العمود الثامن : لماذا يكره المالكي الفساد ؟!! علي حسين رصد عراقيون

أحب ساخر بريطانيا الأكبر جورج برنادشو إحدى قريباته، لكنها لم تبادله الحب ، ويقال ان جميع النساء اللواتي أحبهن كن من النوع الذي لا يطيق شيئين ، سخريته الحادة ، وهيئته الرثة ، فالمرة الوحيدة التي ارتدى بها بدلة انيقة ، كانت في حفل تكريم صديقه شارلي شابلن

كان برنادشو في السبعين من عمره ، عندما كتب مسرحيته الشهيرة ” تابع الشيطان ” في ذلك الحين كان يوزع سخرياته على الجميع، لكنه بالمقابل كان يكدس لتاريخ البشرية ثروات أكثر لمعاناً من كل كنوز الدنيا.. يخبرنا انه حاول في المسرح ان يعوض ما أهمله التاريخ.. أما ما الذي أهمله التاريخ ، فهو الضعف البشري ، يحذرنا برنادشو من الغموض الذي يرافق السلطة المطلقة ، ومن المعارك التي تجري بأوامر من رجال يفتقرون الى الكثير من الحكمة ، ويعلمنا ان الانسان يتحول في ظل التعاليم الجاهلة إلى جزء من آلة، ينفذ من دون تفكير ، يسير ويقوم وينام من دون نقاش، لا نهاره له ولا غده ملك لأبنائه.
وذات يوم كتب مقالا يسخر فيه من تشرشل الذي قدم قانونً للبرلمان يمنح مكافات واعفاءات ضريبية ، لكل بريطاني يغسل واجهة بيته ، وكان عنوان المقال : من ينظف سخام القلوب ياعزيزي .
أمضى السيد نوري المالكي ثماني سنوات قابضاً على كرسي رئاسة الوزراء وهو يعلن للعالم نظرية جديدة خلاصتها : “ان الديموقراطية لا تعني محاسبة الفاسد والسارق “، أرجو ألا يظن أحد أنني أحاول أن اعود في كل مرة الى سيرة “باني الديمقراطية العراقية الحديثة ” وان جعبتي خلت من الحكايات ، الا حكاية صاحب احاديث الاربعاء ، ولكنني ايها السادة أحاول القول إن لا شيء يحمي الدول من الخراب ، سوى مسؤولين صادقين، في العمل وفي الاعتراف بالخطا ، والا ما معنى ان يخبرنا المالكي اليوم ان سبب مشاكلنا هي الفوضى والفساد ..” ممنونين منك ياحاج ” !!
في كل يوم أواجه بهذا السؤال الأزلي : لماذا تكتب عن فلان وتستثني “علان”، لماذا تناصب النائبة ” الشجاعة ” العداء فيما تغضّ الطرف عن مسؤول آخر ؟!..ماذا نكتب ياسادة في بلد يرفع سيف ” الجهاد ” في وجه من يتحدث بالدولة المدنية ويعتبره فاسقا ومنحلاً .
تطلع المواطن العراقي حوله، فرأى كيف مررت القوانين و المشاريع والتعيينات ، وكيف وضع ” االدباغ ” الخطأ في المكان الخطأ، وشعر أن الدولة سوف تنهار، ليس في الخلاف على الرؤية الوطنية، بل في النزاع على الحصص والامتيازات .
نتمنى على السيد المالكي ان يصارحنا باسماء الفاسدين والسراق . ويخبرنا، بصراحه ، من هم الذين لطشوا اموال الكهرباء ، والفائض من الموازنات ، واين ذهبت دولارات الصفقة الروسية ، وماذا عن الذين يديرون الان عشرات المليارات من اموال العراق المسروقة في مشاريع تجارية وصفقات سياسية . واتمنى صادقاً على السيد المالكي أن يعود إلى أرشيف الصحف العراقية خلال فترة ولايته الاولى والثانية ، ليعلم من الذي بصم على هلاك هذه البلاد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *