هادي جلو مرعي يكتب|كردستان بين القصفين
عراقيون/ مقالات رأي
ربما تكون أراضي إقليم كردستان الممتدة على حدود دول عدة في الشرق والغرب والجنوب والشمال من أكثر البقاع التي جربت فيها أنواع من الأسلحة التي صنعت في فترات زمنية عدة عبر تاريخ من الحروب لم ينقطع، ومنذ أيام السيوف والخناجر، حتى زمن الباليستي والمسيرات والطائرات الحديثة تواجه هذه الأراضي، ومن يسكنها تحديات جسيمة لاتكاد تنتهي، مرتبطة بإستمرار الحلم الكردي في الأستقلال عن دول في المنطقة، وقوميات متنفذة تمتلك عوامل الهيمنة الثقافية والإقتصادية والعسكرية، وقد تحالفت ضد الكرد عبر عقود من الصراع، وإشتركت في إتفاقيات، ومعاهدات وحروب لوأد الحلم الكردي في تقرير المصير، ويكاد يكون العرب هم الأكثر تفهما للمطالب الكردية حيث يوجدون في سوريا والعراق، وقد هيمنت على الدولتين الإمبراطوريتان العثمانية والفارسية الحليفتان التقليديتان بالرغم من مظاهر التنازع على النفوذ بينهما، إلا إنه من الواضح وجود إتفاق على أبقاء العرب والكرد في مستوى واحد من الحضور والتأثير الضعيفين، حتى مع وجود أنظمة حكم تكاد تكون مستقلة فيهما غير إنهما (سوريا والعراق) مافتأتا تحت التاثير التركي الإيراني الذي تؤطره معاهدات وإتفاقيات وقعت بين الجانبين خلال المائة عام ونيف المنصرمة.
رب سائل يسأل عن أسباب إستمرار القصف الممنهج على أراضي إقليم كردستان العراق، والذي تسبب بقتل الآلاف من المواطنين، وفي حروب وحملات عسكرية شنتها السلطات في تركيا وإيران، وكذلك في سوريا والعراق كما حصل في الثمانينيات والتسعينيات، وفي أثناء التوغل التركي لعشرات الكيلومترات في العمق العراقي؟ وجواب ذلك سهل، لكنه مؤلم، ومرتبط بعوامل قوة ونفوذ وغلبة، وعدم توفر أدوات القوة كما ينبغي لدى الكرد مثلما هي لدى دول الإقليم الرافضة لتلبية مطالب الشعوب الكردية في الحرية والإستقلال والعيش على وفق معايير وقيم الكرد الثقافية والقومية، وعلى مدى سنوات طوال تم رفض تلك المطالب في مؤشر على ديمومة الصراع والمواجهة التي أستمرت الى الآن، وهي مرشحة للإستمرار الى زمن قادم غير معلوم يستدعي الصبر والعزيمة والتسلح بالإصرار، ولكن من الواضح إن رافضي المطالب الكردية هم من يمتلك القوة الأكبر، يرافق ذلك مواقف المجتمع الدولي المبنية على المصالح، وليس على المباديء والأخلاقيات.
القصف التركي الإيراني المتكرر يستدعي موقفا رسميا من بغداد التي تعاني ضعف قرارها، وعدم توفر أدوات السلطة الفاعلة، ونظام الحكم المستقر الذي يستطيع فرض شروطه في الصراع، وهو الأمر الذي لن يساعد في إتخاذ تدابير ذات قيمة لمواجهة ذلك القصف، والى أن نتمكن من خلق توازن إقليمي تبقى كردستان بين القصفين.