هادي جلو مرعي يكتب | هل يأتي الحل من كردستان
عراقيون | مقالات رأي
آخر ماوردني من معلومات أن مسقط دخلت على خط الأزمة السياسية في العراق بهدف الوصول الى تفاهمات تفضي الى حلحلة وإتفاق بين أطراف عراقية مصرة على مواقف لايمكن أن تؤدي الى نتيجة، خاصة وإنه لايمكن تسمية مايجري في هذه البلاد بأنه لعبة سياسية، فلايبدو إن من يمارسون السياسة في العراق يعرفونها، أو تدربوا عليها، وهم يناجزون بعضهم كما في ميدان الحرب، سيوف تتقابل وتلمع وتهوي على الرقاب، وليس من رغبة في التفاهم والإتفاق نتيجة لنوع الصراع، والقوى التي تتبنى مواقف متشنجة ومتشددة، وبعضها يميل الى إستمرار المواجهة لأطول مدة ممكنة لنيل المزيد من المكاسب.
فعجلة النهب والسلب لم تتوقف عن الدوران منذ أن أتيحت الفرصة لسرقة الدولة، ومصادرتها لحساب قوى نفوذ لاتجد من مصلحة في وجود دولة خشية خسارة مانزل عليها من مكاسب، وماحوته من مغانم لم يكن يحلم بها أحد من الذين أصابهم غرور السلطة والمال مع إنهم لم تغادرهم ذكريات مؤلمة عن زمن الدكتاتورية التي جعلت العراقيين يبحثون عن أمل، وإذا بهم يفاجأون بمن يبلغهم أن الأمل مات فلاداع للبحث عنه اللهم إلا إذا كان هناك من لديه رغبة في العثور على جثته لدفنها ومواراتها الثرى.
خلاف عميق آخر في جزء منه متجذر، وفي جزء حديث النشأة بين قطبي كردستان، منه ولكنه ليس وليد المرحلة. فخلاف الكورد قديم قبل أن يفكر أي (شيعي) إنه سيأتي اليوم الذي يكون فيه (الشيعة) بعنوان الأغلبية والحكم، وقبل ان يتخيل أي (سني) أن الامور يمكن ان تنقلب كما حصل في العام 2003. فالصراع الكردي الكردي قديم، وأخذ حيزا من الإهتمام كبير خاصة وإن هذا الصراع سببه طول فترة النضال من أجل تحقيق المصير ونيل الحقوق وسط حصار خانق مارسته، الأمم الكبرى الثلاث المطوقة لمناطق الكورد في جغرافيا وعرة وهائلة، وتصعب مهمة حسم الصراع.
مع التغيير، وإنحسار شدة الصراع بعنوان المكونات القومية والطائفية صرنا نفهم كيف ينشأ الخلاف بين الشيعة والشيعة، والسنة والسنة، مع فهمنا لخلاف الكورد المتجذر والقديم، مع نشأة الإدارات المستقلة في مناطق الكفاح الكردي، وظهور نزعات فكرية رسخها النضال الكردي في تركيا خاصة، وفي إيران وسوريا، ومع ظهور حزب العمال والفكر اليساري الذي صار شريكا في المهمة، الى جانب قوى الإسلام السياسي الكوردي، والقوى القومية، عدا عن قوى التمدن والتحرر الفكري التي ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية.
عقدة رئاسة الجمهورية فتحت باب النقاش، وسلطت الضوء على خلافات قديمة برغم محاولات وجهود تخفيف التوتر التي شهدها الإقليم، وأكدها الرئيس نيجرفان برزاني في السليمانية، ولقائه بالسيد بافل طالباني، وعدد من قيادات الإتحاد الوطني، وإتفاق وقف المناوشات الإعلامية، وتصريحات السيد فاضل ميراني الأخيرة بوجود مبادرة سيقدمها للبرزاني لإحداث خرق في أزمة إختيار رئيس الجمهورية، وفي حال جرى إتفاق بين القوى الكردية، فقد ينسحب إيجابا على الوضع في بغداد للمرور نحو إختيار رئيس للحكومة المقبلة، وتحجيم الخلاف بين القوى الشيعية التي لايبدو أنها تريد أن تتفق.