سرمد كوكب الجميل يكتب| بريكس وتطلعاتها زوبعة في فنجان
عراقيون| مقالات رأي
عقد في الاسبوع الماضي مؤتمر بريكس في جنوب افريقيا والمكون من اكثر من اربعين دولة على راسها الدول المؤسسة البرازيل والصين والهند وروسيا وجنوب افريقيا وتم قبول عضوية عدد من الدول وهي مصر والسعودية والامارات والارجنين وايران واثيوبيا وتباينت الاراء حول بريكس ما بين من علق عليها امال وطوحات وهناك من بين التحديات التي تواجهها وايا كانت الاراء لا بد من توضيح بعض الجوانب واهمها التباين الكبير بين اهداف واستراتيجيات الدول وسياساتها فلم يتضح ان كان الهدف سياسيا ام اقتصاديا فيما كانت صيغة التعاملات والدفوعات الدولية وهيمنة الدولار تشكل احد اهم هواجس المؤتمرين وكيف السبيل للخروج من الطوق الامريكي بعقوباته الدولارية ويبرر البعض حجم التجارة والنمو الاقتصادي وصيغة التعاملات البينية بالعملات المحلية وغير ذلك ولغرض فهم كل تلك التغيرات والمستجدات لا بد من التذكير بان ايجاد بديل للدولار ليست عملية سياسية بسيطة بايجاد تجمع غير متجانس الرؤى والايديولوجيات ولغرض فهم واضح لما نحن عليه الان لا بد من التذكير بالتجربة الاوربية اولا والتذكير بالمسارات المالية الدولية طيلة عقود تمتد من اربعينات القرن الماضي مرورا بالخمسينات والستينات والسبعينات والاحداث التي شهدتها المالية الدولية والعالمية وخير ما يمكن الاستشهاد به الاتحاد الاوربي وعملة اليورو لفهم الدرس
بدات الفكرة في بداية عقد الخمسينات من عدد من الدول الاوربية وعلى الرغم من الانسجام الفكري والايديولوجي بينهم الا ان المشروع انتهى بالسوق الاوربية المشتركة وتمثل بتوحيد السياسات باتجاه التكامل الاقتصادي ودخلت بريطانيا السوق بعد طول مناقشات سنة ١٩٧٣ وما بين معارض ومؤيد لذلك، واستمرت السوق لتطرح بعدها فكرة التكامل النقدي وضمن ما كان يسمى النظام النقدي الاوربي واستمرت المؤتمرات والمناقشات عقود من الزمن لتتوج باصدار عملة اليورو في سنة ١٩٩٣ وباعتراض بريطانيا التي لم تدخل ضمن ذلك النظام مما قاد لانسحابها من الاتحاد الاوربي واستمرت مفاوضات الانسحاب من سنة ٢٠١٦ ولغاية ٢٠٢٠ بعد ان تحمل الطرفان تبعات كلفة الانسحاب تلك، ومضمون التذكير بحالة الاتحاد الاوربي للوقوف على ان تجمعا لدول متباينة الاهداف والايديولوجيات لا يعني حل المشكلات المالية العالمية بل ان هذا يضعنا امام حالة اخرى اذا استمرت وتطورت قد تاتي اكلها في نهاية القرن الحادي والعشرين، فالاختلافات عميقة بين الاعضاء المؤسسين منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية فلا يمكن لمؤشر تجارة لدولة تتم معظمها بالدولار او نمو اقتصادي مشوه ان تسوغ بناء صيغة للتعاملات المالية الدولية ناهيك عن اختلاف الرؤى السياسية بين طرف واخر، والاهم البنى الاساسية ومقوماتها فلا السكان ولا اختراق الفضاء’وغزوه ولا القوة العسكرية ولا البنى الاجتماعية المتردية ولا التكنولوجيا وسحرها قادرة على خلق عملة عالمية بهذه السهولة، مما يستدعي بعد كل ذلك المزيد من فهم المسار الطويل للدولار لما يقرب من قرن من الزمن ومسار العملة المنافسة اليورو والذي تجده وبعد اداء ثلاثة عقود من الزمن لا يشكل الا ما يقرب من ١٥ بالمئة من التعاملات المالية العالمية، علما ان كل ما يطرح عن تجمع بريكس لا يشكل سوى ٣ بالمئة ولا بد من فهم امر اخر ان الدولار والمؤسسات المالية الدولية نتاج انتصار ساحق بعد الحرب العالمية الثانية ليسخّر جون كينز في بناء نظام مالي عالمي استطاع الصمود لثمانية عقود من الزمن، وعلى الرغم من كل التداعيات التي يشهدها العالم فما زال الدولار عملة دولية يقبلها الجميع بثقة عالية، ومحط رغبة الجميع افرادا ومؤسسات ودول، ولكن هذا لا يعني ان تتوقف المحاولات في تقويم عمل المؤسسات الدولية وان يكون الدولار ضمن القنوات المالية الدولية كوسيط في النفط والذهب والمعادن الثمينة محافظا على القيمة ويشهد تاريخ الدولار الكثير من المحاولات في لجمه وكبحه بدءا من سلة العملات وحقوق السحب الخاصة ومنذ الستينات والسبعينات ولغاية اليوم ولكنه بقي صامدا وسيبقى لامد غير قصير انه العملة المالية الدولية التي وثق بها اعداؤه قبل غيرهم ..