هل يمكن تطبيق خدمة الإنترنت المدعوم في العراق؟
رغم مرور أكثر من أسبوعين على قرار وزارة الاتصالات القاضي بتطبيق “خدمة الإنترنت المدفوعة”، إلا أنّ الشركات الأهلية وأصحاب الأبراج لم يلتزموا بالتوجيه الحكومي لغاية الآن، الأمر الذي قابله صمت رسمي إزاء القضية.
عراقيون / متابعة
وأعلنت وزير الاتصالات هيام الياسري، الشهر الماضي، إطلاق خدمة الاشتراك المدعوم اعتبارًا من بداية شهر شباط/فبراير الجاري، لمعالجة سوء خدمة الإنترنت وغلاء أسعارها في العراق، مؤكدة أنّ “خدمة الاشتراك المدعوم ستحدّ من تهريب الإنترنت”.
خسائر كبيرة
ويقول “حازم الحديدي” ، صاحب برج إنترنت في الموصل ، خلال حديثه لـ”عراقيون”، إنه “وعلى غرار العديد من أصحاب الأبراج في بغداد لم ولن يلتزموا بتطبيق قرار تقديم أسعار جديدة للإنترنت ضمن خطة وزارة الاتصالات الجديدة”.
ويضيف الحديدي أنّ “الشركات الكبيرة المزودة لخدمة الإنترنت في العراق لم تلتزم بقرار خفض أسعار الاشتراكات السابقة، بل أنها طبقت على أصحاب الأبراج فقط مما قلّل من الأرباح بشكل كبير جدًا”.
وقرّر مجلس الوزراء العراقي نهاية العام الماضي، إلغاء الضريبة على بطاقات الهاتف النقال وخدمة تعبئة الإنترنت البالغة 20 بالمئة، وسط دعوات من وزارة الاتصالات إلى شركات الإنترنت للالتزام بتخفيض أسعار الاشتراكات بالنسبة للمواطنين.
ويستبعد صاحب البرج، إمكانية تطبيق خدمة الإنترنت المدعوم في العراق وذلك لأسباب عديدة أبرزها “وجود ارتباطات غير معلنة مع الشركات المزودة للخدمات”.
ويقول الحديدي إنّ “تطبيق خدمة الإنترنت المدفوعة يضع أصحاب الأبراج في مأزق وخسائر اقتصادية كبيرة كون أن الشركات أيضًا لا تقبل بتخفيض أسعار البطاقات الخاصة بالإنترنت المباعة لهم وهذا عكس ما يعلن في الإعلام”.
وختم الحديدي، حديثه قائلًا إنّ “تقديم خدمة مستقرة للمواطن في العراق تحتاج إلى صرفيات عديدة ومستمرة من ناحية الصيانة الدورية للكيبلات والأجهزة الأخرى، وبالتالي أي تخفيض جديد في الأسعار يعني أن أغلب أصحاب الأبراج سيعملون على ترك هذه المهنة ما يضع الحكومة في موقف محرج”.
وتظاهر العشرات من أصحاب أبراج الإنترنت في العراق، مطلع شهر شباط/فبراير، أمام وزارة الاتصالات وسط بغداد احتجاجًا على تطبيق خدمة الإنترنت المدفوع التي تلزمهم بدفع أكثر من 50%من مدخولهم، على حدّ قولهم.
ماذا تقول وزارة الاتصالات؟
وتبدأ أسعار الاشتراكات الشهرية للإنترنت التي تقدمها الشركات الأهلية في العراق من 35 ألف دينار عراقي، وتصل أحيانًا إلى 180 ألف دينار، مقابل “خدمة رديئة” تكون دائمًا محط سخط وانتقادات المواطنين.
وفي تعليق سابق، لوزير الاتصالات العراقية هيام الياسري، عن الخدمة الجديدة، تقول إنّ “ما يقارب 3 مليون منزل عراقي سيستفيد من هذه الخدمة”، مشيرة إلى أنّ “أسعار الاشتراكات للإنترنت ثابتة ولا يوجد أي تغيير عليها”.
وحددت وزارة الاتصالات، الشهر الماضي، أسعار الاشتراك المدعوم للانترنت بـ 15 ألف دينار لكل 100 غيغابايت، بعيدًا عن الأسعار الاشتراكات السابقة الأخرى.
وحول هذا الموضوع، تقول هيئة الاعلام والاتصالات على لسان المتحدث باسمها حيدر نجم لـ “ألترا عراق”، إنّ “ملف الإنترنت في العراق والخدمات المقدمة للمواطنين يقع على عاتق وزارة الاتصالات والهيئة ليس لديها أي دور تجاه هذا الموضوع”.
وحاول “ألترا عراق”، التواصل مع وزارة الاتصالات، لكن دون فائدة، إذ رفض مدير الإعلام الخاص بالوزارة عمر العامري، الحديث عن هذا الموضوع
ومع ازدياد الحديث عن الخدمة المدفوعة للإنترنت خلال الأيام القليلة الماضية، بدأ العراقيون يعانون من ضعف كبير بخدمة الإنترنت في أغلب المحافظات، الأمر الذي وجه أصابع الاتهام نحو الشركات الأهلية التي تحاول الضغط على الجهات الحكومية للتراجع عن القرار.
من المستفيد؟
في غضون ذلك، يقول ازهر الجواري ، المتخصص في مجال الاتصالات والإنترنت، إنّ تطبيق الخدمة المدفوعة في العراق يعد شبه مستحيل، لأسباب عديدة، أبرزها “عدم قدرة الوزارة والجهات الأخرى السيطرة على تنظيم الأبراج الأهلية الموجودة في المحافظات”.
وبحسب كلام الخبير “ازهر الجواري ” ، فإنّ الأبراج الأهلية في العراق تختلف من منطقة إلى أخرى، وهي تستخدم تقنيات وأجهزة مختلفة، وبالتالي “لا يمكن بث خدمة مستقرة وثابتة في جميع المناطق، مشبهًا ملف الإنترنت بـ”المولدات الأهلية”، التي لم تتمكن الحكومة منذ سنوات من تنظيم عملها.
وفي حديث لـ “عراقيون”، يقول الجواري إنّ “الأسباب الأخرى التي تصعب عملية تطبيق الخدمة المدفوعة هي القضية الاقتصادية حيث أنّ أصحاب الأبراج كانوا يحققون أرباحًا أكثر قبل تخفيض الأسعار نهاية العام الماضي، وهم غير مستعدين لخفض الأسعار مرة أخرى”.
ويشير الجواري إلى أن “الخدمة المدفوعة تصب في مصلحة الشركات المزودة للإنترنت أكثر مما هو في مصلحة أصحاب الأبراج”، مؤكدًا أنّ “الشركات باتت تبيع الاشتراك المدعوم للوكيل بـ 12 ألف دينار ما يعني أن الأرباح تصل إلى 3 آلاف دينار وهو مبلغ قليل بالنسبة لأصحاب الأبراج”.
ويلفت الجواري إلى أنّ “الوزارة وضعت نفسها في مأزق بعد إطلاق هذه الخدمة على اعتبار أنها كانت تضع رسومًا سابقة (استخدام البنى التحتية للوزارة)، على خدمة الإنترنت، أما الآن فقد خسرت هذه المبالغ التي كانت تعول عليها بدفع رواتب وديون الوزارة الخارجية”.
ووفقًا لموقع “سبيد تست” المتخصص في قياس سرعة الإنترنت، فإنّ العراق يحتل المركز 113 عالميًا من ناحية سرعة الخدمة بواقع 28.34 ميغابت في الثانية خلال شهر شباط/فبراير الجاري.ر