رمضان حمزة يكتب | الماء أرخص موجود وأغلى مفقود هل سيضع العراق على “أجندة العطش”
عراقيون | مقالات رأي
يعرف الماء بانه “ارخص موجود وأغلى مفقود” وهو السبب الأساس في ديمومة النظم الطبيعية لكوكب الأرض من الهواء والتربة والتنوع الإحيائي – وفي حالة فقدان المياه أوشحتها فيكون هو التهديد الأكثر إثارة للقلق للاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلدان التي تعاني من قلة في الأمطار وتراجع في واردات المياه السطحية والجوفية وتصنف بانها أزمات المياه ، اعترافا بعواقبها البعيدة المدى ، على أنها خطر مجتمعي….
وهذا هو حال العراق التي عانت من ويلات حربين وحصار دولي وازمات سياسية متكررة مما اثر بشكل كبير على اصلاح البنى التحتية، مما يتطلب تخصيصات مالية كبيرة لاعادة ترميم وصيانة المشاريع القائمة والتي تقادمت في عمرها الإنشائي وفي تطوير مشاريع السدود و الري كون معظم موارد العراق المائية هي التي ترد من خارج حدوده السياسية وتقدر نسبتها حوالي 70% من مصادره الكلية مما يجعل من سيادته على هذه الموارد مهددة وغير كاملة وهذا يعني في الأستنتاج الأخير ان هناك ضغط من قبل الدول المتحكمة في مصادر هذه المياه. ولهذا فان واقع الحال والمستقبل يشير بان العراق يشهد تناقصا مستمرا في موارده المائية المتأتية من نهري دجلة والفرات وروافدهما وكذلك تردي نوعية وجودة هذه المياه لأن دول التشارك المائي كلً من تركيا وإيران مسنمرتان بأنشاء وتطوير المشاريع التخزينية ( السدود ) والأروائية في أعالي النهرين دجلة والفرات, مما يؤثر سلباً على العراق كدولة مصب، ويتم تحقيق استغلال اكبر للمياه المشتركة على حساب الواردات المائية المتأتية للعراق. لذلك فان التحكم بتصاريف المياه الواردة الى العراق مستمر وخاصة في السنوات الأخيرة بعد العام 2003 والسبب الرئيسي هو توسع تركيا في انشاء مشروع الكاب ( GAP ) والذي يتضمن بناء اكثر من 22 سدا منها 18 سد على نهر الفرات و4 سدود على نهر دجلة و19 محطة كهرومائية وكذلك انشاء شبكات للري والبزل لزراعة مساحة 1.7 مليون هكتار .وكذلك قيام ايران بتنفيذ مشروع المياه الأستوائي ( TWP ) على الانهار المشتركة وهي روافد نهر دجلة التي نشكل تقريبا 25% من الواردات السنوية لنهر دجلة في العراق وتغذي سدود دوكان ودربنديخان وحمرين ونهري الكارون وكرخة التي تغذيان شط العرب وتحافظان على عذوبة المياه في شط العرب ومنع اللسان الملحي من التمدد.
هذين المشروعين في تركيا وايران هم السبب الأساس في تناقص الخزين الإستراتيجي في خزانات السدود العراقية بصورة خطيرة والى الحد الأدنى واخذ ذلك يهدد الساكنين في حوض النهرين بسبب تناقص المساحات الزراعية وحتى في نقص في مياه الشرب في بعض المحافظات مثل محافظة ديالى سلة غذاء العراق.
وهذا أنعكس بشكل جليً على تغذية المياه الجوفية والحفاظ على مخزونها الجوفي في العراق بالاضافة الى تاثير تغير المناخ بقلة الامطار وتزايد مواسم الجفاف كون استمرار تغذية المياه الجوفية تعدُ من العوامل الأساسية في إستدامتها ، وتلعب المياه في الانهار والمسحطات المائية الدائمة اي التي لا تجف كل عام دوراً في إعادة التغذية ، بناءً على هذا الارتباط ، فان نقص الخزين الاستراتيجي والاستنزاف الكبير للمياه الجوفية سيضع العراق عاجلاً او آجلاً على “أجندة العطش”.
والغريب في الأمر بان ضعف ادارة الملف المائي مستمر في العراق، سواء برفع التجاوزات او تحديث طرق الري ونوع المحاصيل كما لا يوجد تحرك فعليعلى التنديد بانتهاكات تركيا وايران لحقوق العراق المائية او اتخاذ إجراءات قانونية ورفع الموضوع الى المحكمة الدولية لأن قطع المياه يعني تهجير السكان وقطع ارزاقهم والأخلال بالواقع الديموغرافي لساكني حوض النهرين , فعلى الجانب العراقي التحرك السريع إزاء تلك التجاوزات الكبيرة من قبل تركيا وايران على الحقوق المائية للشعب العراقي والاسراع في الاصلاحات الداخلية في قطاع الموارد المائية وحسن إستخدامها.