العمود الثامن : ” ….. شو ” !! / علي حسين / رصد عراقيون
” ان المقرات التي استولى عليها تيار الحكمة الوطني هي مغتصبة شرعا ولا يجوز الصلاة فيها ” ، وحين يسأله المحاور عن موقف السيد عمار الحكيم يقول :” أجزم بان السيد عمار الحكيم لا يعرف بما يصدر من قبل بعض قيادات الحكمة الوطني ” .
المسافة هنا بين ” الهزل ” و ” الجد “، قصيرة إلى حد لا تعرف هل هذا الحديث ” سخرية ” منا نحن المشاهدين ، أم ” حوار تلفزيوني يصف به القيادي في المجلس الاعلى الشيخ جلال الصغير ، الازمة التي حصلت بين قيادات المجلس وتيار الحكمة .
تخيلت بعد سماعي حديث الشيخ الصغير ، أنه مسودة حلقة من حلقات برنامج البشير شو الذي قرر البعض من المدافعين عن ” هيبة ” الساسة ، ان يحاكموه بتهمة الاساءة لـ ” الرموز ” !! .. للاسف هناك في دولة الفيسبوك من يبلغ به الشطط في عبادة السياسي ، أن يطالب باعدام كل من ينطق بحرف ضده، أو ينظر إلى صورته على نحو يبتعد عن الإجلال والتعظيم ، أو ينطق اسمه غير مصحوب بمفردات التقديس والحمد.
العبارة قالها الشيخ جلال الدين الصغير بجدية دون أن يرف له جفن ، لكنه في الوقت نفسه يريد إثارة الضحك عند العراقيين والسخرية من تساؤلاتهم عن مصدر هذه الاملاك ، وهل هي ” طابو ” باسم المجلس الاعلى ، ام انها مال سائب ؟ .
ما قاله الشيخ الصغير ، جعلني أعترف بأن في هذه البلاد ما يضحك، وبأننا شعب نجيد فن النكتة، على عكس ما يشاع عنا في الفيسبوك من اننا شعب يرفض الضحك على ما يجري من كوميديات سياسية ، وأن بإمكاننا أن ننفجر في ضحكة عالية، سرعان ما تتحول شيئا فشيئا إلى قهقهات، ثم إلى زئير. وإذا ما سُئلنا عن سبب ضحكنا، سنجيب بكل بساطة: يمكنكم مشاهدة الوزير ” التكنوقراط ” كاظم الحمامي ، وهو ينافس الجعفري على منصبه ، ويصر على ان لايران حق في مياه العراق الاقليمية ، وما ضاع حق وراءه حمامي !!
السخرية فن تنشيط الذاكرة ، كما يخبرنا صاحب كتاب الضحك هنري برجسون، لكننا نعيش للاسف مع ساسة لايطيقون السخرية إلا على خصومهم . لكن السيد كاظم الحمامي سوف يظل يصطاد الضحكات منا ويتحدى ان يقلده أحد .
في معظم بلدان العالم توفر السياسة مادة دائمة للساخرين ، وقديما كان نوري السعيد يضحك كلما شاهد كاريكاتيرا له مرسوم على غلاف مجلة الوادي ، او كلما قرأ الملك فيصل الاول مقالة تسخر من سياسته يكتبها موسى الشابندر بتوقيع علوان ابو شرارة ، ويخبرنا الشابندر في سيرته ذكريات بغداديه : “وجدت الملك فيصل واقفاً، فسلمت وصافحت جلالته وهو يقول: إنت موسي لو علوان أبو شرارة؟.. أنا أريد ألوي ذراع علوان أبو شرارة .. وأرحب بموسي”!.
إحدى حسنات السياسي العراقي أنه حرك في العراقيين ، حاسة الضحك والتنكيت وتحويل مسلسل ” عالية وحنان ” إلى مسلسل نكات يومية على ما يجري من مهازل .