محمد صالح البدراني يكتب | حركة توازن في الميزان.. “نأمل ألا يكون سراباً يحسبه الظمآن ماء”

عراقيون / متابعة

كلام لابد منه:
الكاتب كشخص مستقل ليس مؤدلجا وإنما يتعامل مع الأحداث وخصوصا التشكيلات المهمة في التوقيت والهدف كحركة توازن؛ فانه يكتب لتصويب ما حضر ولادته من باب الأمانة البحثية الفكرية والحرك كحراك مدني يفترض انه ناتج عن معاناة المدينة العتيدة ذات التاريخ الضارب بعمق التاريخ وشيدت فيه مدنيات متعددة، لذا فما اكتبه ناقدا ليس منتقدا ولا مبجلا أو معظما، فالتشجيع هنا يجري بصدق الصديق وليس تصديقه لان الأمر متعلق بالحركة من جانب، بيد انه متعلق من جوانب عدة في البلد، كالوضع الاجتماعي، السياسي، الاقتصادي، الأهم من كل ما ذكر ولم يذكر هو المنظومة القيمية والتوصيف الاجتماعي ….. هذه المدينة التي أحبها من حكمها من غير أهلها من المتصرف السيد عبد الوهاب شاكر إلى السيد عبد الواحد شنان، ثم محافظون من سكنتها بعد 2003، لان أهلها لا يتعاملون إلا بأسلوب مدني يسقط الحجج ويعطي المدد لمن يريد أن يعمل ويخلص، فبالتالي غطاء الفاسد مفقود وتهاون العاجز مفضوح والمزايدات تقليل لقيمة من يزايد، وهذا قد يضل به البليد في حسه المتذاكي بفهمه فيتصور انه يخدع جمهور المدينة أو يرتقي، ونقدنا هنا تصويبا يدل على امر مهم هو أن هنالك امل ما في الأفق ونأمل ألا يكون سرابا يحسبه الظمآن ماء

هل الأحزاب المحلية ضرورة؟:

الأحزاب المحلية ولخصوصية الموصل ولتأثرها السلبي باتباع شخصيات من خارجها لابد أن يكون لها أحزابها الخاصة وان تتوحد هذه الأحزاب لكي تدير القيم والخطط والأفكار التي تحتاجها الموصل كمدينة متمدنة وتعيد تنظيم تركيبتها الاجتماعية بما يعيد سمتها الحقيقية وقدرتها على الإنتاج.

الموصل كل مواطن فيها يرفض الطائفية والمحاصصة والأثنية أو أي تقسيم فهي متنوعة إيجابيا يعيش مواطنيها مع بعضهم وليس متعايشين والأمثلة كثيرة على هذا العيش المشترك وليس التعايش فهم ملتصقين متعاونين رغم كل محاولات أو إفرازات أو مخاوف من أصحاب المصالح في تمييز نسيجها سواء كانوا سياسيين أو رجال دين يخشون على الرعوية فيريدون أن تفرز اتباعهم لينفصل اتباعهم عن الواقع ويفقدون الانتماء إلى الموصل الذي هو عنصر ديمومة الموصل إن تمايزوا سحقوا وللأسف هو ما يجري.

الغاية ليست الانتخابات والمقاعد ولا ينبغي أن تكون لان هذا هو عين سوء الفهم للموصل وتمزيق نسيجها عندما يسال الموصلي ما أنت يقول بأحد أوصاف الطائفية والإثنية.

عندما انضم أبنائها لمن هم خارجها، كانت الوصية أن يستفادوا من نفوذ حلفائهم لخدمة مدينتهم وإبقائها مدينة للسلام ونموذج التمدن وخدمة العراق ككل كما كانت عبر تاريخ العراق الحديث.

لكن ما حصل أن مشاكل الكتل وتطلعاتهم بما هو معلوم لأهل الموصل الصامتين، جعلت الموصل ساحة نقلت إليها الخلافات والتباينات والنتيجة ليست مرضية.

الموصل أبناؤها خدمها وليست رافضة لاحد لكنها ترفض ما يمزقها ويجعلها بعيدة عن الواجب وضعيفة وبضعفها يضعف العراق فمن يحب العراق لا ينقل سلبياته وأطماعه إلى الموصل، وان لا يغتر أبناؤها ويخادعون أهلهم من اجل المقاعد والمناصب فتضيع الثقة وتضعف المروءة وتتعطل عوامل الفاعلية ويطفوا الفساد ويمجد.

لذا كان لابد من تشكيل مثقفيها حراكا من مخاض الواقع يفهم أن الصمت لأهله يعني قرار بأسقاطه وليس رضا وان انتقاده ليس تثبيطا وإنما دفعه للأفضل وان نقده لتوجيهه وإصلاحه.

أخطاء التعبير:

في البرنامج السياسي لم يصحح الأخطاء في المصطلحات، فقد أخذت بالتعاريف الشعبية الدارجة كالدولة المدنية، التعايش، المكونات.

الدولة لايمكن إلا أن تكون مدنية، أما التمييز بينها كمدنية أو دينية فهو خطأ دارج أطلقه علم سطحي في اللغة والحراك المجتمعي وانتشر فكان لابد من تصويبه وليس اتباعه، فالدولة إذن لايمكن إلا أن تكون مدنية.

أما التمييز بين العلمانية في الحكم والثيوقراطية، فالثيوقراطية هي أي تعصب لراي بشري سواء صادر من رجل دين وهو ما اصطلح عليه بسبب الإسقاط التاريخي الأوربي، لكن في واقعنا نرى تعصب للرأب بلا دين وهذا لا شك يقود لفرض قدسية راي بشر سواء كان رجل دين أو قائد سياسي.

نحن وفي نينوى وأؤكد هنا الفكرة …لا يطلق كلمة تعايش على حياتنا وتفاعل التعدد الديني والعرقي والمذهبي، لان التعايش يأتي باستشعار الاختلاف وحصول الخلاف والقبول كواقع حال، لكن وصف حالة نينوى هو العيش المشترك، فليس من مكونات وإنما هو كيان حر في فكره وعقائده المتعددة التي تعيش حياتها مع بعضها تحتفل معا وتحزن معا لا يسأل أحد عن دينه أو مذهبه أو يترتب عليه شيء، وإنما يؤخذ بالخبرة، وراي الخبرة هو الحاكم بكل رحابة الصدر

الموصل ليست مكونات إذن فلو سألت موصلي لن يقول انتماؤه العرقي أو الطائفي وإنما سيقول انه من الموصل، وكيف لا يفتخر بها وهي تحكي لك قصة عمر طويل في أبنيتها التراثية العريقة التي تدل على فن في البناء والزخرفة تستطيع أن ترى عظمته عند ديمومته رغم كل الأحداث وثباته

مدنية المدن:

الموصل مدينة متمدنة، صحيح أنها بدأت تتخللها كانتونات مناطقية من النازحين إليها نتيجة الفشل الحكومي في إدارة الحياة في الأرياف، وربما تعدد القدوة والتأثير في فترة لاحقة، لكن هذا الأمر لابد من إعادة تنظيمه لان التكامل في المصل أساسه الفلاح في أرضه والموظف في وظيفته، واهل السهل في السهل واهل الجزيرة في الجزيرة وهو سر المدين المنفردة بصفة الأمن الغذائي والتكامل الذي عبثت به فوضى الجهل والكراهية والتعصب، لان الموصل ممكن أن تكتفي ذاتيا بسبب العيش المشترك بحيث لو سورت ومنع عنها كل شيئ لعاشت وفاض خيرها على الأصقاع.

  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *