سرمد كوكب الجميل يكتب | كان الله بعونك ايها الدينار
عراقيون/مقالات رأي
كنا نتحدث في جلسات ليالي الصيف الماضي عن الكتلة النقدية الهائلة الموجودة في البلد وفق المنشورات الرسمية … قال البعض لا تتخيلوا كم حجم النقد المتوفر في البلد قلت نعم انها كتلة نقدية كبيرة ولكن المشكلة انها خارج المنظومة النقدية وكنت قد كتبت منشورا بعنوان النظام المصرفي خط الصد الاول للازمات والاخطار ووصفته بانه كمنظومة الماء في الدار فاذا كانت مثقوبة او سربت الماء فانه سيدمر الدار فكذلك النقد تسربه خارج المنظومة النقدية والمصرفية سيدمر البلد ويلحق به الاذى، علق احدهم قال كيف تكون منظومة النقد مثقوبة؟ فقلت له ان النقد عندما يخرج منها بغير اسس مالية وقانونية ويدور ويسرح ويمرح خارج قنواتها ..وقد فعلت تلك الكتلة النقدية فعلها فقد ذهبت بقيمة دينارنا بعد ان زاد عرضه في السوق ودار في قنوات الفساد ….فمن يحفظ قيمة الدينار ؟ انه كالانسان في المجتمع فهو من يحترم نفسه ويجعل الاخرين يحترمونه وهو من يجعل لنفسه قيمة لا الاخرون فكذلك الدينار فالمؤسسة النقدية هي من يضع للدينار قيمته وهيبته فيجعل الاخرين يقيمونه ويحترمونه وضياع هيبة العملة يعني ضياع ثقافة البلد ولغته وتكسر علاقاته الاجتماعية ومن ثم ضياع هيبة ناسه فيشيع الفقر والجريمة ويسحق كل محاولات التنمية والتطور التي يتحدثون عنها، وهذا ما عَلّمَنا اياه واقعنا منذ اربعين سنة وبالتحديد سنة ١٩٨٥ عندما توقفت منظومة الاستيراد والتصدير المصرفية وسمح بالتهريب بحجة استيراد بدون تحويل وجاءت ٢٠٠٣ واجهز على المتبقي من المنظومة المصرفية واستطاع القطاع التجاري ان يخلق له اليات بدائية في الاستيراد والتحويل وهمشت التعريفة الجمركية واختلط الحابل بالنابل فلا تحتاج الى اثباتات وبراهين …لماذا تلك الكتلة النقدية الكبيرة خارج المنظومة المصرفية؟ هل ان المصارف لا تستوعبها واين المدخرات من تلك الكتلة النقدية؟ ومن يحتفظ بها؟ واين ؟ وكيف تتم عمليات الاستيراد والتحويل والتامين وفرض التعريفة الجمركية وما هي الضمانات وماهي الاليات كل هذا كان مادة للتحليل في البرامج التلفزيونية وغيرها خلال الاسابيع الماضية.وانكشف المستور وبانت الخفايا ويصعب اليوم فهم المتراكمات والطقوس والاعراف التجارية السائدة في الاستيراد منذ خمسة عقود مما يستدعي النظر بمسألتين الاولى عمليات الاستيراد كاملة والثانية فهم دور حجم عرض النقد؟ وكيف يمكن السيطرة عليه؟ واذكر مقولة لرئيسة وزراء بريطانيا ماركريت تاتشر ابان ازمة ١٩٨٤ عن اهمية السيطرة على عرض النقد وادارته رغم التحديات التي واجهتها::
I should control money supply!!!
وفعلا حققت ما ارادت ..
ولقد تحولت المشكلة عندنا من موضوع سعر الصرف وهو مسالة ماليةونقدية الى موضوع عام للنقاش والتسلية وكان تدخل دولة الدولار لاحترام دولارها وليس لاحترام دينارنا بل حمّلنا الاخر مشكلتنا كالعادة التامر والتدخل ولم نعترف اننا طيلة اربعين سنة خذلنا هذا الدينار بالحروب والحصارات وخفض القيمة ولو استطاع الدينار النطق لحدثنا بالحقيقة وما زلنا مستمرين وكان الله بعونك ايها الدينار ….