المخدرات تغزو الموصل بدعم من فصائل مسلحة.. والأمم المتحدة تحذرالمخدرات ستفتك بالشباب العراقي
عراقيون/متابعة/ انتشار آفة المخدرات تعتبر من أبرز مخلفات تحرير محافظة نينوى من تنظيم داعش الارهابي مع غياب الاجراءات الرادعة لدرء هذا الخطر، وتؤكد مصادر من داخل المدينة أن تجار المخدرات فيها مدعومون من فصائل مسلحة وجهات متنفذة، مع ملاحظة أن القوات الامنية تلقي بشكل يومي تقريبا على مروجي المخدرات في المدينة وهو دليل على الانتشار الكبير للمخدرات ومتعاطيه والتجار الذين يتعاملون به، وانتشار مثير للقلق للمخدرات في أحياء الموصل واقضيتها ونواحيها.
وحذر عضو مجلس قضاء الموصل فارس الخطيب، من خطر انتشار المخدرات في المحافظة وتأثيرها على شريحة الشباب، داعيا الى تكثيف الجهود للقضاء على هذه الظاهرة والحد من انتشار المخدرات في نينوى، وقال الخطيب، أن بعض الاحياء والمناطق وعدة اقضية ونواحي تابعة لنينوى، يتم فيها الترويج وتعاطي المخدرات بكثرة والتي تصل نينوى من محافظات الوسط والجنوب.
ووفقا لضابط في شرطة الموصل، فإن أوكار تجار المخدرات تكاد تكون معلومة إلا أن إجراءات تجهيز قوة خاصة للقبض عليهم تأخرت كثيرا لأسباب مجهولة، مشيرا إلى الحاجة إلى قوة كبيرة لمداهمة معاقل مافيات المخدرات والمواد الممنوعة التي تمتلك حمايات بأسلحة متطورة.
يقول الباحث الاجتماعي عماد الحمداني، أن ظاهرة تجارة المخدرات والإدمان عليها لم تكن موجودة في الموصل قبل احتلالها من قبل تنظيم”داعش”الإرهابي عام 2014، مؤكداً أن هذه الحالات انتشرت بشكل مخيف بعد تحرير المدينة ، ولفت إلى أن مؤشرات ارتفاع الجريمة في الموصل تعود بالدرجة الأساس للإدمان على المخدرات، موضحا أن خطرها لا يقل عن خطر الإرهاب لأن كليهما يقتل الناس ، وبيّن أن المجتمع في الموصل وبقية مدن محافظة مهدد بالتفكك في حال استمرت هذه الظاهرة دون معالجة، منتقدا عدم وجود مصحات لمعالجة المدمنين على المواد المخدرة.
ونظرا لخطورة استشراء المخدرات في المجتمع العراقي بشكل غير مسبوق، فقد انبرت العديد من المنظمات والجماعات المعنية والأجهزة الأمنية والنواب للتحذير من خطورة تفشي هذه الظاهرة والدعوة لوضع الحلول العاجلة لها، حيث شهدت الموصل خلال السنوات الثلاث الماضية دخول وتجارة المخدرات بشكل كبير، حتى وصل عدد الذين ألقي القبض عليهم أكثر من 1750 من المتعاملين والمتعاطين بعد تحرير محافظة نينوى .
ويرى الشيخ أيسر الطائي ان هذه الظاهرة دخيلة على المجتمع الموصلي المعروف بكونه محافظا ومتدينا ، وان هناك عدة أسباب أدت إلى انتشار هذه الظاهرة خلال السنوات الماضية ، داعيا الحكومة لتحمل مسؤوليتها تجاه هذه الظاهرة التي سوف تقضي على الشباب” ومشددا على ضرورة تشكيل خلية أزمة من الحكومة ومجلس النواب للقضاء على هذه الظاهرة التي وصلت المدارس والجامعات ، وقال تفاقم مشكلة المخدرات في المجتمع يستدعي أن نقف عنده ونقرع ناقوس الخطر للتحذير منها ونبحث عن سبل منع انتشارها بين أوساط الطلبة والشباب العاطلين عن العمل مبيناً أن كميات المخدرات أصبحت تدخل بالأطنان الى المدينة .
وأشار مصدر أمني يعمل في مكتب مكافحة المخدرات، أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى وجود أكثر من 300 تاجر مخدرات في محافظة نينوى، وان هؤلاء يديرون معظم تجارة الحبوب المخدرة ومادة الحشيشة التي يتم تهريبها بشكل منتظم من إيران إلى نينوى ومنها الى سوريا، حيث يتم تهريب الجزء الأكبر إلى دول الخليج ولبنان ومنها الى دول أوربا وامريكا.
