مصفى نينوى الاستثماري من التخوين والشبهات إلى منجز وطني يتغنى به السياسيون…تقرير نور نايف
عراقيون/متابعة/ عانت محافظة نينوى من أزمات خانقة ومستمرة في توفير وقود المركبات والتدفئة. وبدأ ذلك منذ عام 2005 عندما اوقفت وزارة النفط استيراداتها للمنتجات النفطية من المنافذ الشمالية التي كانت تغطي احتياجات نينوى وحصرت الاستيرادات بالمنافذ الجنوبية.
استمرت هذه الازمة دون توقف ولم يكن هناك دور مؤثر لديوان المحافظة او المجلس لحل الازمة لعدة اسباب اهمها عدم معرفتهم بالأسباب الحقيقية للازمة والتي كانت دوائر وزارة النفط تخفيها وتعزيها في الاعلام الى السوق السوداء والباعة المتجولين، وهي ليست الحقيقة.
في منتصف عام 2009 حلت حكومة محلية جديدة بعد انتخابات محلية ومع حلول عام 2010 بدأ المحافظ اثيل النجيفى نشاطا لحل الازمة بخطوات بدأت بجهود ادارية مع دائرة المنتجات النفطية في نينوى ثم تكليف لجان في المحافظة لدراسة الازمة ووصلت الى تشكيل هيكل اداري جديد في ديوان المحافظة لشؤون الطاقة، وبعد جمع البيانات والمعلومات وتحليلها تبين السبب الرئيسي للازمة يعود الى عدم كفاية الحصة التي تصل فعليا الى المحافظة من وزارة النفط لتغطية الاحتياج الحقيقي للمحافظة، بسبب قيام وزارة النفط بتحويل معظم انتاج مصافي الشمال في بيجي الى المنطقة الوسطى، دون مراعاة الكثافة السكانية لمحافظة نينوى وكونها ثاني اكبر محافظة في العراق بعد بغداد.
وكانت كل المطالبات والمناشدات للحكومة المركزية لا تلاقي صدى في توفير الكمية المطلوبة للمحافظة بسبب خطة وزارة النفط لإغراق السوق في الوسط والجنوب بالمنتجات النفطية على حساب تقليل حصة نينوى وفرض الشحة والتقنين عليها.
حاولت محافظة نينوى دون جدوى ولأكثر من سنة اقناع وزارة النفط والحكومة المركزية لزيادة حصة المحافظة او إنشاء مصفى نفطي فيها، وكانت المفاتحات تجري معهم بالقنوات الرسمية الاصولية مع تقديم المحافظة كل المعلومات والوثائق المطلوبة، مع تقديم دراسات لأنشاء مجمع طاقة في نينوى بغية توفير الوقود والكهرباء وتشغيل الايدي العاملة وتحريك عجلة الاقتصاد في المحافظة.
وبعد ضياع أكثر من سنه مع وزارة النفط لم تنفع كل محاولات محافظة نينوى في التأثير على الحكومة المركزية بغية تحريك الوزارة لتبني مشروع بناء المصفى، ولقي توجه المحافظة لحل الازمة الى اعتراضات سياسية وفيها تحامل من حكومة السيد نوري المالكي وبعض الشخصيات المقربة منه في نينوى وبأعذار واهية لا صحة لها على أرض الواقع.
ومن هنا ولدت فكرة إنشاء مصفى في محافظة نينوى وانبرى لها عام 2012 المحافظ ” أثيل النجيفي ” وهو يعلم أن البرلمان العراقي صادق في (8 تشرين الأول 2007)، على قانون الإستثمار الخاص بنشاط تصفية النفط الخام ، من خلال إنشاء مصافٍ لتكرير النفط في العراق، وهو يسمح للقطاع الخاص بإنشاء المصافي لتكرير النفط الخام وامتلاك منشآت وتشغيلها وإدارتها وتسويق منتجاتها بكلف متدنية مقارنة بالاستيراد من الخارج ، على أن تكون نسبة 75% من عامليها من العراقيين، وأن تبقى ملكية الأرض للدولة العراقية .
وعلى هذا الأساس صوت مجلس محافظة نينوى بدورته الجديدة على عقد انشاء مجمع للطاقة يضم مصفى نفطيا ومحطة كهرباء في شباط عام 2014 ، وأن مدة انشاء المشروع بلغت 18 شهرا ، وخولت المحافظ صلاحية التعاقد مع الشركات النفطية للاستثمار في مجال استخراج وتصفية النفط في نينوى، والمناطق المتنازع عليها مع اقليم كردستان وبعقود محددة بشروط معينة لضمان الاستفادة منها لصالح المحافظة .
