ماذا بعد المدينة القديمة للموصل ؟ / مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية / متابعة عراقيون
بدأت تتضح ملامح نهاية المواجهات الجارية بين القوات الأمنية والعسكرية العراقية وقيادات داعش ومقاتليه بعد أن رسمت معالمها السيطرة الميدانية للتشكيلات العسكرية العراقية وانسحاب مقاتلي داعش عبر سلسلة من المعارك الشرسة التي جرت في محيط المنطقة القديمة ومحلاتها بمركز مدينة الموصل مشكلة انطلاقة مهمة في انهاء معاناة أبناء المدينة بعد أن استخدمت القوات المتجحفلة مبادئ اساسية في القتال الميداني تمثلت بعديد القوات التي استخدمت اسلوب القتال الليلي بفرق وتشكيلات مقاتلة ضمن خطة استخباراتية ميدانية باشراف من قبل المستشارين الأمريكان الذين أسسوا لمبادئ قتالية اتضحت معالمها وضوابطها العريضة قبل اسبوعين ،حيث تمكن مقاتلو مكافحة الإرهاب من اقتحام المنطقة القديمة بعد أن أخفقت تشكيلات الشرطة الاتحادية والرد السريع من الولوج الى الأحياء والمحلات الشعبية لمركز مدينة الموصل طيلة (100) يوم عانت فيها المدينة من هدم وتدمير وتحطيم لكل البنى التحتية لها بفعل الاستخدام العشوائي وغير المسؤول للأسلحة الثقيلة كالصواريخ والمدافع والراجمات التي أدت الى سقوط الآلاف من الشهداء المدنيين ضحايا لهذه العمليات العسكرية واصابة الآلاف من المدنيين والسكان المحليين بجروح بليغة أدت الى وفاة العديد منهم بسبب عدم وجود الاسعافات الأولية وانعدام المستلزمات الطبية واستمرار الحصار من قبل داعش والقوات الأمنية في المناطق التي شهدت المواجهات بين الطرفين .
بدأت أولى العمليات التي أدت الى احداث التغيير الكبير في المسار الميداني للمعركة بسيطرة القوات المشتركة على الأحياء الشعبية المهمة والاستراتيجية ممثلة بأحياء (الزنجيلي-الشفاء-باب الطوب-باب الجديد -باب البيض -شارع الفاروق ) والانفتاح بعدة اتجاهات نحو الازفة الضيقة والممرات الصغيرة في مناطق (عبد خوب -سوق الشعاريين -المكاوي -النبي جرجيس -المشاهدة ) ، مما أدى الى حدوث انعطاف مهم في سير المعارك أدى الى انهيار تام لمقاتلي داعش وفقدانهم للسيطرة والاستحكام الذي كانوا يتصفون به قبل سنوات وبقي اعتمادهم على ملامح عرف بها التنظيم وهي استخدام السيارات والدراجات المفخخة والانغماسين وتشكيل خطوط صد أولى مع اعداد القناصين في أسطح البنايات والمنازل العالية والتي شاغلتها وأفقدت فعاليتها طائرات الهيلوكوبتر وطيران الجيش العراقي .
وبعد أن تحقق هذا التقدم الميداني يمكن لنا أن نقرأ المستقبل المقبل وفق الآتي:
1.سارعت الولايات المتحدة الأمريكية وأجهزتها العسكرية والاستخباراتية لبيان الدور الميداني الكبير الذي قامت به بتقديم الخطط الميدانية والاستشارات العسكرية ووضع الأسس الكفيلة بمواجهة مقاتلي داعش والوجود الميداني مع القطعات العسكرية العراقية والقاءات والاجتماعات مع القيادات الميدانية التي قادت مواجهات في عمليات قادمون يا نينوى ولإثبات فاعليتها ووضعها الاستحكامات الميدانية وتقديم المعلومات الاستخباراتية والتوجيهات الأمنية التي أدت الى تحقيق التقدم العسكري الذي شهدته المواجهات داخل مدينة الموصل .
2.يأتي هذا التصريح الأمريكي لأفشال الكثير من الادعاءات التي تحاول الدول الإقليمية أن تدعيها في مساعيها لإيجاد دور حاسم لها في مواجهة داعش داخل العراق والمحافظات التي شهدت مواجهات وصراعات عسكرية وفكرية وسياسية طيلة السنوات الثلاث الماضية وتحديدا ما قام به العديد من المسؤولين السياسيين والعسكريين الإيرانيين بأن الذي أدى الى هزيمة داعش في العراق هو الدعم والإسناد والمشاركة والمواجهة التي قامت بها الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية الإيرانية ووجود قادتها في ساحة القتال والإشارة الى الدور الذي قام به قاسم سليماني وضباط الحرس الثوري الإيراني والمليشيات المسلحة التي ترتبط بايران مباشرة والدور الحاسم الذي قام به المستشارون في توجيه سير المعارك واعداد الخطط الميدانية وخاصة في محافظة صلاح الدين وديالى ومدن (الرمادي-الفلوجة-جرف الصخر ) والمحور الغربي لمحافظة نينوى .
3.قيام منظمات الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها باحصاء الارقام التي تتعلق بالضحايا التي سقطت نتيجة معارك قادمون يا نينوى والتي ابتدأت بتاريخ 17 تشرين الأول 2016 ولحد الآن وتحديد المهام الإغاثية والمساعدات الميدانية التي قامت بها المنظمات الإنسانية التي ترتبط بالأمم المتحدة ،رغم ضالة الدور وانعدامه والذي كان متوقعا من قبل هذه المنظمات مشكلة حالة سليمة في مراعاة مكابدات وتضحيات وآهات مواطني وأهالي مدينة الموصل من النازحين الذين بلغ عددهم أكثر من (950) ألف نازح يتوزعون في عدد المعسكرات التي أعدت لهم في مناطق (الخازر-حسن شام-حمام العليل- القيارة ) والتي تفتقد لأبسط مستلزمات العيش الكريم .
4.السكوت المطبق عن حقيقة التضحيات التي قدمتها مدينة الموصل ممثلة بتهديم البنية التحتية لمعالمها وصناعتها وجسورها ومصارفها المالية وأجهزة اتصالاتها اضافة الى تحطيم معالم حضارتها وملامح هويتها وشخصيتها وعدم الاستعداد لمواجهة الرأي العام العالمي ومحاكاة الضمير الإنساني بعدد الضحايا التي سقطت نتيجة العمليات العسكرية ففي معلومات أولية تمت متابعتها ميدانيا واحصاؤها ومن خلال مصادر خاصة نستطيع أن نحدد حصيلة أولية لهذه التضحيات التي بلغت أكثر من (35) ألف شهيد من السكان المحليين وجرح (50) ألف مواطن مدني وتحطيم وسقوط (23) ألف وحدة سكنية .
5.الاستعداد واعداد الخطط المبكرة لبدء المراحل الأولى في مواجهة عناصر داعش في قضاء تلعفر والذي بدأ باستهداف مقراته وقياداته وتشكيلاته داخل مركز القضاء من خلال عمليات القصف الجوي والميداني لطائرات التحالف وبمشاركة الطيران العراقي اضافة الى العديد من العمليات الاستخباراتية وجمع المعلومات الأمنية عن تواجد وحركة عناصر داعش في القضاء ونرى أن هذه المعركة ستشكل عاملا حاسما ليس في انهاء تنظيم داعش فحسب وانما في تحديد معالم العمل السياسي والميداني في العراق وعموم منطقة الشرق الأوسط ورسم معالم السياسة الجديدة والمصالح المشتركة للعديد من الدول الإقليمية والعالمية .