محمد صالح البدراني يكتب| التكنوقراط الفني والتكنوقراط السياسي
عراقيون/ مقالات رأي
ومضة المقال
طرح الأخ الفاضل بروفسور نديم الجابري تمييزا بين تسميتين بما يستحق كمصطلح مزدوج الدخول في القاموس السياسي وهو الفرق بين مستويات التكنوقراط الفني والتكنوقراط السياسي، ووجدت أن أكيّف هذين الوصفين ليكونا بعد ذلك مصطلحا مفهوم المعنى بنطقه يستفاد منهما.
التكنو قراط:
التكنوقراط كلمة من أصل يوناني قديم تعني (حكم الفني) أحياها إلى التداول “اقتبس من الموسوعة السياسية”(الأمريكي هنري سميث – Henry Smyth وذلك في عام 1919م عندما استخدم مصطلح التكنوقراط – Technocracy في مقاله الطرق والوسائل لكسب الديمقراطية الصناعية – The Ways and Means to Gain Industrial Democracy الذي نُشر في مجلة الإدارة الصناعية – journal of Industrial Management. مُشيراً إلى أنَّ الديمقراطية الصناعية يمكن أن تُطبق عن طريق إدماج العُمال في صنع القرار من خلال الشركات القائمة. (“انتهى الاقتباس”
واعتمدت بصيغتها عبر الزمن في فصل كواقع حال بين التقني والسياسي، هنا نتحدث عن تكنوقراط فني أو بصورة اشمل عن تكنوقراط بمرجعية أكاديمية سواء في العلوم الفنية أو السياسية أو الاقتصادية وممارسة إدارية فنية سواء في الحقل أو في بنايات الإدارات والإدارات العامة الفنية والتي تمارس غالبا الإدارة الفنية وبعض الأصول في الإدارة العامة للدولة.
هذا النوع ينجح في الموقع وما يدير الموقع إلى درجة وكيل وزارة أقدم أو فني، رغم أن وكيل الوزارة يحتاج إلى لمحات سياسية، لكن لا يصلح أن يكون وزيرا في موضع متطلبات مهارة سياسية.
السياسي والعامل في السياسة:
سبق أن كتبت مقالا بهذا العنوان للتمييز بين السياسي والعامل في السياسة، التكنوقراط الفني يعتبر من العاملين في السياسة عندما يكون وزيرا وهو ليس سياسيا، من اجل هذا فانه يلجأ إلى اللوائح والقوانين وسلسلة المراجع في حل مشاكله أو تبيان سلامة موقفه، بينما الأمر يحتاج إلى إدارة من نوع آخر، ولاحظنا هذا جليا في عدد من الوزارات العراقية ومواجهة المشاكل عندما تتعلق بالدول الأخرى كمشكلة المياه والطاقة عموما وفقر الحلول إضافة إلى هزالة الحلول المطروحة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل حتى الجانب الفني يصبح غير كفئ في المشاكل والأزمات لغياب البعد الاستراتيجي في عقلية التكنوقراط هذا وإدارته وتسخيره للمعطيات مهما كانت سلبية.
التكنوقراط السياسي:
التكنوقراط من ذوي المعرفة في السياسة علما وتقنيات وأساليب، فالسياسة كما وصفنا دوما هي إدارة مصالح في الداخل والخارج، وعندما يكون تكنوقراط فهو يملك معرفة تقنية وسعة أفق تبتكر حلولا للمشاكل والواقع وبالتالي تمريرها كسياسي وهذا هو تمام الكفاءة في العمل الحكومي وجمع بين الإدارتين الفنية والإدارة العامة هذه الشخصيات تصلح لإدارة الحكومات ومفاصلها في الوزارات، لأنها تحمل موسوعية الفكرة وسعة التصور والأفق وعمق التجربة.
ومن الشخصيات السياسية الكفء مثلا لا حصرا هما نوري السعيد في الحكم الملكي وعبد الرحمن البزاز في الحكم الجمهوري …. ويبقى الأمر متعلقا بنوع النظام ومساحة الحركة للوزراء إن كانوا وزراء تفويض أم وزراء تنفيد، وقد يتساوى الصنفان عندما تكون الوزارة وزارة تنفيذ كما في الحكم المطلق لكن يتضح الخلل في الحكم الديمقراطي.
مجتمعنا تلعب السياسة فيه دورا مهما، لهذا تجد اغلبيه متمة بالسياسة وتجد من لا يجيد السياسة يفتي بها ومن يجيد السياسة يبتعد بنفسه عنها متجنبا التكتلات والعمل بالسياسة لان المساحة التي تعطى له هامشية والسياسي مدير بطبعه معرّف الغايات وينظر إلى الأهداف بشكل هادئ وهذا لا يتحقق إلا بأجواء صحية يفترض أن يحاول توفيرها قبل اعتزاله.
العمل السياسي عندما يكون عند تكنوقراط سياسي هو أفضل من أن يحوي احدى الصفتين، ففي الظروف الصعبة أو في الأزمات أو ما تقارب الأزمات، لا ينظر إلى الأمور للحكم على العاملين وإنما ينظر إلى الإيجابية في كل التكتلات بغرض تطوير الإيجابية وتثبيط السلبية وهذا ليس بالأمر السهل وعليه ألا يتوقع الرضى من منظومة حاضرة لكن بالتأكيد سينصفه التاريخ كما أنصفنا بالذكر نوري السعيد والبزاز رحمهما الله.