وقال محافظ نينوى ” أثيل النجيفي ” أن المشروع سيسهم في تشغيل الآلاف من الأيدي العاملة ، وارسال ٥٠ بعثة دراسية الى خارج العراق ، واستخدام ٧٥٪ من العمالة من أبناء محافظة نينوى محافظة نينوى وفيها منافع اجتماعية تتضمن صرف مليونين دولار سنوياً لمشاريع تنموية ، ويوّفر طاقة كهربائية بنحو 100 ميغا واط، والأهم من كل ذلك ، إن المشروع سيفتح الباب امام مشاريع استثمارية أخرى كبيرة في المحافظة.
| محافظة نينوى ترسل طلباً للإشراف على شروط الإحالة |
وقبل إعلان المشروع كفرصة إستثمارية كانت قد أرسلت محافظة نينوى طلباً رسمياً إلى وزارة النفط للمشاركة والإشراف على شروط الإحالة ولم يلق الطلب أي رد سمي ، وأعيد الطلب الى وزارة النفط بعد الإحالة للاطلاع على تفاصيله والمشاركة في الإشراف على تنفيذه وبيان مدى مطابقته للدستور العراقي ، إلا أن وزارة النفط لم تجيب لا بالرفض ولا بالقبول .
| مواقف واعتراضات سياسية للمشروع |
وحول الإعتراضات قال محافظ نينوى ” أثيل النجيفي ” أن مجلس النواب هو الجهة التي تملك الحق في الطعن بقرارنا، وتكون المحكمة الاتحادية هي الفيصل في شرعية قرارنا من عدمه.
سنتان من المخاض السياسي والقانوني إلى أن ولدت القناعة لدى سياسيي نينوى بأن المشروع قانوني وسيخدم المدينة ولا يشكل أي خطر لا للحكومة الاتحادية ولا لإقليم كردستان ، وكان من أشد المعارضين للمشروع رئيس تجمع العدالة والبناء في مجلس محافظة نينوى ” دلدار الزيباري ” حتى انه رفع دعوى قضائية ضد النجيفي بسبب عقد انشاء مصفى نفطي في نينوى في آذار 2014 كونه المسؤول عن الاعداد لإبرام عقد لإنشاء مصفى نفطي في المحافظة ، ومن بغداد عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط في عهد ” نوري المالكي ” ، ذكر بإن عدم استقرار الأوضاع الأمنية عرقل خطة وزارية لإنشاء مصاف نفطية في عدد من المحافظات من بينها نينوى، وإن الأخيرة قامت بإحالة مشروع المصفى النفطي إلى الاستثمار دون استحصال موافقتها ، وعدم التنسيق هذا سينجم عنه عدم سماح وزارته بتزويد المصفى بالنفط .
“هاشم البريفكاني ” عضور مجلس محافظة نينوى ورئيس لجنة النفط ، قلل من أهمية الاعتراضات بشان عقد المصفى، وقال ” إن ( 24 ) عضواً في المجلس من بين ( 36 ) صوتوا في الجلسة رقم 14 بالموافقة على المشروع ، وحسب القانون والضوابط للقانون الذي صادق عليه مجلس النواب العراقي ، في (8 تشرين الأول 2007) ، على قانون الاستثمار الخاص بنشاط تصفية النفط الخام ، من خلال إنشاء مصافٍ لتكرير النفط في العراق، وهو يسمح للقطاع الخاص بإنشاء المصافي لتكرير النفط الخام وامتلاك منشآت وتشغيلها وإدارتها وتسويق منتجاتها، على أن تكون نسبة 75% من عامليها من العراقيين، وأن تبقى ملكية الأرض للدولة العراقية ، وأضاف البريفكاني ان الاعتراضات سياسية وفيها تحامل من حكومة السيد نوري المالكي وبعض الشخصيات المقربة منه في نينوى وبأعذار واهية لا صحة لها على أرض الواقع ” .
