زياد السعدون يكتب : ازمة الرواتب وموقف الحكومة منها

لست سياسياً ولا افقه في السياسة شيء ولست اقتصادياً ولكني درست عن الإقتصاد وسياساته والموازانات والايرادات والمدخولات والمصروفات ولي معلومات عنه بعض الشيء .

عند تحليل ما يمر به العراق وخاصة في عام ٢٠٢٠ من تطورات اقتصادية وسياسية سريعة لابد من الوقوف بتأني ومتابعة لما يجري له .
ففي المجال السياسي نجد أن الظروف السياسية والفساد كان على أعلى مرحله في حكومة عادل عبدالمهدي وما سبقها ولكن الشعب لم يكن محارباً في رزقه ورواتب موظفيه التي لم تتأخر ابداً
وكما اسلفنا ان الفساد والاعداد الهائلة من الموظفين الفضائيين والمتقاعدين الوهميين كان في قمة ذروته .
وبعد مجيء السيد الكاظمي وكابينته الوزارية التي توسم الشعب العراقي فيها خيراً وماصاحبها من اعلان عن اكتشاف اكثر من مائة ألف متقاعد وهمي في هيئة التقاعد العامة وهدر عظيم للأموال في المنافذ الحدودية وبعد السيطرة عليها ارتفعت ايراداتها الشهرية من عشرات الملايين من الدنانيير العراقية الى المليارات يوميا” وكذلك الاعداد الهائلة من الموظفين الفضائيين في الدوائر تم اكتشافها من خلال التدقيق المتقاطع للمعلومات ووكذلك قيام الحكومة بتخفيض رواتب محتجزي مخيم رفحاء والغاء مجالس المحافظات والأقضية والنواحي وتخفيض إمتيازات الدرجات العليا .
كل هذه الأعمال المفروض انها ادت إلى زيادة مدخولات وزارة المالية بشكل كبير جداً . ولكن المتابع للحدث الاقتصادي العراقي وبعد زيارة الحكومة إلى اميركا واوربا وعقد الاجتماع الثلاثي بين العراق والاردن ومصر وماتمخص عنه ذلك الإجتماع من اتفاقات حول تصدير النفط ومد انابيبه من العراق إلى الاردن ثم يذهب النفط إلى مصر ولا نعلم الجهة التي يذهب بعدها إلى اين ، وتعزيز ذلك الإجتماع بزيارة وفد مصري إلى بغداد والاتفاق معه على تطوير البنى التحتية في العراق من قبل الشركات المصرية مقابل النفط بعد إلغاء الإتفاقية مع الصين علما” ان مصر نفسها تعقد اتفاقات مع الصين من اجل تطوير بناها التحتية معنى ذلك ان الشركات المصرية ليس لها القدرة على تطوير بُنيه بلادها فكيف لها ان تطور البنى التحتية للعراق بالإضافه إلى الاتفاق مع الجانب المصري على استقدام مليونا عامل للعمل في العراق .
هذا البلد الذي يعاني ابناءه من البطالة
واكثر من ٣٠% من سكانه تحت خط الفقر .
والمتتبع لشأن العراق السياسي نرى ان الحكومات العراقية المتعاقبة منذ ٢٠٠٣ لم تستطع ان تحل مشاكل هذا البلد وخاصة في مجالات الحياة الضرورية كالماء والكهرباء والصحه والتعليم والطرق واكتفت بالوقوف موقف المتفرج من حالات الفساد والسرقات التي انهكت البلاد وافلست العباد وكل ذلك تحت انظار حكومة الإحتلال الاميركي التي لو ارادت ان تبني العراق وتضعه على المسار الصحيح من اول ايام دخولها للعراق لفعلت كما فعلت في الكويت بعد اخراج الجيش العراقي منه عام ١٩٩١ حيث بدأت شركاتها وبأقصى سرعة وأقصر فترة زمنية من إعادة بناء الكويت إلى أفضل مما كانت عليه من قبل .
وتركت الولايات المتحدة الاميركية الحبل على الغارب لمن حكم العراق بعد ٢٠٠٣ يُمارس على شعبه ابشع انواع السرقات والقتل والتهجير وانعدام الامن وضياع ابسط حقوق الانسان .
كل ذلك كان مخطط له إلى أن تحين الساعة التي يحددها الاميركان وتنتهي فيها اللعبة وتُرفع فيها الغشاوة عن عيون السياسين الذين اكتشفوها متأخرين وبعد فوات الأوان وكانوا لا يعلمون انهم يسيرون في فلك ومدار خُطِطَ لهم واُجبِروا على السير فيه بعلمهم او بدون علمهم وهو مخطط تدمير بلدهم.
وبعد ان اتضحت الامور وانكشفت ابعادها وتبين ان كل ما حصل في العراق من قتل وتهجير وفساد وادخال زمر الارهاب إلى البلاد واسقاط ثلث العراق بأيديهم وتدمير مدنهم تبين ان ذلك ماهي إلا مؤامرة مخطط لها وساهم بعض السياسيين في تنفيذها من اجل مصالحهم الشخصية او من اجل بقائهم في المناصب لأطول فتره ممكنة .
وبعد تحرير مدن العراق وبقاء اغلب سكان تلك المدن في المخيمات بسبب تدمير منازلهم وقفت الحكومة عاجزة عن اعادة بناء المدن المحررة بسبب انخفاض اسعار النفط وصرف كل الموازنات على اعاده هيكلة الجيش وتسليحه واستمرار مسلسل الفساد فيه.
واصبحت حكومة السيد الكاظمي في موقف محرج وخجول بسبب عدم قدرتها على تأمين رواتب الموظفين التي تأخرت لأكثر من شهرين ،
رغم قيامها وعلى لسان الناطق بإسمها بإكتشاف اعداد هائلة من الفضائيين وانها قامت بالسيطرة على المنافذ الحدودية وتسبب ذلك بزيادة ايرادات الخزينة إلّا ان كل تلك الأعمال لم تشفع لها امام المواطن والموظف من ذوي الدخل المحدود الذي ليس له مصدر رزق آخر غير راتبه.
واتجهت الدوله إلى الاقتراض الداخلي الذي سيُحمل الاجيال القادمه ديون وفوائد لعشرات السنين بسبب فشل السياحة الاقتصادية في البلد وسيطرة الفساد على مقدراته .
وبدأ تذمر الشعب واضحاً على هذه السياسه الاقتصادية التي اصابت السوق بالركود لعدم استلام الموظفين والجيش والشرطة لرواتبهم والذين يعتبرون هم المحرك الاساسي للحركه التسويقية بل أصبحت الحالة عكسية فقد بدأ اصحاب المحلات يتذمرون من الموظفين بسبب كثرة ديونهم وعدم قدرتهم على سداد ما بذمتهم ،
وفي حال لم تضع الدولة سياسة اقتصادية ناجحة سوف نرى في القريب العاجل انهيار واضح للدينار العراقي مقابل الدولار ويدخل العراق في نفق مظلم وفوضى اقتصادية عارمة وخاصة في حال قيام كافة الموظفين والجيش بالاضراب عن العمل الذي سيشل خال البلد ومؤسساته وان مسألة الاقتراض سوف تُكبل اجياله القادمة بديون وفوائد لايستطيع سدادها وسوف يكون العراق وثرواته رهنا” لتلك الديون فلابد من اعتماد سياسة تقليل النفقات وزيادة الايرادات والقضاء على الفساد واسترجاع اموال العراق المنهوبة والغاء سياسة الاقتراض من اجل تعديل موازنة العراق وإلا سيذهب العراق الى المجهول وتنهار عملته .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *