وول ستريت جورنال تنشر تقريرا مثيرا للجدل حول العبادي والمالكي
بدأ وضع رئيس الوزراء حيدر العبادي على المحك قبل بضعة أشهر، بعدما اقتحم محتجون مكتبه في المنطقة الخضراء في بغداد، وسط الحديث عن “قيام ثورة”، إلا أن الامر تطلّب بعض الوقت قبل أن تعود الامور كما كانت.
كل هذا يبدو الآن من ذكريات الماضي البعيد، إذ أن ارتداء ملابس عسكرية سوداء على غير بزّته المعتادة قلب الامور رأساً على عقب، واستطاع السيد العبادي الاستفادة من الحملة التي طال انتظارها لإستعادة الموصل من قبضة تنظيم داعش، الامر الذي اعاد طرحه “كزعيم حرب منتصر” بحسب الصحيفة.
“لقد كان في وضع حرج” او كما قال وليد الحلي، وهو حليف كبير للسيد العبادي داخل حزب الدعوة الشيعي، ولكن الآن أصبح أقوى من ذلك بكثير، “والجميع سعداء حول نجاح قيادته “، اذ دخل الجيش العراقي الجزء الأخير من العراق الذي لا يزال خارج سيطرة الحكومة.
في حين أن المعركة صعبة، لا سيما في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان في الموصل، وقد حققت القوات العراقية والكوردية تقدما سريعا منذ بدء العملية أواخر اكتوبر تشرين الاول، اذ استولوا بالفعل على مساحات واسعة من القرى التي اسماها التنظيم بالريف الاسلامي، ومن ثم طَرد التنظيم من عدة بلدات صغيرة ليحاصر ثاني أكبر مدينة في العراق.
إتمام العملية وإيجاد التوازن السياسي بين مختلف الفصائل التي تتنافس للسيطرة على الموصل بعد انتهاء هيمنة تنظيم داعش من شأنه أن يزيد من تعزيز مكانة السيد العبادي، والسماح له بالاحتفاظ بالسلطة بحسب خطط انتخابات 2018 وربما لما بعده.
وعلى العكس، إذا كانت المراحل النهائية لحملة الموصل تنحرف عن مسارها وينحدر البلاد إلى جولة جديدة من الاقتتال الداخلي، فإن السيد العبادي سيكون نداً أوحداً لخصومه السياسيين، لا سيما رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وبالفعل فإنهم يتحينون الفرصة للانقضاض على ما قام به العبادي.
ومع ذلك، فإن السيد العبادي قد أبحر بشكل حاذق في المشهد السياسي المنقسم العراق، ووضع نفسه فوق المشاحنات بين الأحزاب في البرلمان،مع العلم أن البلد حاليا دون وزراء للدفاع والداخلية، إضافة الى وزارة المالية.
“رئيس الوزراء واجه ببرودة ظروفاً صعبة للغاية، إذ يقول سجاد جياد، العضو المنتدب لمركز البيان للتخطيط والدراسات، وهو مركز أبحاث في بغداد، إن “العبادي أثبت أنه مستقلٌ تماما، ويفعل الأشياء على طريقته الخاصة، مضيفاً أن “العبادي يلعب على ورق حساس، كما قاوم كمُّ الضغوط المسلطة عليه، وحافظ على صفاء ذهنه، كما قام بعمل جيد ربما كان من الصعب ان يُحل لو كان هناك غير العبادي” .
المنافس السياسي للعبادي، السيد نوري المالكي، والذي حكم العراق لمدة ثمان سنوات قبل استبدال البرلمان العراقي له، تحت ضغوط غربية، في سبتمبر 2014، بعد إن سيطر تنظيم داعش على الموصل في نيسان من العام نفسه. وتتولى حاليا لقب شرفي الى حد كبير بصفة نائب للرئيس العراقي، السيد المالكي لا يزال يتمتع بدعم واسع بين النواب، وفي الأشهر الأخيرة وسعت تحالفاته وراء الأحزاب الشيعية، لتشمل عددا متزايدا من أبرز المشرعين الاكراد والعرب السنة.
وقال المالكي في مقابلة انه لا يسعى للعودة إلى رئاسة الوزراء، ولكن، عندما سئل عما إذا كان السيد العبادي يجب أن يبدَل بمجرد الانتهاء من عملية الموصل، أجاب بالإيجاب قائلاً “العراقيون يريدون التغيير”.
واعرب المالكي عن قلقه من أن التنافس من أجل السيطرة على الموصل قد “يخلق وضعاً خطيرا في بغداد”، واتهم السيد العبادي قائلا إن “العبادي غير حاسم جدا في مواجهة تركيا والحكومة الكوردية وطموحاتها الإقليمية”، إضافة الى ما نصه إن “العبادي يتبع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي غزا المنطقة الخضراء، وكاد يطيح بالحكومة في ابريل ومايو الماضيين، “وهذا أضعف صورة الحكومة أمام الشعب وقوات الأمن”، وأضاف المالكي عندما “يصبح بالامكان دخول عصابات الى مركز السلطة التشريعية ومكتب رئيس الوزراء، فهذا يعني عدم وجود احترام للدولة ” حسب قوله ، مضيفاً ان”ما أريده هو أن يكون العبادي أحد المشاركين في تشكيل حكومة قوية مع القيم الوطنية التي تعارض الطائفية والعصابات”.
وكان برلمانيو السيد المالكي هم من قادوا التصويت على حجب الثقة التي أطاحت بوزراء رئيسيين في الحكومة العراقية شهري آب وايلول ، ومنذ ذلك الحين، ظلت هذه المناصب شاغرة لأن كم المشاحنات في البرلمان فاقت إيجاد مرشحين مقبولين للطرفين.
ضياء الأسدي، رئيس الكتلة البرلمانية التابعة للصدر، رجل الدين الشيعي الذي نظم احتجاجات المنطقة الخضراء، قال “بقدر التيار الصدري لديك مشاكل مع السيد العبادي” موجهاً كلامه للمالكي، اذ يعد اتباع التيار الصدري ألاكثر عدائية للسيد المالكي، الذي شن عملية عسكرية واسعة لاستعادة مدينة البصرة من ميليشيات الصدر في عام 2008، بحسب الصحيفة.