| وكان للإعلام دورسلبي بعناوين لها الأثر البالغ في تكبير الفجوة بين بغداد ونينوى مثل ، ” نينوى تخرج من جلباب بغداد وتدعو لإنشاء مصفى نفطي ” ، ” مصفى نينوى الاستثماري خطوة أولى نحو تشكيل الإقليم ” ، ” متابعة مصفى نينوى .. عقد مغشوش لمصفى مستعمل ” . |
واتهم محافظ نينوى ” أثيل النجيفي ” سياسيين بتفويت فرص الاستثمار النفطي على المحافظة ، وقال النجيفي ” إن “اتفاقاً جرى مؤخراً بين وزارة النفط ووزارة الطاقة في إقليم كردستان ، على أن تقوم وزارة النفط بدفع مستحقات الشركات النفطية العاملة في الإقليم وإعطاء حصة الإقليم من المنتجات النفطية، مع اعتراف الحكومة الاتحادية ضمنيا بعقود هذه الشركات” ، وأوضح أن “بعض السياسيين الذين وصفهم بـ”المطبلين”، من الذين لا يفهمون معنى السياسة، فوتوا على محافظة نينوى فرصة الدخول كطرف في هذه المفاوضات، والحصول على فوائد من النفط المستخرج من أراضيها”.
| 2017 افتتاح المشروع بعقد واتفاق جديد |
أحداث سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على محافظة نينوى لمدة ثلاث سنوات 2014 / 2017 أجلت افتتاح ” مشروع نينوى الإستثماري ” الى منتصف عام 2017 ، والذي نفذته شركة ( Kar Group ) ، بعد إستحصال موافقة مجلس محافظة نينوى لتحويل موقع المصفى الى خارج المناطق التي احتلتها داعش وتم إنشاءه في ناحية خبات التابعة لمحافظة أربيل ، بطاقة إنتاجية اكثر 60 الف برميل يوميا، بعد أن كان الإتفاق بطاقة إنتاجية 100 ألف برميل يومياً ، ووقعت حكومة ” حيدرالعبادي ” عقدا مع شركة ( Kar Group ) قامت بموجبه الشركة بتشغيل المصفى لحساب وزارة النفط بشروط حصلت فيها شركة كار على أرباح أكبر من تلك الموقعة مع محافظة نينوى ، كما خسرت محافظة نينوى المنافع الاجتماعية التي تضمنها الإتفاق الأول ، والذي كان يتضمن صرف مليونين دولار سنوياً لمشاريع تنموية في منطقة الحمدانية ، وارسال ٥٠ بعثة دراسية الى خارج العراق ، واستخدام ٧٥٪ من العمالة من أبناء محافظة نينوى ، وكان في الإستعانة بمكتب محاماة دولي متخصص بالعقود النفطية لصياغة العقد دور مهم بأن يكون العقد قانوني وفيه فوائد ومكتسبات مهمة للمدينة والمواطن بشكل خاص .
وبالفعل كانت المصافي ومحطات انتاج الطاقة الجديدة جاهزة لتجهيز المحافظة والتي قامت الحكومة المركزية بالاتفاق معها على تشغيل قسم منها لصالح الوزارات وفق اسس فنية واقتصادية والتي لم تكن لتوجد لولا جهود دراسات المحافظة قبل سيطرة تنظم داعش الارهابي عليها عام 2014.
ولازال الاعتماد يجري عليها في تجهيز جميع احتياج الوقود في نينوى وقسم من الكهرباء.
| الحكومة المحلية تتغنى بالمشروع |
ومع ذلك اعتبر عضو لجنة الطاقة والخدمات في مجلس محافظة نينوى “حسام العبار” هذا المصفى الذي تنفذه استثمارياً شركة كار كروب يعتبر من المشاريع الاستراتيجية الاستثمارية لمحافظة نينوى ، وأضاف العبار نشعر بالإرتياح لوجود المصفى في نينوى وما ينتجه من مشتقات نفطية سيكون داعم كبير للخدمات للمحافظة ما بعد التحرير وسيكون له دور كبير في المنطقة حيث سيولد الطاقة الكهربائية أيضاً ” .
وبعد أن كان المشروع عليه إعتراضات وإثارة شبهات أصبح منجز وطني تتغنى به الحكومة الاتحادية ، وسياسيي نينوى وفتحت شهيتهم في ديسمبر 2018 ، بمطالبة وزارة النفط باشراك الحكومة المحلية في المشاريع النفطية الإستثمارية، وإنشاء مصافي أخرى في المحافظة ، فيما صوت المجلس على آلية صرف القرض الإسباني وقيمته مليار دولار قابلة للزيادة .
وقال رئيس لجنة النفط والطاقة “هاشم البريفكاني” مجلس محافظة نينوى اجتمع بجلسته الإعتيادية ومنها عرض موضوع مصفى القيارة الإستثماري الذي سينشئ في ناحية القيارة من قبل ” شركة سونغول ” النفطية الانغولية ( Songul Oil Company ) .