محمد زياد السعدون يكتب:إستعمار سعودي ام إستثمار
بعد الحرب العالمية الثانية انقسم العالم إلى معسكرين رئيسين هما المعسكر الاشتراكي الذي تمتلك فيه الدولة كل شيء ولايمتلك المواطن اي شيء او بعض الشيء
والمعسكر الرأسمالي الذي أعطى للفرد والشركات الخاصه أهمية كبيرة واصبح الافراد والشركات يمتلكون كل شيء مما ادى الى خلق فرص العمل وتطوره واثبت هذا النظام نجاحه نجاحا” ساحقا” مقابل فشل النظام الاشتراكي الذي بدأ بالتحول شيئا فشيئاً إلى النظام المختلط الذي يمزج بين النظامين من اجل مسايرة تطور النظام الاقتصادي الجديد وبعد ظهور العولمة التي اصبح فيها العالم عبارة عن قرية صغيرة واصبح العالم يطبق نطام اقتصادي جديد يعتمد على قاعدة
( دعهُ يعمل دعهُ يمر ) والذي اصبحت فيهِ السلع تنتقل بين الدول عبر الانترنت وتحوّل مبالغ تلك السلع التجارية عن طريق الانترنت أيضاً ولذلك كان لابد للدول ان تخوض غِمار المنافسة من اجل اثبات وجودها في السوق العالمية الجديدة بإنتاج سلع جيدة وبأسعار رخيصة تتيح للمستهلك الحصول عليها مع انتاجها بجودة ومواصفات عالية وكل ذلك يتطلب وسائل إنتاج حديثة ورؤوس أموال كبيرة وخبرات عالية بالإضافة إلى ان تكون المواد الاولية لتلك الصناعات قريبة من أماكن الإنتاج لضمان وصولها إلى مكان الإنتاج وبأسرع وقت واقل كلفة وكل هذهِ الأشياء تدخل في حساب المستثمر عند رغبته في الإستثمار سواء كان في بلده أو في خارج بلده في باب( دراسة الجدوى في المشروع)،
ولا يُخفى على الجميع ان العراق مرّ بعزلة دولية منذ اكثر من اربعين عاماً ولم يعي ما وصل إليه العالم من تطور اقتصادي سريع خلال تلك السنين التي كان يعيش فيها العراق في ثمانينات القرن الماضي بحرب ظروس استمرت لثمان سنوات،
وكما تقول القاعدة الاقتصادية ان ( رأس المال جبان) فإنه وبسبب تلك الحرب لم يجرؤ اصحاب الأموال على الاستثمار في العراق خوفاً على أموالهم من الهلاك لذلك لم يستطع العراق مواكبة التطور الاقتصادي في تلك الفترة،
وبعد انتهاء الحرب الايرانية العراقية وخروج العراق مكبلاً بديون تلك الحرب التي استنزفت موارده المالية والبشرية ودخوله مرحلة الحصار الاقتصادي بسبب دخوله إلى الكويت هذا الحصار الذي عَزلهُ عن العالم تماماً في فترة التسعينات من القرن الماضي .
وفي تلك الفترة تطور العالم تطوراً سريعاً في كافة نظم التجارة والاتصالات والصناعة والزراعة وغيرها وبقي العراق في عزلته حتى عام٢٠٠٣ وهو العام الذي انفتح فيه العراق على العالم .
وبالرغم من ارتفاع أسعار النفط منذ عام٢٠٠٣ ولغاية عام ٢٠١٤ الذي وصل فيه مجموع ميزانيات العراق وما حصل عليه من موارد مالية تصل إلى اكثر من ١٥٠٠ مليار دولار إلاّ ان تعاقب الحكومات عليه وما صاحبه من فساد كبير لم تستثمر تلك الاموال لبناء المعامل والمصانع وتأهيل الخبرات وتطوير الزراعة التي تعتبر نفط دائم وتوفر فرص كبيرة للعمل وتقضي على البطالة وتوفر المنتج المحلي الذي بدوره سوف يقضي على الاستيراد ويكون مردوده توفير العملة الصعبة للبلد التي تخرج منه بسبب استيراده لتلك المواد ويصبح مصدراً غير مستوردا” لها .
