زياد محمد السعدون يكتب: رسالة الى الحبر الاعظم
في يوم تاريخي ولأول مرة في تاريخ موصلنا الحبيبه المنكوبة
يزورها الحبر الأعظم( بابا الفاتيكان) في هذا اليوم عم مدينتي الهدوء والسكينة. ومُنع فيها السير والتجوال إلّا من سُمح له وهم القلة القليلة .
صادف هذا اليوم ، يوم (الأحد) وهو اليوم المقدّس عند اخواننا المسيحين وسوف يقيم البابا قداساً في حوش البيعة في المدينة القديمة . وسبقها بالصلاة امس ( السبت ) وهو اليوم المقدس عند اليهود في (اور ) التي هي موضوع خلاف حتى عند المؤرخين حول بنائها وتاريخ نشأتها ولا أريد الخوض في تاريخ يمتد لآلاف السنين قبل الميلاد لأني ارى ان تاريخ حاضرنا مزور وإن المنتصر هو الذي يكتب التاريخ ولا علاقة لي بترتيب أيام زيارة البابا للعراق وهل هي من قبيل الصدفة او هو امر مرتب لاقامة الصلاة في اور يوم السبت واقامة قداس الصلاة في الموصل وقره قوش ( الحمدانية ) واربيل يوم الأحد لاننا لا نهتم بالتاريخ مثل غيرنا من الامم التي تعرف تاريخنا اكثر منا .
ولكن الذي يهمني في زيارة الحبر الاعظم لمدينتي المنكوبة
وما اتمناه ان لا يأتي ( البابا ) الى موصلنا بالطائرة وانما ارجو ان يحط رحاله في مطار القيارة ويستقل سيارته بحماية موكبه سيراً من المطار الى الموصل في رحلة لا تستغرق اكثر من ساعة ليرى مأساة السير في الشارع الذي يربط مدينة عمرها الاف السنين بالعاصمة بغدادوكأن ذلك الطريق قفر الموانع وهو خير طريق لأختبار دبلات السيارات ومتانة صناعتها وتدمير لفقرات ومفاصل ركابها ،
وعند دخول المدينة من جهة دورة بغداد سوف يرى بأم عينيه المستشفى الالماني وهو جاثي على ركبتيه ينتظر من يعيد اليه امل الحياة في البناء ليقدم خدماته لمرضى يعانون ويأنون .
ويسير موكبه ببطىء مع فتح كافة نوافذ سيارته ليرى حجم الدمار في مدينة الانبياء لأن الرؤيا من خلال الزجاج المضلل لاتعكس واقع الحال مثل الذي يرتدي النظارات الشمسية الاصلية في نهار شهر تموز فلا تؤثر اشعتها على عينيه ويرى الامور على غير طبيعتها.
ويواصل مسيرته في العبور من الجسر الرابع الذي مضى عليه اكثر من ثلاث سنوات بعد تحرير المدينة بدون اعمار ومن يعبر عليه يصاب بالفوبيا وخوف انهياره في احضان دجلة الخير .
ويعبر بموكبه من الجسر العتيق كي تقع انضاره مباشرةً عن اليمين والشمال على اثار دمار الموصل القديمة التي يمتد تاريخها لالاف السنين وهو تاريخ موازي لمدينة اور .كيف لا … وهي ارض ومقام انبياء الله يونس وجرجيس ودانيال وشيت وغيرهم ، ومراقد اتباعهم واتباع الرسول محمد ( ص) من الصالحين . وفيها مدينة كالح واشور وبوابة الشمس التي طالتها يد الغدر بالتدمير كمثيلاتها من الآثار .
ونرجوا من ( البابا ) ان لا ينسى الجثث البريئة والاطفال التي ما زالت تحت الانقاض والقريبة من حوش البيعة بعد اكثر من ثلاث سنوات على تحرير المدينة ،
وبعد انتهاء الصلاة يأمر قداسته مسؤولي نينوى بأن يأخذوه في جولة سريعة يرى خلالها مجمع المستشفيات الذي تم قصفه بالفسفور والقنابل المحرمة دولياً ليعيش اهل هذه المدينة واقعاً صحياً مريراً على مدى سبع سنين عجاف منذ عام ٢٠١٤ الى يومنا هذا .
وان ينقل مأساة مدينة الانبياء والتاريخ والعلم الى كافة المحافل الدولية من اجل إعادة بنائها بالشكل الذي يليق بها وبتاريخها ويعيد لها بعض مجدها التليد بعد ان يأس اهلها من قيام الحكومة بإعادة اعمارها .
وان يقوم قداسته بزيارة لبعض المساكن التي من المعيب ان يطلق عليها اسم دور بل هي مأوى للسكن التي تقع حول ( حوش البيعة ) ليرى معاناة اهلها الحقيقيون لأن من سيحضر قداس الصلاة من اخواننا المسيحيون هم ليسوا من سكنة الموصل لعدم عودتهم اليها لحد الان اما من سيحضر من جموع المسلمين القداس او حول الكنيسة وخاصة المسؤولين فأغلبهم من سكنة محافظتي اربيل ودهوك ولن يرى على وجوههم تعب الحياة او مشقتها التي يعاني منها اهل الموصل الساكنين فيها .
وعند انتهاء الجولة في هذه المدينةالمنكوبة والمغلوب على امرها وما سوف يراه من معاناة لاهلها وعند انتقالك الى بغديداً / قره قوش / الحمدانية وبعد انتهاء القداس في كنيسة الطاهرة واثناء توجهك الى اربيل نطلب من سيادتك النظر الى مخيمات النازحين في منطقة الخازر وحسن شامي التي يعيش اهلها ذل النزوح والهجرة وهم في بلدهم وان تأمر حكومتنا الرشيدة بإعادتهم الى محل سكناهم وتوفير سبل العيش الكريمة لهم ،
وفي النهاية نطلب من سيادتك قداسة البابا ان تأمر كافة المسيحيين بالعودة الى مساكنهم في الموصل واطرافها لانهم يمثلون الزهور في حديقة هذه المدينة العريقة والتي فقدت عبيرها وعبقها ورائحتها الزكية بخروجهم منها وهجرتهم الى محافظات اخرى او الى خارج العراق وهم اصل بناءها
ومن الله التوفيق .