشعبي هناك، وميزوا انتمائهم إلى الحشد من شاراتهم ولهجتهم المحلية ولباسهم المدني. سمع أحدهم مقاتلين محليين يُنادَون بلقب “أبو الحشد”، دلالة على انتمائهم إلى الحشد الشعبي”.
وتابعت:” وصفت جميع العائلات التي مرّت بالموقع المذكور نفس عملية الفحص الأمني، التي نُفذت على مدار الليل. لدى وصولهم، عادة في المساء أو ليلا، كان الرجال والصبية في سن 15 عاما فأكبر يُفصلون عن النساء والأطفال الآخرين، الذين يتوجهون إلى واحدة من 4 خيام. فحص عناصر الجيش بطاقات هوية كل من الرجال والصبية وقارنوها بقوائم أشخاص مطلوبين من قبل جهات حكومية عراقية مختلفة، للاشتباه بالانتماء إلى داعش، هذه عملية متكررة تواجه جميع الرجال والصبية الفارين من النزاع الحالي، عادة لدى موقع الفحص الأمني الأول الذي يفدون عليه، وأحيانا تتكرر العملية في مواقع أخرى عدّة، على حد قول عشرات الرجال الفارين لـ هيومن رايتس ووتش. قال رجال من عائلتين إن 8 رجال على الأقل ممن فُحصوا معهم احتُجزوا بعد فحص بطاقات الهوية”.
وزاد التقرير:” قال الرجال إنهم بعد ذلك فُصلوا إلى مجموعات بحسب أحيائهم السكنية في الموصل، وجاء 4 رجال ملثمين وأشاروا إلى عدد قليل منهم، وأُخذوا بعيدا. قال الرجال إن نحو 7 رجال آخرين قد أُخذوا، دون إبداء عناصر الجيش أو الحشد الشعبي أي تفسير. لم يكن الرجال السبعة عندما غادرت أسرهم إلى المخيمات في الصباح التالي على متن. لم يعرف المتحدثون أي من الرجال بشكل شخصي، ومن ثم لا يعرفون إن كانوا برفقة عائلاتهم أم كانوا يسافرون وحدهم”.
واستدركت المنظمة:” في 10 يناير/كانون الثاني، قال جندي من الفرقة التاسعة المسؤولة عن موقع الفحص لـ هيومن رايتس ووتش إنه متمركز هناك منذ عدة أسابيع وإن كل ليلة يحضر مقاتلو الحشد الشعبي المحليون، المعروفون بمسمى “تشكيلات النوادر” بقيادة عبد الرحيم الشمري، ويحتجزون جماعات من الرجال غير المدرجين في قوائم المطلوبين الخاصة بالسلطات”
واكد التقرير، ليس للحشد الشعبي ولاية رسمية بتنفيذ أعمال الفحص الأمني، وعلى حد علم هيومن رايتس ووتش لم تدرب هذه القوات على أعمال الفحص، ما يثير المخاوف حول إمكانية تعرض المحتجزين للمعاملة السيئة.
وشددت هيومن رايتس، على السلطات ضمان ألا تنفذ أية جماعة أعمال فحص دون سلطة قانونية. عليها إخطار الأهالي بمكان أي شخص تحتجزه، وأن تسمح للأهالي بالتواصل مع المحتجزين، مع ضمان مثول أي محتجز أمام قاضٍ في ظرف 48 ساعة من توقيفه، امتثالا للقانون العراقي. على السلطات أن تُعلن وتحدّث أعداد المحتجزين، ومن أين ينحدرون، وأماكن احتجازهم.
قالت فقيه: “يبدو أن بعض الرجال يختفون حتى بعد تأكيد الفحص الرسمي من قبل قوات الأمن العراقية أنهم ليسوا على قوائم المطلوبين. من المهم للغاية أن تأخذ السلطات جميع التدابير لضمان إعلان أماكن احتجازهم ولضمان وجود توثيق لأعداد المحتجزين”.
