سرمد كوكب الجميل يكتب / الايجاز اعجاز
مقالات رأي
يرغبون بالايجاز ويمارسون الاطالة انها مشكلة مستعصية لدى الكثير وقد اعتمدت الايجاز منذ عقود وبدايته كانت في باكورة عقد السبعينات من القرن الماضي بحادثة بسيطة وقعها كبير فقد رسمت عندي منهجا ولهذا اليوم كان اخي سيار قد نشر عرضا لكتاب للاستاذ يوسف عزالدين عميد النقد الادبي واحد اعلام الادب في العراق وكان ذلك على ما اتذكر في سنة ١٩٧٤ فاجابه برسالته اعجاب وصف ذلك العرض بالايجاز والاعجاز وبعدها واثناء فترة دراستي في بريطانيا حضرت عددا من المؤتمرات كان من يرأس الجلسة قد وضع امامه زرا يعلوه لوحة فيها مصباحان أحمر واخر أخضر، فعندما يُقَدّم المتحدث يؤشر المصباح الأخضر وعندما ينتهي وقته المحدد يؤشر الأحمر فيفصل الكهرباء عن مكرفون المتحدث وصادف في احد الجلسات ان علق احد الزملاء العراقيين وانتهت الدقيقة المتاحة له فطلب ثانيتين just two seconds ففتح المكرفون وما ان بدا المعلق بالحديث علق الاحمر وانفصل المكرفون فقال رئيس الجلسة انتهت الثانيتان it’s over
وتكرس لي منهج مفاده الايجاز في الحديث والابتعاد عن التكرار والاطناب والتفصيل فوقت المتلقي ومزاجه ورغبته في الطرح الموجز وبعد سنوات تبين لي بان الايجاز بلاغة وقد تحدث عنها اللغويون والبلاغيون الكثير وترسخ عندي ذلك المنهج ومارسته في الكتابة والحديث والمناقشة فكان تحديد الوقت المتاح مهما للمناقش وعدم ترك الحديث دون وقت محدد حتى وان تطلب الامر المقاطعة للالتزام بالوقت المحدد وهكذا الامر في الندوات والمناقشات والحوارات واخيرا كانت مقالاتي التي تنشر عبر صفحتي في الفيس بوك والتي اعتمدت فيها الايجاز ما استطعت وهو امر غاية في الصعوبة يعرفه البلاغيون قبل غيرهم ويحتاج من الوقت والتفكير لصياغة الافكار وايجازها انه جهد وغربلة ونخل وتنقية وتصفية وتركيز فمهما تُقلِّب الجملة فانك واجد فيها عوجا يعدل او نتوءا يسوى وهو لا محالة موجود انه عمل لا يمكن ان ينتهي فصور الجمال لا تنفد وغاية الكمال لا تدرك ولكنها زيادة في دلالة الكلام من طريق الايحاء وتشغيل الذهن وجعلها اطراف ظلال ملونة تتسع وتتلون وتتحمل بالمعاني والتاويل والتفسير وهذا ما تعلمناه من القران الكريم واحاديث نبينا وسنته.( صلى الله عليه وسلم)..
وقد حدث قبل ايام وفي ندوة عامة وبعد ان انتهى المحاضر من حديثه وفتح باب النقاش وحدد رئيس الجلسة دقيقة لكل سؤال او مداخلة واذا بدأ احدهم بمداخلته للتعريف بالمصطلح والمفهوم وان المشكلة في كذا وكذا وهو امر بعيد عن ما يدور ورئيس الجلسة يؤشر ويحاول ان يستلم المتحدث الاشارة دون جدوى واستمرت دقائق واذا بالمؤذن يعلو اذانه وكانما كان منقذا لرئيس الجلسة ليقول نرفع الجلسة لاداء الصلاة ونعاود بعدها …وفعلا غادر الجلسة الكثير فقد كانت محاضرة شيقة وتعقيباتها مملة مطنبة .