كتائب حزب الله تخطط للسيطرة على مطار بغداد والخطوط الجوية العراقية
بغداد – تحاول إحدى الميليشيات العراقية المسلحة، السيطرة على مطار بغداد وشركة الخطوط الجوية العراقية، لتحقيق أهداف استراتيجية تتعلق بطموحات إيران في المنطقة، في وقت يتراجع فيه نفوذ الحكومة العراقية داخل المطار وقدرتها على مراقبة حمولات الطائرات وحركة المسافرين.
ووفقا لمعلومات استخبارية، اطلعت عليها “العرب”، فإن كتائب حزب الله، وهي ميليشيات عراقية أسسها نائب رئيس الحشد أبومهدي المهندس وهي وثيقة الصلة بالحرس الثوري، ويشاع أنها تعمل مباشرة تحت أمر الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، تتسلل عبر موظفين موالين إلى مناصب مهمة في قطاع الطيران المدني العراقي.
وتشير المعلومات إلى أن كتائب حزب الله دعمت شخصيات معينة لتولي مناصب مهمة في إدارة مطار بغداد الدولي، أكبر مطارات العراق، وشركة الخطوط الجوية، وهي الناقل الوطني في البلاد.
وبحسب التقديرات المتعلقة بهذه المعلومات، فإن هدف هذه العملية أولا ضمان سهولة استخدام الطيران الإيراني لمطار بغداد الدولي، وثانيا توفير عوائد مالية كبيرة لما يسمى بـ”محور المقاومة” الذي يضم طيفا من الميليشيات العراقية الموالية لطهران.
ويقول محققون عراقيون إن الموظفين الموالين لهذه الجماعة المسلحة، سيطروا أول الأمر على الشركة التي تقوم بفحص أمتعة المسافرين وشحنات البضائع والمواد التي تمرّ عبر مطار بغداد، ما سمح لهم بتحديد الإجراءات التي تخضع لها كل طائرة على حدة
وتشير المعلومات إلى أن قدرة الحكومة العراقية على مراقبة الحمولات في الطائرات الإيرانية التي تستخدم مطار بغداد، تتقلص يوما بعد آخر، وقد تتلاشى نهائيا في حال نجحت كتائب حزب الله في إحكام قبضتها على هذا المرفق.
وفي بعض الحالات، أجبرت إدارة مطار بغداد على تقديم تسهيلات لمسافرين مطلوبين للقضاء والقوات الأمنية، أو ساسة صدرت بحقهم أوامر بمنع السفر، لتورطهم في قضايا فساد.
ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من العراق عسكريا العام 2011، تراجع تأثير شركات الأمن الأجنبية على مطار بغداد، بعدما كانت تسيطر على عمليات تفتيش الطائرات وتنظيم عمليات الهبوط والإقلاع، وتأمين محيط المطار نفسه.
وقام الموظفون التابعون لكتائب حزب الله، تاليا، بالسيطرة على مرافق تقدم خدمات للمسافرين، ولذويهم أو أقاربهم الذين يرافقونهم لتوديعهم أو العودة من أجل استقبالهم، إذ جرى الاستحواذ على مطاعم ومرآب لوقوف السيارات وشركات تشغل سيارات من وإلى المطار لنقل المسافرين، وغيرها.
وتدرّ هذه المرافق أموالا طائلة، بسبب ازدياد الحركة في مطار بغداد، في أعقاب التحسن الكبير الذي طرأ على الأوضاع الأمنية في العراق. وتشكل هذه العوائد مصدرا لتمويل أنشطة حلفاء طهران في العراق، ما يقلص النفقات التي تتحملها إيران، في ظل العجز المالي الذي تعانيه بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليها.
وفضلا عن ذلك، يتدخل الموظفون الموالون لهذه المجموعة المسلحة في اختيار الطائرات التي تذهب إلى بعض الوجهات. وفي إحدى الحالات أجبرت كتائب حزب الله شركة الخطوط الجوية على تأجير طائراتها لشركات خاسرة، مملوكة لساسة عراقيين، ومنحها تسهيلات تتعلق بالهبوط والإقلاع والشحن.
Thumbnail
ووفقا للمعلومات، فإن شركة طيران يساهم في رأس مالها رجال أعمال خليجيون تتعرض لضغوط كبيرة بلغت حدّ محاربتها في عدد الرحلات التي تسيرها والوجهات التي تختارها والأسعار التي تضعها.
وتقول المعلومات إن الحرب على هذه الشركة، التي أسسها سياسي عراقي، ثم بيعت إلى مجموعة من رجال الأعمال بعد إفلاسها، اشتدت كثيرا مع تحولها من خاسرة إلى رابحة.
وتعجز إدارة مطار بغداد وإدارة شركة الخطوط الجوية عن مواجهة النفوذ المتنامي لكتائب حزب الله، فيما تشير مصادر إلى أن الحكومة العراقية لا تقدم العون الكافي لاستعادة السيطرة على هذه المرافق الحيوية.
ويعتقد مراقبون أن سيطرة ميليشيا مسلحة على مطار رئيسي في بلد مثل العراق، تعني أن ذلك البلد فقد جزءا أساسيا من سيادته الوطنية، فالمطار هو بوابة الدخول والخروج التي يجب أن تكون محكمة ومحكومة بقوانين وطنية واضحة ولا لبس فيها.
وأشار مراقب سياسي عراقي إلى أن ما يجري في مطار بغداد يشبه إلى حد كبير ما يجري في مؤسسات سيادية أخرى من اقتلاع للهوية العراقية ووضع تلك المؤسسات في خدمة أجندات خارجية لا تمت بصلة للرغبة في إنشاء دولة مستقلة ذات سيادة.
وقال المراقب في تصريح لـ”العرب” إن السيطرة على المطار ستضمن لتلك الميليشيات إيرادات بيضاء وسوداء في الوقت نفسه، وهو ما يمكن أن يلحق بالدولة العراقية أضرارا كبيرة على المستوى الاقتصادي وحرمانها من جباية أموال هي من حقها، لافتا إلى أن الجانب الأخطر في المسألة يكمن في عمليات تهريب المواد المحرمة كالمخدرات والأسلحة، ما قد يؤدي إلى توسيع شبكات الاتجار المحلية بتلك المواد في ظل غياب الدولة الكلي.
وحذر من أن سيطرة ميليشيا تابعة لإيران على مطار بغداد سيحوله إلى نقطة وصل بين طهران وبيروت بعد أن صارت الطرق البرية خاضعة تماما للرقابة الإسرائيلية، مضيفا “وإذا ما عرفنا أن مطار رفيق الحريري ببيروت يكاد يكون خاضعا لسيطرة حزب الله فإن إيران تكون قد وجدت البديل الأكثر أمانا لوصول أسلحتها إلى الميليشيا الشيعية في لبنان