واضافت المنظمة:” قابلت هيومن رايتس ووتش 3 رجال من قرية نزارة، التي يسميها سكانها “نزازة”، 40 كيلومترا إلى الغرب من الموصل. قالوا جميعا إن حوالي الساعة 7 صباح 4 نوفمبر/تشرين الثاني غادر 5 رجال آخرين من القرية – التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم داعش حينها – لبيع الخراف في سوق في تل عبطة، 30 كيلومترا إلى الجنوب، وتخضع بدورها لداعش. قال أحد من أجريت معهم مقابلات إن رجلين من الخمسة شقيقاه، وإنه رآهما يغادران القرية ذلك الصباح.
قال رجلان ممن أجريت معهم المقابلات إن بعد ساعات قليلة، سيطر أكثر من 100 مقاتل من “بدر” وهي من أبرز الجماعات في الحشد الشعبي، على نزارة، ونقلوا جميع السكان قسرا بالحافلات، وهم نحو 260 عائلة، إلى قرية جرن، 25 كيلومترا إلى الشرق. تعرفوا على مقاتلي بدر من شاراتهم وراياتهم. ما إن بلغوا جرن، حتى فحص الحشد الشعبي بطاقات الرجال وأخلى سبيل الجميع. مكثا في جرن 15 يوما، مع إمدادهم بالطعام والمشروبات والمأوى، ثم نُقلوا بالحافلات إلى مخيمات لاجئين.
لم ينضم الرجال الخمسة الذين ذهبوا إلى تل عبطة إلى أقاربهم في جرن، على حد قول الرجال الذين أجريت معهم المقابلات. إنما – بعد نحو 10 أيام – رأوهم على شاشة قناة “الولاء”، التابعة لجماعة بدر. نصّت الكلمات المصاحبة للصورة على أنهم مقاتلون من داعش في حيازة كتيبة بدر الثالثة في قرية أم حجرة العليا، 6 كيلومترات إلى الجنوب. قال الرجال إن أسر المحتجزين حاولت معرفة أماكنهم عن طريق التفاوض بتدخل قيادات عشائرية، لكن لم يتبينوا المزيد عنهم.
قال قروي آخر من نزارة، “أحمد” (44 عاما)، إنه و3 رجال آخرين غادروا القرية الساعة 6:30 ذلك الصباح باتجاه تل عبطة لبيع بعض خرافهم، وإن رجال الحشد الشعبي – وقد تعرفوا عليهم من شاراتهم وراياتهم – هاجموهم في طريق عودتهم. أصيب واحتُجز، فضلا عن قروي آخر كان يقود الشاحنة المحملة بالخراف إلى السوق، ولا يعرف ماذا حدث للرجلين الآخرين اللذين كانا معهما في السيارة. قال إن المقاتلين ساعدوه حتى استقرت حالته وعصّبوا أعينهم، ومضوا بهم إلى مكان ما بالسيارة نحو 30 دقيقة.
هناك، على حد قوله، نقلوه إلى غرفة، وظل معصوب العينين طيلة الأيام السبعة التالية. في اليوم الأول أخذ المقاتلون أوراقه ومنها بطاقة هويته ونحو 660 دولارا كانت معه من بيع الخراف. لا يعرف ماذا حدث للسائق. كان معه بالحجرة شخص آخر، لكن لا يعرف هويته، وخشي أن يسأل. عالج الناس هناك جراحه. لم يستجوبه أحد أو يوجه إليه اتهامات محددة، على حد قوله، لكن لم يُسمح له بالاتصال بمحام أو بأسرته. في اليوم الثامن وضعوه في سيارة إسعاف ونزعوا عصابة عينيه. مضت به السيارة إلى جرن، حيث وجد أسرته.
قال أحمد إن شقيق السائق الذي كان معه يوم أوقف أخبره أنه اتصل بصديق في قوات الأمن العراقية وقد أخبره الأخير أنه توصل إلى معرفة مكان شقيقه، الذي تلقى علاج لإصابته في مطار تلعفر، 60 كيلومترا إلى الغرب من الموصل، وكانت قوات الحشد الشعبي تتخذه قاعدة. قال مقاتل من الحشد الشعبي لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات لديها مركز احتجاز في المنطقة، لكن لم يكشف عن موقعه. قال أحمد إنه لم تصله أي أنباء عن الرجلين الآخرين اللذين كانا معه”.