مؤتمر ” سمك لبن تمر هندي ” ! علي حسين
هل شعر المواطن الكندي بالاستغراب ، وهو يشاهد رئيس وزرائه جاستن ترودو، يُستجوَب ،لأنه قضى عطله في جزر البهاما ، على نفقة صديقه كريم آغا خان الذي تحمّل النفقات كافة بما في ذلك الرحلة .
وترودو يُعدُّ أكثر رئيس وزراء شعبيّة في كندا ، يواجه تهمة الإخلال بالشفافية ، وهي بالتاكيد تختلف عن شفافية علي الدباغ التي لايزال يتمتع بأموالها في مولات دبي . لكنني ، أنا المواطن العراقي الذي يتمتع بخيرات الشهرستاني النفطية ، وينتظر كلّ صباح ، آخر ما تجود به قريحة خادم بغداد عن أفضل الطرق للعيش بصمت ، أمضيتُ اليومين الماضيين وأنا أستمتع بالفيلم الكوميدي ” حوار بغداد “.
لا يستطيع أحد أن يُجادل في أنّ حوار بغداد به عناصر جذّابة كثيرة ، كما أنّ به بقايا حملة التسوية التاريخية التي اكتشفنا أنها لم تكتب بعد ، هذا ما جادت به قريحة محمود المشهداني أثناء مداخلته ” الفلسفيّة ” وهو يسخر من الذين يهاجمون التسوية ، لأنها أصلاً غير موجودة ، وهي مجرّد فكرة ، ولم يُجب المشهداني على سؤال :وماذا عن الوثيقة التي نشرها مكتب السيد عمار الحكيم في وسائل الإعلام ؟ لايهمّ فالمشهداني لايعرف من يحكم العراق حتى هذه اللحظة ! هل هناك دروشة أكثر من هذه ؟ نعم ما قدمه النائب علي الاديب رئيس كتلة دولة القانون حيث أخبرنا أنّ سبب مشاكلنا هي الديمقراطية غير المسؤولة التي يمارسها الشعب الذي دائما ما يستغل هذه الديمقراطية لصالحه ، السيد الأديب لم يكتف بذلك ، بل قدّم مشهداً عجيباً وغريباً ، عندما وجّه رسالة إلى الشعب يطالبه بأن يترك الطائفية ، ، ثم يطرح الأديب نظريته الجديدة وخلاصتها : لماذا أُدافع أنا عن طائفتي وأنت تدافع عن طائفتك ؟ كلام جميل ومعقول ، لو أنّ السيد الاديب التزم به عندما تسلّم وزارة التعليم العالي ، فالوقائع تقول إنّ أول قرار اتخذه كان تغيير كادر مكتبه الوزاري ،سُنّة وشيعة ، واستبدلهم بأعضاء من حزب الدعوة حصراً !
والحاصل أننا اليوم أمام فيلم كوميدي مشوّش الأهداف والغايات، فتارة يُعلن أصحابه أنه لإسقاط الطائفية ، وآخرون يقولون إنهم لايريدون إقصاء أحد من المكونات ، وإنما يستهدف اجتثاث الشعب الذي أضرّ بالديمقراطية ، وهكذا يتخبّط أصحاب المؤتمر في البحث عن مبرّرات لما يدعون إليه، على نحو يدفعك لتعرف ما هي القرارات التي خرج بها المؤتمر.
وأكرر ما قلته في هذا المكان من قبل: العراق يحتاج الى قوى سياسية فاعلة تنبت من هذه الأرض لاتعترف بفلسفة خضير الخزاعي التي حاول أن يطبقها أيام ” المصالحه المستدامة ، حيث حاول ان يجمع الرجل الفسيفساء العراقي ليصنع منه معجون محبّة ” !
لو كنتَ فهمتَ شيئاً من فلسفة خضير الخزاعي ، ستفهم حتماً مؤتمر حوار بغداد ، الذي ذكّرني بالفيلم المصري الشهير سمك لبن تمر هندي .