محمد صالح البدراني يكتب: بصراحة
في منظومة تنمية التخلف والتي سمتها التناقض والتفكيك، تجد انها تظهر بوضوح عند تعرض المجتمع للتحديات مجتمع يحتج على كل شيء، ويجادل العالم في علمه والقاضي في القانون، وأينشتاين في النظرية النسبية التي سمع هذا المواطن عنها فقط ولكنه يطيع جاهل يمارس الكهانة.
ليس بالسفاهة والصوت العالي وانما بالمحبة والايثار رصيد اجداد مازلنا في جلبابهم الواسع عليناواقع بيئتنا ليوم، أنك لا تسمع صفة ايجابية عن أحد الا ان كانت المصلحة تقتضي بمدحه حتى لو كان هو من شذاذ الافاق ولص خيول في زمن الكاوبوي، فسيوصف بالعبقرية والمفكر والذي لم تلد مثله والدة، عدى هذا فآتني بأكثر النابغين نبوغا وأكثر الناس علما وامكانية وانفعهم للناس؛ معطاء بعلمه وادبه وقدراته العلمية والفنية، فلن تجد له مادحا، بل محاربا مبعدا يحذرونه كما يحذرون الكورونا. الم تر قوما يسقطون نخبهم لمجرد انهم يعتبرونهم منافسين على الوليمة، الم تر كيف نقتل أملنا ولا نعدها جريمة.
الناس لم تعد لها هوية كما السابق، تفاخر ان قالت كلاما سوقيا ممجوجا ولا ترى العقل بمن لا يرد عليها او علو اخلاق، بل ترى ضعفا منه وانتصار لها، غاية في التفاهة ما نراه في واقع اليوم، ويريدون ان يقودون الحدث بلا رؤية ولا برنامج ولا سلوك طيب، ويضمنّون المنافسة الكراهية، ويزعمون الاخلاق.
امة تلتقط السلبية وتنميها لن تكون في طريق الرفعة حتى تغير من شخصيتها المريضة الى الايجابية وتعيين الغايات ومسارات الاهداف، فالسلطة هدف لغاية متى ما كان هنالك رؤية لما بعدها، اما ان كانت هي الغاية والصاية والصرماية كما يقولون فلعمري هذا انحدار حضاري رهيب وتخلف في فهم المدنية والديمقراطية وكل امر متعلق بالعامة التي تحتاج رافعة اليوم ترفعها من التخلف الذي هي فيه نتيجة الياس والاحباط، تنقذه من ثقافة الصراحة معناها ان تتجرد عن الحياء واحترام الاخر، وان فرض سفاهتك على الاخرين قوة شخصية، بينما الشخصية القوية، هي النفسية المستقرة المحتوية الهادئة، والعقلية المستقرة على القيم العليا التي ارتقت بالأجداد، القائد أب لا يكره ولا يحقد على احد.
خلاصة: تسقيط القدوة والصوت العالي بلا حياء وانخفاض القيم وتحييد التفاهم والحوار البناء الى التسفيه الفكري وقمع النخبة المفكرة والرائدة، والعلم الاصوب عند كاهن والسماع دون قراءة او تمحيص، والرفض لما لا يأتي على المزاج وتصور البيض انه بات نسرا، وكل ذي راي معجب برايه وسلوكية القيل والقال ومن لم يك من جماعتي فكله باطل وسلبية، ولا يبنى على غير رايي عمران او قضية، والاستهانة بالعالم الاعزل وتسفيه حلمه الذي هو امل الامة وقتله بالجهل وازدواج الشخصية والطاعة للقوة وتمجيد النفوذ، بل اتهام الناس بالباطل ونسب اليهم ما لم يفعلوا وتناقل الفضائح على الالسن دون تأكد او دليل، واخفاء القدرات واهمالها حسدا او تجهيل، كلها تحتاج الى تغيير، وهذا لا يأتي اعتباطا بل بفهم الذات اولا، فكل من يقرأ كلامي هذا سيؤيده لكن يجد انه الصالح والمعني منافسه او عدوه، المعني انت وهو وانا ومجتمع ممزق لم يعد يهتم لا لفكر ولا لقيمة ولا حتى احترام للايجابيات القديمة.
السؤال كيف ننجو
دوما اذهب للقرآن فنينوى لم تذكر في القرآن اعتباطا، لقد عاند اهلها وسفهوا نبي مبعوث لهم، واستهزئوا به وكانت اصواتهم عالية تتبع كهانهم لأنها توافق امزجتهم، وعندما قال لهم عذاب الله قريب لم يحركوا التفكير لعقل ما يقول وانما استمروا في اضطهاده ومناصرة جهلهم وسفاهتهم، من هذا ليأتي الينا ويعلمنا ونحن اولوا القوة والباس الشديد، لم يستطع نبي مبعوث ان يتحمل فهرب من المشهد ساخطا يئسا، لكن طلائع العذاب اتت وقد اتت لكن سابق قوم انتصحوا، لاحقون لا ينتصحون، وكيف يجتمعون وكلهم قيس ولكل قيس ليلاه، وعامة الناس يهمها ان تحدثت اثبتت رايا هو محض انطباع لا حيثية ولا جهد في التفكير وانما حديث ينقضي بفض المجالس.
ليس من شيء امامكم الا ان تعودوا كما عاد قوم يونس للحق، او ان سنة الاستبدال حاصلة بعد علامات العذاب؛ إنك لن تكون ممثلا للمدينة لمسقط راسك فيها، لن تكون ممثلا للمدينة وانت محض فرشاة يرسم بها على لوحتها، لست ممثلها وانت تعرض نفسك بلا رؤية، وتنتقل كالأطرش بالزفة تبحث عما تسول لك به نفسك وكأنك عنتر لسانه سيفه وفجأة يغمد ولا تفسير ايجابي لإغماده فمازال عمارة العبسي يسرق كحل عبلة، فمن يمثلها.
يمثلها هجر انانيكم واتحادكم بمنظومة واحدة وتوبة كما أعلن سابقوكم التوبة على جبل التوبة في وقت نبيهم في بطن الحوت يقول لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