الربيعي يدلُّكم على عنوان ” المرحلة ” ! علي حسين
في البدء، شكراً لجبهة الإصلاح البرلمانية أنها طمأنتنا بأنّ المعركة مع الفساد انتهت بصورة كاملة، وأنها تبحث عما تبقّى من فلوله المنهارة، حسب تصريح ” ثوري” للنائب هيثم الجبوري ، وشكراً لوزارة الهجرة والمهجّرين أنها خفّضت عدد المشرّدين في الخيام ، فبدلاً من أن تقول إنّ الرقم تجاوز الأربعة ملايين ، قالت بخجل إنّ الرقم لايتعدّى الثلاثة ملايين فقط لاغير، والشكر كلّ الشكر موصول لمجلس النواب بعموم فروعه في معظم دول العالم، لأنه قرّر أن يعقد جلسات ترفيهيّة لأعضائه في لندن وبرلين ودبي وعمّان، وعدد من العواصم بالتأكيد ليست بغداد من ضمنها، وأن السادة النواب وأثناء تجوالهم في شارع أكسفورد، أو قضائهم سهرة ممتعة في منتجع النخيلة، حتى وإن كانوا في مهمة تسوّق عائلية في باريس فإن قلوبهم وعقولهم وعواطفهم ستكون حتماً مع أهالي الموصل الذين سيقضون أعياد الميلاد في خيام ممزقة بفضل إنجازات مهدي الغراوي وعلي غيدان والفريق عبود كنبر الذي يقضي فترة نقاهة في بيروت ، طبعاً لا أريد أن أتجنّى على السياسيين لكنّ ظهور السيد موفق الربيعي من لندن وهو يحذّرنا من العواقب الوخيمة والفأل السيّئ لو أننا تحدثنا بسوء عن الأحزاب الإسلامية ، وإصراره “حفظه الله ” على ان نردد معه الجملة الاثيرة التي قالتها له يوماً والدته : ” أنّ حزب الدعوة يشوّر بكل من يعاديه ! ، يجعلنا نضرب كفّاً بكف على قدرة السيد الربيعي الذي يريد أن يقنعنا أنّ ترك أطفال الموصل يواجهون ثلوج الشتاء في الخيام أهون عند الله ، من ” التحرّش ” بالأحزاب الإسلامية ، فحال هذه البلاد لايصلحها سوى حكم الأحزاب الدينية!
مبكّراً للغاية يُعلن الربيعي عن نواياه ، وهو الذي صدّع رؤوسنا أيام تولّيه الأمن الوطني بفصل الدين عن السياسة ، وأتذكر حديثه يوم قال إن أحزاب الإسلام السياسي في العراق ، فشلت في إدارة الدولة ، وأتحفنا آنذاك بنظريته حول الدولة المدنية المرتجاة ، ولكن يبدو أنّ مثل هذه الأغنية يستخدمها الربيعي ، على طريقة الغناء لمن يدفع أكثر .
كنتُ قد كتبت في هذا المكان أكثر من مقال عن اللاعبين على الحبال الذين يتكاثرون كل يوم ويتصورون أنفسهم أذكى من الجميع، أو ربما لأنهم لا يقرأون التاريخ ، وبالتالي لا يستفيدون من تجارب الشعوب وربما أيضا إن الانتهازية والطمع يغشيان العيون ويعميان الأبصار.
ونحن في انتظار أن ندخل عام 2017 في مدن العصور الوسطى .من سينسى تلك الفئة من السياسيين التي طفت على السطح لتتاجر وتجاهر بالطائفية والرشوة والتزوير، سياسيون يهدمون الوطن كلّ يوم ، ويصرّون على التربّع على أنقاضه.