محمد صالح البدراني يكتب: قصــــــــــــــــــــة مدينة

في مدينة ذكر الله اهلها في القرآن، انهم اناس استجابوا للحق فاتبعوه، رغم ان عنادهم جعل نبيا مكلفا لا يتحملهم فيخرج غاضبا فمشاكستهم فوق حلم نبي؛ بأنهم قوم لا يستمعون ولا ينصاعون للمنطق غير عرفهم ولا كلام من يريد ان ينقذهم ويرشدهم، لكن عندما ظهرت الآيات فكروا واستدركوا المنطق ليعود النبي فيجد امة جاهزة لسماعه والاخذ بما نكروه اول مرة.


تلك الحالة تتكرر رغم انقراض الناس الذين متعوا الى حين، لكن يبدو ان للجغرافية أثر على الطبيعة في مؤثر ثالث على الشخصية يتحد مع العقلية والنفسية معا، فهذه الناس اعيت مفكريها ولا تستمع لناصح وخصوصا من تصدر وأثّر وبات من النخبة بحكم تعريف مصطلح النخبة انها الناس التي تؤثر في الواقع.


ثبت تاريخيا أن ما من أمة سقطت أو قلاع انهارت الا في أمة متفرقة تناقش البيضة من الدجاجة ام الدجاجة من البيضة، وان اول النصر والقوة هو بالاجتماع؛ كذلك تقدم المسلمون عندما تحولت العرب امة، كذلك تفرقوا واتحد المغول، وتفرقوا واتحد العثمانيون، وجمعت أوربا المصالح واستغل تمزق الشعوب لتحويلها إلى عبيد… فالتوحد بالرؤية وفق المثل الاخير يخلق عناصر القوة وقت الضعف والانهيار، وان كان هنالك من يريد بناء المدينة فعليه ايضا ان يفكر بكيف يحميها من الخراب والفراغ وهذا لا يحدث الا مع اناس تعرف الطريق وتعرف ما تفعل لا تتصارع على المدينة كأنها قصعة.


الحقَ اقول لكم ان ما بات واقعا ان الا يكفي نينوى بلا مجاذيف ولا طاقم ملاحة والموج عالي والكل يركض على الدفة، عليكم أن تجدوا بديلا يسد فراغ قادم بتوحدكم بجلوسكم وتفاهمكم فالأمر ليس بتنافس على صندوق الانتخابات لان هذا التفكير هو كالتفكير بالبيضة من الدجاجة ام الدجاجة من البيضة وهو تفكير الفاشلين امما وافرادا…. واقعا ان سفينة بلا ربان سياتي من يقودها، فكان كل مؤيد لاحد البحارة في موج كالجبال كما في طوفان نوح، ان التفكير خارج صندوق الانتخابات وافهام المدعومين للداعمين ان نينوى مسالمة للكل وان ما يؤذيها هو الاستقطاب وأنها لن تكون عند الاستقطاب مفيدة لاحد لان صاحب القرار قوم يونس وليس من يأتي اليها من بعيد او قريب، والخسارة واضحة في أدوات لا تعمل على حركة منتظمة ونغمة حادي القافلة النشاز، فمصلحة من يفهم او لا يفهم بنينوى قوية ثابتة البنية، ولا يبعدنكم عن معادلة قوتها إمعة تستهوي العبودية او تهافت المتهافتين.


ان ما مطلوب ممن يتولون امر التشكيلات والقوى في هذه المدينة ان يفهموا هذه الديناميكية بشكل واضح، وان لا يسعون للتمايز وانما لتوحيد من يناصرهم مع بعضهم، فالتاجر يخاف الاضطراب، وعقلية التاجر حساب، والحساب لا يتم بلا منطق وما يجري ليس منطقيا.
لابد ان تتحد القوى العاملة في المدينة (وقد سبق لنا طرح ذلكم في مقال سابق في هذه الجريدة)، لان اتحادها سيعيد يونس الى قومه وتستقيم الامور الى الرشاد، اما هذا التراشق بلا رؤية ولا برنامج اصلاح واعمار او توحيد لمجتمع متعدد لا يمكن ان يعيش في جو مشحون او متنافس؛ ناهيك عن كونه متناحر، فان الموصل ستكون جثة هامدة لا حياة ولا انتاج ولا ربيع، مدينة لا تكره احد ولا تريد الا ان تترك لبناء نفسها وستكون مع الجميع لفائدتها وفائدة الجميع ففيها عقول قادرة على انتاج افضل الافكار والعمل عليها لكن يدا بيد ان اختلفت التوجهات فوحدة الهدف جامعة، منصفة محبة غير حاسدة، بعقلية العطار الذي لا يقبل ان يبيع من بضاعته وجاره لم (يستفتح)، وتجد فيها الصنف متجاورا تقليدا بعمق التاريخ، اما ما دخل علينا، من انا ولا غيري او بعدنا الطوفان فهي عقلية عدمية ومرض لابد ان يعالج من هذا المرض من اصيب به من النخبة المؤثرة حاليا بغياب العقول المنعزلة التي زمنها وقت البناء، دعوة لتوحدكم على تعدد واختلاف خلفياتكم بمنظومة مطروحة سابقا وتتوحد الجهود للإعمار لا للاستئثار والانصاف بدل العدمية قبل ان تصبح مشكلة المدينة قضية، ليس اعلى من الحق ولا اجمل من الحقيقة وان الزيف يدمر الامم والشعوب وان سلمنا من السلم العالمي وديمومتنا بالصدق والمصداقية. فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)غافر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *