في الموصل.. محطات المياه تضخ مياهاً معقمة لكنها تصل ملوثة إلى المنازل
الموصل- هناء أحمد
يشكو بعض سكان مدينة الموصل من تلوث في مياه الإسالة الواصلة إلى منازلهم ولاسيما في مواسم الأمطار والفيضانات. وأصبح الكثيرون هناك يعتمدون على شراء المياه المعبأة للشرب ومياه الإسالة لباقي الاحتياجات.
وهو ما يدفع بعض المختصين إلى الاستغراب خصوصا أن نهر دجلة يقطع مدينة الموصل إلى نصفين، ويفترضون أن تؤدي محطات التنقية دورها بنحو جيد بحيث توصل مياه صالحة للشرب إلى المواطنين.
مياه طينية
ويفاجأ الأهالي أحياناً وهم يفتحون صنابير المياه في منازلهم بمياه عكرة تفسد مصداتهم الذاتية من فلاتر تنقية وحتى خزانات المياه يضطرون لتنظيفها بين فترة وأخرى بسبب ترسب الطين.
” مياه بلون الطين” يقول المواطن خالد مازن من سكان حي الزهور شمال شرقي الموصل.
” اعتدنا على ذلك في الربيع، وفي بقية أيام السنة لم نعد نثق بشرب المياه من الحنفيات لما نسمعه من أحاديث عن امراض تسببها خصوصا في الكلى بسبب الطين”.
ويؤكد بأنه “لم يكن يصدق بادئ الأمر بوجود طين في مياه الإسالة وكان يعتقد بان الأمر يقتصر على أيام معدودة ويعود الماء إلى طبيعته نقياً، لكنه حين وضع فلتراً لتصفية المياه على أحد صنابير المياه في منزله أكتشف وخلال فترة وجيزة تشكل طبقة سميكة من الطين داخل الفلتر ولذلك أصبح يشتري المياه المعبأة من السوق على الرغم من عبء تكلفتها المادية لكنه يفضل صحة أفراد عائلته على أي شيء آخر كما ذكر”.
المواطن زاهد علي نجم من سكان منطقة باب الجديد في الجانب الأيمن لمدينة الموصل “لا يرى أي مشكلة في مياه الاسالة ويسخر من شكوى البعض لمجرد تغير لون الماء ليوم او أثنين” وقال: ” أكيد هم من الذين لم يكونوا في الموصل خلال فترة داعش وحرب التحرير، كنا نشرب ماء الأمطار والآبار التي يعرف الجميع انها لا تصلح للشرب”.
واقترح على الناس استخدام (الحب) وهي آنية فخارية تراثية كانت تستخدم قبل عقود طويلة لتصفية وتنقية المياه. ثم قال مبتسما: ” نحن نفعل ذلك الآن في المنزل بدلاً من شراء المياه من السوق”.
دائرة الماء تنفي التلوث
وينفي المهندس نيلسن فيليبس خوشابا مدير ماء نينوى أن يكون هنالك أي تلوث في المياه المنتجة في مشاريع التصفية في نينوى. ولخص الأمر بحدوث تكسرات في أنابيب شبكات الإيصال فتختلط بالمياه الآسنة فتصل ملوثة للمواطن، ويتم فور الإبلاغ عن حادث مماثل بمعالجة المشكلة وإبدال الأنابيب التالفة من قبل الكوادر العاملة بنحو يومي.
وطمأن مدير الماء المواطنين” إلى أن مهمة دائرته الرئيسية هي توفير المياه الصالحة للشرب لهم وبحسب مواصفات المنظمة العالمية للصحة”.
وأضاف” ان محطات التنقية بمواصفات جيدة وكذلك مواد التعقيم والتنقية والترسيب المستخدمة وأن في كل مشروع ضخم يوجد مختبر فحص مركزي كما أن هنالك فحوصات يومية تجريها وزارة الصحة على المياه في محطات عديدة للتأكيد من صلاحيتها للاستهلاك”.
لكنه عاد ليقر بعكورة المياه في مواسم الأمطار وان المحطات تتوقف عن الضخ عندما تزداد إطلاقات المياه من بحيرة سد الموصل (35كم شمالاً) إلى مجرى نهر دجلة ويصاحب ذلك نسبة عكورة تصل الى ما يقرب من (3000) وحدة وهو ما يؤدي إلى إيقاف عمل المحطات المياه لكونها مصممة للتعامل فقط مع نسبة عكورة تصل إلى (600) وحدة.
ولفت إلى ان” ذلك يحدث في جميع محطات المياه في العراق وليس نينوى فقط لأنها مشاريع تقليدية”.
ولمعاجلة ذلك قال مدير ماء نينوى أن المؤسسات المختصة تدرس الاستعانة بمادة جديدة بديلة أسمها (ACF) كفاءتها أعلى في تنقية المياه من مادة الشب المستخدمة منذ عقود وأن دائرته ستتكفل بأجور التجهيز من خلال وارداتها وأنه فاتح بعض المنظمات الإنسانية العاملة في نينوى للمساعدة في ذلك أيضاً.
“شبكات المياه في الموصل هي السبب”
موظف متقاعد من دائرة الماء يعمل خبيرا حاليا وصف شبكة المياه في الموصل بالمتهالكة. بل وشدد على ان قسماً منها ولاسيما في المدينة القديمة غير صالحة للاستخدام من الناحية الصحية ويجب إبدالها بالكامل.
وهو يعتقد بأنها هي السبب الرئيس لاستلام المواطنين مياهاً ملوثة في منازلهم. بسبب نفاذ مياه ملوثة من خلال التكسرات فيها تحت الأرض.
وبين “ان إبدال الشبكات بالكامل وفقاً لتصاميم علمية حديثة يستغرق سنوات طويلة فضلاً عن تكلفتها الباهظة التي ليس بوسع نينوى تحملها خصوصاً وأن البنى التحتية الأخرى شبه مدمرة بسبب الأوضاع السابق. “
لهذا فان منظمة الصليب الأحمر قامت بدراسة الشبكات في مختلف مناطق مدينة الموصل لبيان أسباب الإخفاقات الموجودة فيها، من أجل أن يكون هنالك تصور كامل عن الخلل بغية وضع الخطط اللازمة لمعالجتها من قبل مديرية ماء نينوى.
ويعاني الواقع الخدمي في مدينة الموصل من تدهور ملحوظ جراء تضرر اغلب البنى التحتية بعد الحرب الشرسة على تنظيم الدولة الإسلامية (“داعش”)، ولم يجر إعادة اعمار البنى الى سابق عهدها.