احمد خيري العمري يكتب |قليلا من العقلنة في الإيمان لا تضر
عراقيون | مقالات رأي
بالغنا في عقلنة الإيمان، في جعل كل شيء مرتبط بحكمة واضحة وحجة بالغة ومنطق حصيف. قليلا من العقلنة في الإيمان لا تضر. بل أن الكثير منها لا يضر أيضا. لكننا بالغنا جدا على ما يبدو، تمادينا، حتى إذا كان الموقف أكبر وأعظم وأشد من كل تجاربنا السابقة وجدنا العقلنة قد أخذت منا جزءا أساسيا من الإيمان.
بالغنا في العقلنة حتى نسينا ( أو نسي البعض منا على الأقل) الحكمة في التسليم بما يحدث دون أن تفهم الحكمة المباشرة التي تعودت على إيجادها في سابق حياتك. نعم، ثمة جانب ” لا عقلاني” من الإيمان، لا بمعنى أنه مضاد للعقل، بل بمعنى أنه غير خاضع للعقل. ليس المطلوب من العقل أن يجد الحكمة الإلهية في كل حدث، وليس من المطلوب من العقل المؤمن أن يجد كل أسماء الله وصفاته في كل حادثة، بل عليه أن يسلم بقصور عقله الشخصي عن الفهم أحيانا، ..
العقل الذي خلقه الله قاصر؟ كيف؟
العقل الذي خلقه الله فينا لم يضعه لكي يرى الغيب أو المحجوب أو النهايات البعيدة ونحن لا نزال في البدايات..أو الصورة الكبيرة ونحن لا نرى غير أجزاء صغيرة منها. تسليم العقل بقصوره عن فهم الحكمة من كارثة ما، من الآم وأحزان وأيتام وعوائل تباد بأكملها، …هذا التسليم الشجاع بحقيقة عدم الفهم، ومع التسليم بالصبر والإيمان هو جزء مهم وفاعل من الإيمان في كل زمان ومكان، لكن ظروف العصر أبرزت جوانب أخرى، وركزنا على الجزء العقلاني الذكي اللماح من العثور على الحكمة من كل شيء..
ثم نصطدم بشيء مختلف ونستخدم آليات الفهم العقلاني، فلا نتوفق.. ونتذكر التسليم بلا شروط ، نعم، قد لا نفهم الحكمة المباشرة، وقد نبحث عنها فلا نجدها، لكن هذا لا يعني أنها غير موجودة في مكان ما من الصورة الشاسعة الكبر.. طبطبوا على أسئلة الناس، ترفقوا بهم وبما يقولونه في لحظاتهم الصعبة الحرجة. تقبلوا اعترافهم المر بأنهم لم يفهموا وربما لن يفهموا. توقعوا أن تكون هذه الأسئلة موجودة في أقرب الناس دون أن يبوح بها، ربما موجودة عندنا دون أن ندري…أو دون أن نجرأ على أن ندري ..
ما حدث كبير، وبمقاييس منطقتنا العربية وعصرنا الحديث غير مسبوق.
وبمقاييس تراكم الكوارث أيضا ، لكن، هذا وقت التسليم علينا أن نعود إلى ” سنة أولى إيمان ” .