كورونا يتوحش.. الصحة العالمية تتهم دولاً بالتخبط وحديث عن موجة أكثر قسوة على البشر
أعلنت منظمة الصحة العالمية أن العالم لن يستعيد “ما كان عليه من وضع طبيعي في المستقبل المنظور”، وذلك في تصريحات مفاجئة جديدة تعبر عن القلق والخوف والإرباك من فيروس كورونا المستجد.
واتهمت المنظمة الحكومات بأنها اتخذت قرارات غير صائبة أدت إلى انتشار الفيروس مرة أخرى، مع العلم بأن “الصحة العالمية” نفسها متهمة بالتخبط في إدراة ملف أزمة كورونا.
وعلى أرض الواقع، سجل العالم أرقاما قياسية للإصابات بفيروس كورونا، ما قد ينذر بموجة ثانية، يقول بعض العلماء إنها ستكون أكثر قسوة على البشر.
في الولايات المتحدة البلد الأكثر تضررا من الجائحة سجلت السلطات أرقاما قياسية بـ 60 ألف إصابة جديدة خلال 24 ساعة، ما يعني ظهور أكثر من 2500 حالة كل ساعة، وبما معدله أكثر من 41 إصابة كل دقيقة في هذا البلد لوحده.
وحتى في الهند والمكسيك والبرازيل فقد سجلت فيهما أعداد الحالات الجديدة أرقاما قياسية مقلقة، والتي تتجاوز عشرات آلاف الإصابات.
وعلى صعيد العالم، فقد تجاوزت أعداد الإصابات 13 مليون شخص، بعدد وفيات ناهز الـ 570 ألف وفاة، وفق البيانات التي ترصدها جامعة جون هوبكنز.
عودة للحجر ومنع التجول
بعض المدن حول العالم بدأت بالعودة إلى خيار الحجر وحظر التجول، حيث أعادت السلطات الفلسطينية إغلاق مدن الضفة الغربية، بعد تفشي الوباء في مدينة الخليل، وأعلنت وزارة الصحة أن الوباء خرج عن السيطرة في المدينة.
السعودية لا تزال تواجه ارتفاعا يوميا في الإصابات، وتفروض السلطات في الممكلة إجراءات مشددة. ومصر أيضا تسجل إصابات يومية بأعداد متزايدة.
وفي كولومبيا فرضت السلطات الحجر الإلزامي على مناطق في العاصمة بوغوتا ومناطق أخرى فيها أكثر من 3.5 مليون شخص.
فما الذي جرى؟
يسأل كثيرون: لماذا تشهد بعض دول العالم ارتفاعات غير مسبوقة في الإصابات بالفيروس؟ وهل فشلت منظمة الصحة العالمية في التوجيه؟ أم أن سياسة العودة التدريجية للنشاطات العامة التي انتهجتها الحكومات كانت خاطئة؟
رئيس منظمة الصحة العالمية تيدورس أدهانوم، قال في مؤتمر صحفي الاثنين إن الكثير من الدول تسير في الاتجاه الخاطئ، حيث تتخبط في قراراتها، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى تطبيق استراتيجية شاملة تركز على وقف انتشار الفيروس وإنقاذ الأرواح.
المسؤولون عن الصحة العامة في الولايات المتحدة ما يزالون يلتزمون بتكرار التوجيهات بضرورة التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات في المناطق العامة، ولكن لم يتم إعادة طرح خيار الإغلاق مرة أخرى، رغم أن بعض الولايات بدأت بالعودة التدريجية لإغلاق بعض النشاطات التي تعتقد أنها مسؤولة عن انتشار الفيروس، وفق تقرير نشرته شبكة “VOA”.
السلطات في ولاية كاليفورنيا أعادت فرض قيود صارمة على الأنشطة العامة لمواجهة انتشار المرض، حيث أغلقت الحانات ودور السينما والمطاعم وحتى دور العبادة وحدائق الحيوانات والصالات الرياضية.
وعلنت منظمة الصحة العالمية أنه “من المبكر جدا” اعتبار فيروس كورونا الجديد الذي ظهر في الصين وبدأ بالانتشار في العالم “حالة طوارئ صحية عامة على نطاق دولي”.
وما يحدث في الولايات المتحدة ينطبق على العديد من دول العالم، مثل إسبانيا التي كانت في فترة من أكثر الدول تضررا، ولكنها أعادت تدريجيا الحياة لطبيعتها، ولكن السلطات المحلية في البلاد بدأت تعيد فرض بعض القيود في ظل المخاوف من عودة انتشار كورونا مرة جديد.
في سيدني أستراليا أمرت السلطات الحانات التشديد على التزام روادها بتعليمات الصحة العامة، وفي ولاية ساوث ويلز تسبب حدوث سهرة جمعت العديد من الأشخاص بالقلق للسلطات، والخوف من موجة ثانية من الانتشار، حيث لم يلتزم الحاضرين بأي من التعليمات بالتباعد وارتداء الكمامات وغيرها من إرشادات الصحة العامة في ظل كورونا، وفق وكالة فرانس برس.
كما أعلنت هونغ كونغ وكيبيك أيضا عن إجراءات جديدة لمحاولة وقف تفشي الوباء.
سياسة العودة التدريجية
وبعد أشهر من حالات الإغلاق التي كانت قد شهدتها العديد من الدول حول العالم، إلا أنها كانت قد أعادت نشاطاتها بشكل تدريجي منذ مطلع يونيو، وهو ما كانت قد حذرت منه منظمة الصحة العالمية، عندما قالت “المعركة ضد فيروس كورونا لن تنتهي إلا بعدم وجود الفيروس”.
ورغم التحذير الذي أطلقته المنظمة الأممية إلا أنها كانت قد دعت في الخامس من يونيو الدول الراغبة في تخفيف الإجراءات إلى القيام بذلك بشكل تدريجي وحذر، ورغم استمرار ارتفاع الأعداد في حينها إلا أنها أكدت أنها لا تتحدث عن الدول الأوروبية.
كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة أنتوني فاوتشي رغم انتقاده تزايد الإصابات في البلاد والتي عزاها إلى إنهاء الإغلاق في العديد من الولايات ولا مبالاة العديد من الأميركيين بتعليمات الصحة العامة، إلا أنه كان قد كرر أكثر من مرة عدم الحاجة إلى الإغلاق أو الحجر، ولكن علينا التعايش مع وجود كورونا لحين ظهور اللقاح.