لماذا لا تعد الموصل منكوبة؟ نوزت شمدين
لا قيمة من الناحية العملية لتصويت مجلس النواب العراقي على قرار اعتبار سهل نينوى منطقة منكوبة فسبق لهذا المجلس(السيرك) أن صوت على قرارات مماثلة لمناطق أخرى وتم الاكتفاء بحفظها في مجرات سليم الجبوري ممثل الإرادة الإلهية في شقها السني على أرض العراق بعيداً عن التحركات الشيزوفرينية للنائب المعروف شعبياً(أحمد فلافل)أو تهديدات الملا عبد الرحمن اللويزي والجنرال عبد الرحيم الشمري أو مشعان الحرباوي. لكن من الناحية المعنوية يمكن ان يعد القرار مهماً لأهالي بلدات وقرى لم يبق فيها داعش اخضراً ولا يابس وشرد أهلها لما يزيد عن سنتين ونصف في مخيمات أو( سجون) النزوح منتظرين مكرمات منظمة العاكوب الخيرية ومستضيئين بفلاشات كاميرات حسن العلاف الإنسانية التي حاولت في أكثر من مخيم تبييض وجهه وهو بثياب الحرب معززا برفقة حسام العبار الذي جاوره في كل الصور مثل عمود نور.
ولأن العمل في مجلس النواب العراقي متوقف على العرض والطلب والمقترحات فيه تمرر بحسب المنفعة المادية لكل جهة سياسية وبالمحصلة لكل نائب مؤقر. ولأن رئيس مجلس محافظة نينوى لا يعرف بأنه رئيس مجلس محافظة نينوى وأعضائه ينتظرون بفارغ الصبر تحرير مناطقهم، لن نجد أبداً مقترحاً يرفع لاعتبار الساحل الأيسر من الموصل في الأقل منكوباً. ولو استعرضنا حجم الدمار تقريبا هنا لوجدناه أكثر بكثير من أي مدينة ضربها بركان أو زلزال أو شطفها تسونامي. إذ قُتل آلاف المدنيين وأصيب أضعافهم والمعاقون جسدياً ماتوا في كل يوم احتلال وتحرير ألف مرة ومرة إضافة الى تهجير عشرات آلاف آخرين حبستهم المخيمات ومناطق الهجرة. هذا كله فضلاً ان قنبلة البيئة الموقوتة التي ستنفجر في الموصل لاحقاً بسبب الأسلحة التي استخدمت داخلها من متفجرات وغيرها.
وبعملية إحصائية بسيطة فقد دمرت ما نسبته 80% من المؤسسات الصحية بالكامل من منشآت وأجهزة وآليات. و 75% من منشآت خدمة مياه الإسالة من محطات سحب وتنقية وشبكة أنابيب، فضلاً عن المجاري. و 50% من البنية التحتية للتربية والتعليم من جامعة ومدارس ومناهج ومستلزمات. و 90% من الخدمة المصرفية (بنوك)، وتضرر نحو 40% من شبكات الطرق. إضافةً أضرار فادحة أصيبت بها المنشآت القضائية وباقي المؤسسات الحكومية وعلى مستوى الملكية الخاصة فأن آلاف المواطنين فقدوا بيوتهم أو عقاراتهم التجارية وتحولت المنطقة الصناعية الى ركام. أما الخسائر في الممتلكات المنقولة فلا يمكن حصرها.
الأمل الوحيد لتحقيق التفاتة محلية ودولية لاعتبار الموصل مدينة منكوبة يتوقف على أهلها أنفسهم من خلال حملة قوية وفاعلة للموجودين في الخارج والداخل على حد سواء وعدم الركون لوعود السياسيين الكاذبة فقد كانت لدينا تجربة قريبة وموجعة مع الثلاثي المرح(فلافل وجنرال والملا)الذين خبصوا امة محمد لأسابيع وهم يتقافزون مثل الضفادع أمام كاميرات الفضائيات يقسمون أنهم سيقدمون المتسببين بسقوط الموصل بيد داعش الى العدالة والتحقوا بلجنة مكونة من ثلاثين عضواً كل ما فعلوه في النهاية ان أستلم واحدهم مليون دولار ثمنا لصمته بينا الجناة المتسببين بخراب الموصل يصولون ويجولون بالأنفة القديمة ذاتها بل ويستعدون للعودة عبر صناديق اقتراع بدؤوا مبكراً بشراء الذمم للوصول إليها.