ومع هذا كلهُ وبسبب الأحداث التي مرّ بها العراق منذ الأشهر الاولى لاحتلاله وما صاحبها من تفجيرات وقتل لم يستطلع أي مستثمر أن يأتي بأمواله لغرض إستثمارها في العراق بإستثناء اقليم كردستان الذي تهافت إليهِ اصحاب رؤس الأموال و استثمروا فيه أموالهم لبناء المجمعات السكنية و الفنادق الراقية وفتح مقرات لشركاتهم، كل ذلك بسبب الأمن المستتب الذي أوجدهُ قادة الاقليم لمحافظاتهم والذي كان سببا” في تطور الاقليم ونقله نقلة نوعية واصبح يُشار إليه بالبنان وينافس باإستثماراته دول مثل دول الخليج وغيرها.
وبعد تحدير المدن التي كان يسيطر عليها الارهاب
واستتبات الامن فيها وخاصة المدن الحدودية اي التي لها حدود مع الدول المجاورة للعراق مثل الانبار ونينوى وكربلاء اتجهت انظار المستثمرين الى العراق لفتح مشاريع تُطور بناه التحتية وتوفر فرص العمل لابناءه وتقضي على البطالة المنتشرة في صفوف شعبه وكذلك تحقيق الارباح للمستثمر لان الإستثمار منفعة متبادلة.
ومن تلك الاستثمارات هي اتجاه المملكة العربية السعودية للاستثمار في مجال الزراعة والتجارة في العراق، هذا الاستثمار الذي سوف يحوّل أكثر من مليون دونم من صحراء قاحلة إلى واحات خضراء ويوفر مئات الالاف من فرص العمل للعراقيين الذين تزيد نسبة البطالة بين مواطنيه إلى ٣٠% وبما ان الحكومات السابقة و المتعاقبة على حكم العراق لم تقدم لهذا البلد اي مشروع من شأنه ان يوفر فرص العمل للعراقيين
واغرقتهُ بالديون لاجيال قادمة فعليها ان تشجع الاستثمار السعودي وتفتح مع المملكة اكثر من معبر من اجل زيادة التبادل التجاري وكذلك توفير الأمان للشركات السعودية ولأصحاب رؤوس الأموال التي يعجز العراق عن توفيرها لانه اصبح عاجزا” عن توفير الرواتب لموظفيه وعلى الحكومة العراقية ان تدعم كافة المستثمرين من اجل ضخ أموالهم في السوق العراقية
وتشجعهم على بناء المجمعات السكنية من اجل توفير السكن اللائق للعراقيين وإعادة البلد الى سابق عهده.
ولايقتصر الإستثمار على السعودية فقط بل على الحكومة التخفيف من قيود الروتين في قانون الاستثمار من اجل تشجيع كافة رؤوس الأموال للدخول الى البلد وعدم تسليم المستثمر منشآت او معامل او مستشفيات قائمة ومتكاملة لغرض استثمارها وانما تسليمه قطعة ارض ويقوم المستثمر ببناء مايفيد البلد ويحقق المصلحة للطرفين اي العراق والمستثمر وبذلك نضمن بقاء البنية التحتية المستثمرة للعراق بعد انتهاء مدة الاستثمار .
وعلى الحكومة كذلك الوقوف بحزم ضد كل الاصوات النشاز التي تعتبر الاستثمار السعودي او غيره هو استعمار فكيف يكون استعماراً وصاحب رأس المال يقوم ببناء مشاريع تهدف الى توفير فرص العمل والقضاء على البطالة للعراقيين واستيراد ما ينتجه العراق من محاصيل المجال الزراعي ويسهم ذلك في تطوير تجارته ويخفف على الحكومة من ضغوطات التعيين الذي يطالب به كل الشباب العراقيين .
وعند نجاح هذهِ التجربة سوف تتطور تجارب الاستثمارات إلى قطاعات أخرى مثل قطاع النفط والغاز والطرق و سكك الحديد والتعليم والطاقة وغيرها من المجالات التي تسبقنا فيها المملكة بأمد طويل وتنقل خبراتها الى العراق لغرض تطوير إمكاناته وزيادة خبرة أبناءه .
وفقّ الله كُل من يسعى لخدمة العراق وأهله وتوفير فرص العيش الرغيد لهم .