نواف شاذل طاقة يكتب:التجربة العراقية وملابسات الجلسة المشهودة
وصفت السيدة رغد صدام حسين زوجها بأنه شهيد، على الرغم من أن معظم العراقيين لم يعتبروه شهيداً. بجميع الأحوال، إن عدم اعتباره شهيدا يجب ألاّ يعني بأي شكل من الاشكال أنه قبول بالطريقة العشائرية التي قتل فيها زوجها والتي كانت بعيدة كل البعد عن القانون وعن المدنية التي كان العراقيون يتوقون لبلوغها.
على الصعيد الدبلوماسي، شاركتُ في جلسة المشاورات التي عقدت بين العراق والأمم المتحدة في بغداد بعد وقت قصير من هروب حسين كامل في آب 1995. ترأس تلك الجلسة المشهودة، الاستاذ طارق عزيز (رحمه الله)، وعن الأمم المتحدة، رئيس لجنة التفتيش الدولية التابعة للأمم المتحدة، السويدي رالف إيكيوس.
لن أجد الكلمات المناسبة لوصف الحرج الذي بدا على وجه الوفد العراقي خلال تلك الجلسة، لكن، ولحسن الحظ، شاءت الظروف أن يكون قرار هروب حسين كامل سبباً في تحرير الدبلوماسية العراقية من التقييدات التي فرضت على موقف العراق العقيم من ملف أسلحة الدمار الشامل الشائك والذي كان الرجل نفسه طرفا رئيسيا في تعقيده. اتمنى أن تكون السيدة رغد في حديثها عن ملابسات هروب زوجها، قد فتحت الباب أمام تناول تجربة الحكم الوطنية في العراق 1968-2003 بحرية. لا اعتقد أن أحداً يمكن أن يشكك بوطنية النظام السياسي الذي حكم العراق خلال تلك الحقبة، لكن لا يمكن أيضاً الزعم بأن تلك الفترة لم تشهد أخطاءً وخطايا.
لقد كانت تجربة حكم العراق تجربة فريدة ورائعة ليس على صعيد العراق فحسب بل على صعيد العالم الثالث، شهدت بناء بلد قوي مهاب كاد أن يخرج من مصاف الدول النامية، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى التنكيل به، وسمحت لإيران بإهانته. على الرغم من ذلك، ليس لدي اليوم أدنى شك من أن العراق سينهض من جديد، وسيتخلص من الادران التي علقت به لكن اخطاءً جسيمة وقعت خلال تلك الحقبة الوطنية يتعين اليوم تحديدها وتقديم رؤية نقدية جريئة وشجاعة لها، وبأيدي جهات وطنية مخلصة، عسى أن تنير الدرب للأجيال المقبلة كي تتجنب أخطاءها وتستلهم النهوض من مزاياها.