رمضان حمزة يكتب: ماذا لو نفذت سوريا مشروع لسحب المياه من نهر دجلة؟
إن تركيا وسوريا والعراق وإيران في صراع خفيً على مياه نهري دجلة والفرات ، وتظهر بوادر هذا النزاع رويداً رويداً خاصة بعد إكمال إيران مشروعها المسمى بمشروع “المياه الإستوائي” في غرب إيران وعلى طول حدودها مع العراق والذي سيؤدي تجفيف معظم روافد نهر دجلة وإخراج سدًي دوكان ودربنيخان من الخدمة الفعلية كسدود للخزن الإستراتيجي وتوليد الطاقة الكهرومائية. وإكمال تركيا لمشروع “منظومة سد اليسو-الجزرة التركي الذي سيعمل على تقليل تصاريف نهر دجلة الى أدنى مستوياته وهي بحدود 60 متر مكعب في الثانية وهذا ما يسمى بالجريان او التدفق البيئي للنهر . ومن جانب آخر دولة سوريا التي تشارك حوض نهر دجلة بحدود 50 كيلومتر وتشكل الحدود السياسية مع تركيا والعراق وهذا ما يسمى “المثلث العراقي – التركي –السوري” السؤال الذي يتبادر الى الذهن ماذا سيؤل اليه الواقع المائي في عمود نهر دجلة ، إذا كانت هناك حقيقة لمشروع ستعكف سوريا على تنفيذه عبر سحب مياه نهر دجلة إلى أراضيها بهدف رى حوالى 200 ألف هكتار من أراضيها. متى ما تحسن الوضع السياسي في سورية، بلا شك بان العراق سيتضرر بشكل كبير جداً من أى سحب من مياه النهر ، وسيؤثر بلا شك على الحصة المائية المقررة للعراق والتى تعتبر متدنية فى الأصل، وبالتالى سيتم حدوث انعكاسات خطيرة على الواقع الزراعى والاقتصاد المحلى للبلاد.
ويبلغ طول نهر دجلة 1718 كيلومتراً، ويمر فى سوريا لنحو 50 كيلومتراً ليدخل بعد ذلك أراضى العراق، وينتهى بالتقائه جنوب العراق بنهر الفرات مكونين شط العرب الذى يصب بدوره فى الخليج.
وجدير ذكره أن حوضي دجلة والفرات يتقاسمها كل تركيا وسوريا والعراق وايران ، وتضم إيران أجزاء من حوض دجلة. منذ الثمانينيات من القرن المنصرم ، أدت خطط تركيا وإيران من جانب واحد البدء بمشاريع تنمية المياه واسعة النطاق بطريقة غير منسقة الى تغير وتقليل في تصاريف وتدفقات النهرين، إلى جانب التوترات السياسية الأخرى ، مما زاد في توتر العلاقات بين كل من العراق وسورية وتركيا وإيران. ومنعت النزاعات من قيام الحكومات بالمشاركة الفعالة في إدارة حوضي دجلة والفرات.
على الرغم من تجديد جهود التعاون في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، إلا أنها لم تسفر بعد عن اتفاق رسمي بشأن إدارة مياه حوضي دجلة والفرات. ومن بين آفاق التعاون والصراع بين الدول الرئيسية المشتركة في حوضي دجلة والفرات، هناك أحداث تخللت العلاقات بينهم من علاقات تعاونية للغاية بالإضافة إلى أحداث شديدة الصراع . حتى عام 1960 ، حيث كانت المياه المستخدمة من قبل الدول المشاطئة منخفضة ، كانت العلاقات بين البلدان الأربعة تعتبر “متناغمة” ، ومع ذلك ، في بداية الستينيات ، أدت عدة عوامل إلى توترات بين الدول المتشاطئة وبالتالي أعاقت التعاون في إدارة المياه في حوضي دجلة والفرات.
لأن تنفيذ المشاريع الأحادية لتنمية المياه تؤدي إلى توترات سياسية. في ذلك الوقت ، بدأت الدول المشاطئة من جانب واحد مشاريع تنمية المياه واسعة النطاق بطريقة غير منسقة ، مما أثر على تدفق النهرين، نظرًا لأن النمو السكاني في المنطقة أدى إلى زيادة الطلب على المياه ، وكان الهدف الأولي لهذه المشاريع هو تنظيم تدفق النهر ومنع الفيضانات، ومع ذلك ، سرعان ما أصبحت خطة لتوليد الطاقة الكهرومائية لتمكين تركيا من الحد من اعتمادها على النفط من أجل الطاقة، بالإضافة إلى ذلك ، أدت العوامل البيئية إلى تفاقم التوترات بين الدول المشاطئة على سبيل المثال في عام 1975 بدأت تركيا وسوريا في وقت واحد في استخدام سدي كيبان (تركيا) وسدي الطبقة (سوريا) خلال فترة الجفاف . هذا النزاع ، الذي تم حله بفضل وساطة المملكة العربية السعودية ، كاد يؤدي إلى نزاع مسلح ،وكذلك قيام إيران بتحويل مجاري الأنهار الى داخل حدودها السياسية ،علاوة على ذلك ، يؤدى تباين هطول الأمطار خلال المواسم إلى جانب أنظمة الري غير الفعالة للغاية وزراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه في المنطقة إلى تفاقم النزاع على المياه إضافة الى العوامل الخارجية التي تزيد من حدة الخلاف إلى جانب هذه الجوانب البيئية، وهي عوامل لا علاقة لها بالمياه ظاهرياً.