محمد صالح البدراني يكتب | فضاءات التكامل في إدارة الموارد المائية
عراقيون | مقالات رأي
منطقة الخليج والأردن والعراق عموما ومنه أربيل في إقليم كردستان يعاني بأشكال متعددة من شحة المياه خصوصا مع مواسم الجفاف التي تمر وشحة المياه في المنبع، فبات الأمر يتطلب أن يحافظ الكل على كل قطرة نظيفة.
حلول ترتكز على معايير السيادة والحدود السياسية على الجغرافيا، فات وقتها وأضحت مكلفة ومهددة للاستقرار مبشرة بالدمار، فالمياه في شحة، لكن لهذه الشحة أسبابا عدى التغير المناخي الذي بات مؤثرا نشاهد اضطراب الأنواء وثورتها تارة وسكونها تارة أخرى وهي أسباب إدارية وضعف الفكرة والتفكير العلمي وتفاعل مراكز الدراسات التي مازالت تقوم بالواجب ضمن الصندوق ولا تحفز على الابتكار في الحلول أو هنالك تشجيعا لها، فمن الضروري أن تكون هنالك مراكز للدراسات والبحوث وتأهيل الكوادر إداريا وفنيا لتتابع جيلا بعد جيل التطور الذي يحصل في حالة المناخ والأمطار والبدائل التي تعوض النقص وحصاد المياه بوسائلها المتعددة، وإدارة المياه الجوفية وبناء منظومات تدير كل هذا وهو طريق شاق يحتاج إلى بداية سريعة واتفاقات مشاركة (JOINT-VENTURE) مع دول متقدمة في هذا المجال خصوصا تركيا التي نشترك معها في أنها المصدر الأكبر لمياه العراق مثلا والمزود المحتمل في إدارة المياه في المنطقة، وتكوين دراسات ذات بعد استراتيجي ومشترك في إنشاء وإدارة الموارد والسدود وطرق الري وتكييفها والتدريب للفلاحين عن طريق تدريب المرشدين الزراعيين والمهندسين.
عمل الفضاءات مشروع ضخم لكنه ممكن ويحتاج إلى بداية وبدعم لوجستي ليس بالمكلف خصوصا بوجود أرضية وأبنية ممكن استغلالها للشروع في سد الموصل مثلا باعتباره السد الأكبر في العراق.
المنطقة كلها تتعرض لازمة مياه وهي منطقة تحتاج إلى فضاءات التكامل في إدارة المياه
الفضاء الأول: هو فضاء دول المنبع والمصب وهنا ينبغي إقامة إدارة مشتركة للتخطيط وإدارة الموارد وفي هذا تفاصيل.
الفضاء الثاني: فضاء سيحان وجيحان وامتداد أنابيب عبر سوريا إلى سد حديثة ثم يتوزع إلى الأردن ودول الخليج حيث يزود بالمياه للشرب والاستخدام المنزلي دول الخليج كبديل عن تحلية المياه، وهذه ضمن استثمارات ومشاريع مشتركة بين دول المصب للأنابيب والناقلة والمصدر حيث ينشأ فضاء للتكامل آخر.
الفضاء الثالث: هو فضاء داخلي للعراق حيث يستغل ارتفاع سد حديثة عن مستوى سطح البحر لتمرير أنابيب لمياه الشرب بشكل مباشر من بحيرة ناظم ينشأ بحساب الفضاء الثاني والثالث وهذا يفيد ليس في تامين مياه الشرب فقط وإنما التخلص من فترة تلوث المياه عند موسم الشحة.
هذه الفضاءات الثلاث هي الفضاءات الأساسية التي تغطي شرق البحر الأبيض المتوسط والتي يمكن لدول المنطقة أن تتعاون لإقامة منظومة الأواني المستطرقة في تبادل العوائد والفوائد وليس جلب المياه لترمى في البحر باي شكل نقية كانت أم ملوثة
الفضاء الرابع: منظومة مياه داخل العراق: هو المياه الجوفية الموجودة في الصحراء الغربية والأنبار وإدارتها بعد دراسة عميقة، وكذلك تحلية مياه البزل للزراعة وتحلية مياه البحر للشرب واستخدام منزلي وصناعي وزراعي بطرق حديثة مع تربية الأسماك وتطوير هذه المشاريع الصغيرة وتعظيمها، كذلك صناعات الدواجن واللحوم وكل هذه ممكن أن تقام لها مشاريع فرعية تأخذ مياهها من تجمعات المبازل كمجمع العزيزية مثلا.
الفضاء الخامس: فضاء مياه الشرب في مركز أربيل وضواحيها
أربيل تتوسع أفقيا بشكل مضطرد، وهذا التوسع يتطلب إمدادات للخدمات واللوجستيات ومنها مياه الشرب النقية، موقع أربيل القريب من الزاب لكن عمليا هو مسافة مؤثرة
أربيل تعتمد على مصدرين للمياه، الأول هو مشاريع إسالة أفراز وهي قرية تقع على الزاب، والثاني وهو نسبة كبير (تحتاج إلى حصر ودراسة) وهي الآبار الارتوازية في المجمعات، وهذه تجف أحيانا خصوصا وان مواسم الأمطار ليست كافية لإسعاف الطلب على المياه.
وضع أربيل ليس صعبا مادام الزاب جاريا، فمن الممكن إقامة ناظم يدرس على حاجة المياه لأربيل، وتقام عليه منظومات متممة في افراز ووفق دراسة أيضا لتغطية حاجة أربيل بالكامل من الإسالة مع دراسة للمياه الجوفية وكيفية أدارتها والاستفادة منها وتعقيمها أو تقطيرها لتكون صالحة للشرب أيضا، وحبذا لو تنشأ منظومة تعنى بهذا الأمر
خلاصة القول: باتت مراكز بحوث ودراسات لهذا الغرض ضرورة، وبات التعاون لحفظ كل قطرة ضروري وكذلك التعاون في تحديث أساليب الزراعة والاستثمار للموارد البشرية والطبيعية والثروة الحيوانية وغيرها، ولابد من بداية لعمل جاد يؤسس وينمي الكوادر لهذا التحدي.