وذكر المصدر بأن الصورة القاتمة لآفة المخدرات وتهريبها إلى العراق نشطت وشجعت زراعتها وصناعة بعض أنواعها داخل العراق كما أكد ذلك النائب حاكم الزاملي على وجود مواقع لزراعة المخدرات في المناطق الشمالية والوسطى من العراق، إضافة إلى تصنيع مادة الكريستال المخدرة في بعض المدن ومنها بغداد التي تعد من التجارات المربحة وتدر أموالا طائلة، كما أعلن النائب فائق الشيخ علي، عن وجود مزارع خشخاش لإنتاج الحشيشة في جنوب العراق.
وبحسب آخر إحصائية للهيئة الوطنية العليا لمكافحة المخدرات، هناك أكثر من 7000 حالة إدمان في العراق، مضيفة بأن الحبوب المخدرة أُسيء استخدامها من بعض الشباب فتعاطوها كمواد مخدرة رخيصة الثمن يسهل الحصول عليها.
يذكر أن العراق في السابق كان يفرض عقوبة الإعدام على متعاطي المخدرات وتجارها لكنه سن قانونا جديداً في 2017، يمكن بمقتضاه أن يأمر القضاة بعلاج المتعاطين في مراكز التأهيل أو الحكم بسجنهم فترة تصل إلى ثلاث سنوات.
ويذهب كثير من المراقبين إلى أن التلاعب بالإفادات وضبط المجرمين بتحويلهم من متاجرين إلى متعاطين مقابل مبالغ مالية ضخمة بالإمكان وقفه عن طريق جعل تشديد العقوبة من الحبس سنة إلى السجن المؤبد وهذا سوف يغلق باباً مشرعاً للفساد، بحيث تكون عقوبة المتعاطي هي ذاتها للمتاجر بالمخدرات وهو ما يؤدي إلى انعدام اي ملجأ وتخريجة قانونية خبيثة للمتاجرين من سلطة القانون.
وذكر تقرير الامم المتحدة ان من بين كل عشرة اشخاص تتراوح اعمارهم بين 18 -30 سنة يدمن ثلاثة وتابع التقرير كما ان من بين كل ثلاثة منتسبين في القوات الامنية يتعاطى واحد مادة مخدرة ويعزو التقرير انتشار هذه الظاهرة الى قلة المتابعة والتوعية ومراكز العلاج في العراق فضلا عن اخفاض نسبة العقوبة اما في الوقت الحالي فعقوبة تجار المواد المخدرة تصل الى 6 أشهر تقريبا فضلا عن كون اغلب التجار مدعومين من قبل جهات متمكنة في الدولة.
ويعتبر العراق بعد 2003 معبرا ومستهلكا للمواد المخدرة فيما كان في السنوات التي تسبقها يشكل معبرا لها فقط ورجحت الاحصائية الصادرة عن الامم المتحدة ان 10 سنوات القادمة ستفتك بالشاب العراقي في حال بقي الوضع على ما هو عليه.
ويؤكد تجار ومهربون، على حد سواء بين العراق وإيران، تفاقم ظاهرة تهريب العرق والخمور المستوردة من العراق إلى إيران مقابل تهريب الحشيشة والحبوب المخدرة من إيران للعراق، فيما تعمل الميليشيات المسلحة وبعض منتسبي الشرطة وقوات الحدود على تسهيل هذا النوع من التجارة مقابل رشى وأتاوات.
من الممكن تورط بعض الدول المعروفة بتدخلاتها بالشأن العراقي في هذه الفضيحة لعدة اسباب منها:
سهولة ادخال المخدرات للعراق بسبب الفلتان الذي تشهده معابره الحدودية البرية والمائية والجوية.
توريط المسؤولين العراقيين عن طريق اشراكهم واعطائهم نسبة من الارباح من ناحية واستعبادهم لتنفيذ مآرب هذه الدول مقابل عدم فضح اشتراكهم بهكذا اعمال قذرة عقوبتها الاعدام.
اختبار كافة انواع المخدرات على افراد المجتمع العراقي باعتبارهم فئران تجارب قبل ارسالها الى الدول الاخرى.
تحطيم القوة البشرية في العراق عن طريق اغراق شبابه ببراثن التخدير والهلوسة.
نحن بأمس الحاجة الى استراتيجية علميه تنفذ على مراحل، يسهم في صياغتها أكاديميون بعلم النفس والاجتماع والتربية، وممثلون عن مجلسي النواب والوزراء، والهيئات المعنية بمكافحة المخدرات، وقانونيون شاركوا بكتابة قانون مكافحة المخدرات رقم (50) لسنة (2017) يرفع الى مجـلس النواب للمصادقة عليها ويلزم الحكومة بتنفيذها، وبدونه يصح توقع الأمم المتحدة بأن المخدرات ستفتك بالشباب العراقي ان بقي الحال كما هو.