رمضان حمزة يكتب: كي لا تكون ” قِسْمَةٌ ضِيزَىٰٓ ” على العراق مطالبة دول الجوار المائي بمراعاة مبدأ عدم الإضرار وليس تقاسم الضرر
الإدارة المائیة المستدامة لها عدة زوایا متنوعة وأحد أهم هذه الزوايا هو العمل على تحقيق الإستدامة للموارد المائية من خلال بحث الارتباط بين انعدام الأمن المائي من جهة والضعف والنزاع والعنف من جهة أخرى. كون تحقيق الأمن المائي بشكل خاص يحتاج الى نهج إقليمي مشترك مع دول الجوار المائي للعراق، إذ أن موارد المياه المشتركة والتي تعبر الحدود الدولية، تحتاج الى الإدارة الفعالة الطويلة الأمد لضمان إستمرار التعاون بين دول المتشاظئة بهدف تعزيز إدارة المياه بشكل مستدام وفعال ومنصف وخاصة في الحالات الهشة بسبب المخاطر المتعددة الناجمة عن النزاعات بسبب ندرة المياه والتغير المناخي كما في احواض دجلة والفرات والنيل، وهو هدف يمكن أن يساهم في تحقيق السلام والازدهار والاستقرار. ومالم تُتّخذ إجراءات بشأن المياه، فإن العواقب السياسية والاقتصادية ستكون وخيمة. بسبب تأثيرات التغير المناخي على المياه وسوء الادارة إذا لم يكن هناك استراتيجيات للتكيف مع التغير المناخي وتخفيف وطأته،واتباع ممارسات مستدامة وشاملة وطويلة الأمد في إدارة المياه. لأن المنطقة لا تعاني من ندرة المياه وحسب، بل وأيضاً من النزاعات وعدم الاستقرار، وتحتاج بالتالي إلى تدخل فوري وكذلك إلى استراتيجيات طويلة المدى. كون معالجة الحاجات المعيشية قصيرة الأمد قد تساهم في الحد من تحديات الاستدامة البعيدة الأمد.. وتحلیل النزاعات المائية يجب أن يأخذ الجانب التكاملي وليس تبني وجهة نظر بلدان المنبع أو بلدان المصب. بل أن يأخذ بالتنمیة المستدامة في قیمتها في تحليل النزاعات المائية لإعتمادها بشكل أساسي على التطبیق المتوازن لثلاثة من المبادئ المعنیة بالموارد المائية الدولية المشتركة وهي (العدالة الاجتماعیة والكفاءة الاقتصادیة والحمایة البیئیة (بما في ذلك الصحة العامة إن هذه المبادئ التي تحظى بالقبول الواسع، لها آثارها على الأنشطة في القطاعات الأخرى التي تستخدم الموارد الطبیعیة، مثل الطاقة، والتجارة، والسیاحة، والنقل وبالنسبة إلى المجاري المائیة الأكثر تعقیدًا، فإن أي آلیة یجب أن تتمیز بالبساطة في التطبیق. ولكن في الوقت نفسه، أن یتم تطویرها في إطارها الاقتصادي، وكذلك في الإطار الاجتماعي والسیاسي. كما أصبح على أن تشارك الدول المتشاطئة في أحواض الأنهار في تحمّل عبء ما تتخذه من استراتیجیات.
فأولًا، من المهم تطبيق المبدأ الخاص بتحریم التلوث لمجاري المياه الدولية المشتركة وتحدید المسؤولیة في تلويثها، لكي یضمن تعویضًا كافیًا للمتضررین. وقد آن الآوان أن يشير العراق وبقوة الى إدخال مثل هذه المواد في الاتفاقیات المائیة مع دول الجوار المائي وخاصة ان الاهوار العراقية العراقية أصبحت مكبُ لمياه البزل الوارد من الجارة الشرقية إيران. وتحملها بالمسؤولیة عن حماية البیئیة العراقية، ليكون موضوع التلوث جزءًا لا یتجزأ من الاتفاقیات في المستقبل. كون العراق كدول مصب فهي المتضرر الأول من ندرة المياه وتلوث مجاري الانهار المشتركة مع كل من تركيا وإيران فيجب أن يطالب العراق هذه الدول بمراعاة عدم الإضرار بحصص العراق المائية وعدم تقليل تصاريفها ومنع تلوثها بل وبعدم مجاملتهم والتصريح بمبدأ ـ تقاسم الضرر ـ بحجة أن دولتي المنبع تركيا وإيران هي الاخرى قد تعرضت الى الجفاف ، ولأن الضرر الواقع على العراق هو خسارة العراق لجميع حصصه المائية ، ولأن العرف والمنطق يقضي الى تفاسم الضرر مع طرف له نفس الموقع الجغرافي وله نفس الكمية من المياه اي أما الدولتين هم دول منبع او دول مصب ..بينما واقع الحال في العراق اليوم هو تقاسم الضرر مع الطرف المسبب للضرر للعراق. فتلك إذن هي ” قِسْمَةٌ ضِيزَىٰٓ ” فتركيا وايران قد تخسر جزءاً من مخزونهم المائي بسبب تغيرات المناخ ومواسم الجفاف، ولكن العراق والحالة هذه تخسر جميع مخزونه المائي بما في ذلك خزنيه (الإحتياطي) ، لذلك ليس من المنطق ان تكون مطاليب العراق من دول الجوار المائي تركيا وايران تقاسم الضرر معهم مناصفةً، بيما من الأجدر والأصح المطالبة بمراعاة عدم الإضرار بحقوق العراق المائية.