سرمد كوكب الجميل يكتب: الاستثمار والصين والعراق .. هواء في شبك
كان ذلك في اب سنة ٢٠٠٢ عندما دعيت لندوة في بيت الحكمة في بغداد عن العلاقات الصينية العراقية وكانت محاضرتي
” الدروس المستفادة من الاستثمار الاجنبي المباشر في الصين”
وصلت بيت الحكمة في بغداد وكانت الندوة في المساء وكنت ثالث المتحدثين وقد غصت القاعة بالحضور يتقدمهم في الصف الاول كالعادة العراقية المسؤولون الذين لم اميز منهم احدا سوى اللون الاخضر ونياشين وعلامات على اكتفاهم وبدات حديثي عن الاستثمار الاجنبي المباشر بوصفه ظاهرة حديثة ووصفت تدفقاته الداخلة ونموها الكبير بعد سنة ١٩٩٠ وتراكم ذلك الاستثمار بصيغة متنوعة من قبل الولايات المتحدة واوربا ودول شرق اسيا لدرجة انها شكلت رقما قياسيا قارب التسعين بالمائة من شركات ومصانع الصين واتخذت من شركة نستلة Nestle السويسرية حالة دراسية كونها تعمل في اكثر من مئة دولة منتشرة حول العالم وكيف دخلت الصين في بداية عقد التسعينات باربعة مصانع وكانت تستورد ٩٠ بالمئة من موادها الاولية من الخارج والباقي تعتمد فيه على الموارد الزراعية الداخلية وكيف اعتمدت برنامجا تدريبيا للمزارعين الصينين لانتاج المواد الاولية وفق المواصفات العالمية ذلك ان تلك الشركة تنتج المواد الغذائية والتي يعلم الجميع منتجاتها وعلى راسها حليب النيدو ومئات اخرى من المنتجات الغذائية وخلال عدة سنوات استطاع المزارع الصيني بفعل التدريب واعتماد المواصفة العالمية التي تعتمدهاالشركة ان يوفر ٩٠ بالمئة من موادها الاولية المنتجة في الصين والعشرة بالمئة هي المستودة وانتشرت مصانع الشركة في الصين بعشرات الفروع موزعة على عشرات المناطق الحرة المنتشرة على مساحة الصين . وكان من ضمن الدروس المستفادة هو كيفية التعامل مع الشركات متخطية الحدود متعدية الجنسية وكيف استطاعت الصين جذب الاستثمارات الاجنبية لتكون الرقم الاول في العالم بخبراتها وتكنولوجياتها ومعياريتها ومواصفاتها وضمن اتفاقات قانونية تحمي الاطراف كلها وقد اعقب ذلك نقاشات معمقة كان اجملها من رجل كبير السن علمت انه وزيرا سابقا في الستينات بالنص ” كل هذا لكن الصينيون لم يغيروا الجوبستيك لا زالوا ياكلون بها ” وهو قول بمضمون عميق على تمسك الصينين بقيمهم وفيه اشارة للجالسين في الصف الاول فاحجمت عن الرد ….!
ان الحديث عن الصين والاستثمار والتنمية لم يكن ترفيهيا لديها ولن يكن اعلاميا او حديث سياسة انما كانت قرارات واتفاقات غيرت وجه العالم الى ما بلغته الصين اليوم انه حديث عقدين من الزمن . ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين ولغاية اليوم وحديثنا عن التنمية والاستثمار والشركات حديث ترف وقضاء وقت وتسويف وضحك على الذقون وحديث في الليل يمحوه النهار وسياسة وانتخابات وقل ما شئت لذا بدا حديثنا عن الاستثمار والشركات والتنمية حديثا ساذجا ليس له معنى الا من قبل من يتحدث به لغرض في نفس يعقوب والحقيقة بريئون من الفعل براءة الذئب من يوسف وما حديثي الا حديث الذكريات فعذرا ان ضاق صدركم او نفذ صبركم فحديثنا هواء في شبك لا محال وسنبقى في الجب الى ان يبعث الله لنا السيارة ولكن متى الله اعلم بذلك فاصبروا وصابروا ورابطوا فكل الصيد في جوف الفلا . .