خسائر بـ 160 مليار دولار.. فيروس كورونا يوجه ضربة قوية للاقتصاد العالمي
رسمت وكالة بلومبيرغ الأميركية للأنباء صورة قاتمة لتداعيات وباء كورونا الفتاك على الاقتصاد العالمي.
وذكرت الوكالة في تقرير إخباري أن الاقتصاد العالمي المترابط بدأ يشعر بوطأة تفشي فيروس كورونا واحتمال تعرضه لضربة تفقده نموا مقداره 160 مليار دولار.
وظهر الفيروس في ديسمبر/كانون الأول الماضي في سوق بمدينة ووهان الواقعة وسط الصين. وتشير الأبحاث الأولية إلى أن الفيروس انتقل إلى الإنسان عن طريق الثعابين.
ومنذ حدوث آخر أزمة صحية في الصين جراء تفشي مرض متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) من أصل حيواني المنشأ في عام 2003، تضاعفت حصتها في الناتج الاقتصادي العالمي أربع مرات بمعدل 17% تقريبا.
وتشير بلومبيرغ إلى أن الصين تعد الآن أكبر سوق لإنتاج السيارات الجديدة وأشباه الموصلات، وأكبر دولة من حيث الإنفاق في السياحة العالمية، والمصدر الرئيسي للملابس والمنسوجات. كما أنها البلد الذي تُصنَّع فيه العديد من أنواع الأجهزة الإلكترونية.
غير أن الضربة التي تلقاها الاقتصاد العالمي من اندلاع وباء كورونا الجديد ربما يكون أكبر بثلاث أو أربع مرات من اللطمة التي تعرض لها من تفشي مرض سارس المقدرة بنحو 40 مليار دولار، بحسب بروفيسور وارويك ماكيبين أستاذ الاقتصاد بالجامعة الوطنية الأسترالية.
صدمة
استطاعت الصين حتى الآن -وفق تقرير بلومبيرغ- امتصاص الصدمة الاقتصادية الناجمة عن وباء كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 210 أشخاص داخل حدود الصين وأصاب ما يزيد على 9950 حول العالم بالعدوى.
ونقلت الوكالة في تقريرها عن ميغيل باتريسيو الرئيس التنفيذي لشركة كرافت هاينز الأميركية للمواد الغذائية، القول إن الجميع بانتظار ما ستسفر عنه الأزمة الحالية من تطورات.
ويضيف باتريسيو أن الخطر يكمن في احتمال استمرار تفشي الوباء الجديد واضطرار الناس للبقاء داخل منازلهم، مما يعني بروز مشاكل للشركات في مجالي التوزيع والإنتاج.
وتشير بلومبيرغ إلى أن شركة ليفي شتراوس وشركاءه المتخصصة في ملابس “الجينز” أغلقت أبواب متجرها الرئيسي في مدينة ووهان الذي افتتحته قبل أربعة أشهر.
ونوهت الوكالة إلى أن شركات عالمية كانت قد هرعت لفتح محلات ومعارض في مدينتي بكين وشنغهاي الصينيتين، مثل إيستي لودر الأميركية لمستحضرات التجميل، وكندا غوس وهي شركة كندية قابضة لصناعة الملابس الشتوية، ورولز رويس للسيارات وهي شركة بريطانية متعددة الجنسيات.
وامتنعت شركات تتمتع بترويج كبير في الصين -مثل ستاربكس وتسلا- عن توقع مدى تأثير الفيروس على قوى الطلب هذا الأسبوع. أما شركتا آبل ومايكروسوفت فقد كشفتا عن توقعات أوسع نطاقا من المعتاد لربع السنة الأول، وسط حالة من عدم اليقين حول تأثير الفيروس.
وتقول وكالة بلومبيرغ إن موجة التأثير الأولى على الاقتصاد العالمي من الفيروس تأتي في وقت حرج. فالشركات الغربية ساهمت في تحويل احتفالات الصين بالسنة القمرية الجديدة التي تقام أواخر يناير/كانون الثاني من كل عام إلى مناسبة للتسوق تدر أرباحا وفيرة، حتى باتت فترة محورية للنمو الاقتصادي في البلاد.
لكنها لم تعد كذلك هذا العام بسبب وباء كورونا، حيث تشير تقديرات بلومبيرغ إلى أن نمو الاستهلاك في الربع الأول سيتباطأ بأكثر من النصف في الصين من معدله المسجل في الشهور الأخيرة من عام 2019 الذي بلغ 5.5 %.
ويتجلى هذا التراجع في إقدام شركة ستاربكس على إغلاق أكثر من ألفي منفذ من منافذها في عموم الصين، أي نصف عددها في تلك الدولة. كما أغلقت شركة ماكدونالدز المئات من مطاعمها، بينما بدأت البضائع في بعض محلات وولمارت للبيع بالتجزئة في النفاد.
إغلاقات متتالية
في غضون ذلك، أغلقت ملاهي ديزني لاند أبوابها في شنغهاي وهونغ كونغ، في حين نصحت كل من الولايات المتحدة واليابان رعاياها بتجنب السفر إلى الصين، وقلصت بعض شركات الطيران رحلاتها إلى تلك الدولة ليس خوفا من العدوى بل لقلة الراغبين في السفر.
وتتوقع بلومبيرغ أن يكون لتفشي وباء كورونا تأثير واسع النطاق على قطاع صناعة التكنولوجيا، حيث تستأثر الصين بنحو 21% من الإنفاق العالمي في أجهزة تكنولوجيا المعلومات.
وتتخذ بعض كبريات الشركات المصنعة لأجهزة الحاسوب الشخصي وموردي قطع الغيار من الصين مقرا لها، فإذا ما حدث تباطؤ في المبيعات فمن شأنه أن يحد من الطلب على برمجيات أنظمة تشغيل مايكروسوفت ويندوز.
وتستخدم أكثر من 50% من الشرائح الإلكترونية المقدر قيمتها بنحو 470 مليار دولار، إما في أجهزة تباع في الصين أو تورَّد إليها، بغية وضعها في معدات أو تجهيزات تمهيدا لبيعها حول العالم.
وكان وزير التجارة الأميركي ويلبور روس صرح لشبكة فوكس بيزنس بأن تفشي المرض قد يدفع مزيدا من الشركات إلى نقل صناعاتها التحويلية إلى الولايات المتحدة والمكسيك.
وتعتقد ميليسا شو المديرة بمصنع لقطع غيار السيارات تابع لشركة إي دي أوبتو للإضاءة الكهربائية بمدينة تشينجيانغ شرقي الصين، أن ظهور الفيروس الجديد ربما يشكل ضربة لهم أكبر من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.