سرمد كوكب الجميل يكتب/ مقاربات اقتصادية اسيوية بين شرقها وغربها
عراقيون / مقالات راي
اجل انها مقاربات بين خيار الاقتصاد وخيار السياسة، عقود من الزمن مضت مرور السحاب والجميع كان يتأمل ان يتحقق الكثير في المسار التنموي ولكن يبدو ان المشوار طويل ليس كما كنا نقرأ او نسمع؛ سنوات طويلة كنت أدَرّس مادة الاستثمار والتمويل الدولي ومررت من خلالها على نماذج استثمارية وتمويلية دولية كثيرة منها، واستطاعت معظمها تحويل اقصاداتها من متخلفة غارقة بالتخلف الى دول ناهضة نامية ومنها من تقدمت على بعض الاقتصادات المتقدمة، ويبدو ان الزمن يعد عنصرا مهما جدا ولم نأخذه بالحسبان أذ استطاعت تلك الاقتصادات الشرق اسيوية خلال مدة زمنية تراوحت بين اربعة عقود وعقدين من الزمن ان تبني نماذج شاخصة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية علما انها بمعظمها تتسم بالتعدد العرقي والاثني والديني وتفتقر للموارد الطبيعية وعانت من فوضى واستغلال استعماري تخريبي كبير ولكنها بالمقابل استطاعت تخطي حدود التخلف وتقفز بالنمو الاقتصادي والاجتماعي قفزات كبيرة قلبت المفاهيم راسا على عقب وتقف اليوم على راس اكبر اقتصادات العالم ومنها مثلا ماليزيا وسنغافورة والصين وفيتنام واندنوسيا وكوريا
فالنموذج الماليزي مثلا كانت بدايته في بداية عقد الثمانينات فتحولت خلال اربعة عقود الى اقتصاد يصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي سنة ٢٠٢٢ الى ١٦٠٠٠ الف دولار سنويا بعد ان كان لا يتجاوز ١٠٠ دولار سنة ١٩٨٠ وبلغت صادراتها السنويةاكثر من ٣٥٠ مليار دولار وركزت على السياحة والصناعة والزراعة فكانت بحق نموذجا يذكر . فيما استطاعت فيتنام ان تصل الى ٣٠٠ مليار دولار بصادراتها اما سنغافورة فتلك قصة بذاتها فقد تبؤأت الاقتصاد الاول في العالم وهكذا الصين التي كانت صادراتها ٢٥ مليار سنة ١٩٨٥ لتبلغ صادراتها اكثر ٤ تريليون دولار سنة ٢٠٢٢ هكذا اندنوسيا وكوريا وبقية الدول في شرق اسيا.
وعند البحث في مضامين تلك الدول والتحديات التي واجهتها يلاحظ ان الاساس الذي استندت عليه تلك الدول في نهوضها من تخلفها هو تمسكها بالقانون وتنفيذه وضبطه فقد بلغ الامر لفرض العقوبات القاسية وتنفيذها على المخالفين والامر الاخر هو الانفتاح على العالم المتقدم والتركيز على المعرفة والسياحة فمثلا بلغت ايرادات ماليزيا من السياحة ما يزيد عن ٣٣ مليار دولار سنة ٢٢ فيما دخلت ه شركات امريكية فيتنام أستطاعت ان تصل بصادراتها الى الولايات المتحدة فقط ١٠٠ مليار دولار…
ولقد كان تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة من قبل الغرب المتقدم كبيرا خلال الثلاثين سنة الاخيرة فاستطاعت تلك الدول النهوض بمجتمعاتها واقتصادياتها وتحقيق اعلى مؤشرات للاداء لما يقرب من ثلاثة عقود وقد واجهت الازمات والتحديات واجتازتها بنجاح ..وبالمقابل تجد دول غرب اسيا تمتلك الموارد الطبيعية والبشرية وتمتلك كل مقومات النهوض والتنمية ولكتها تراجعت خلال الاربعة عقود تراجعا كبيرا ومن يقرأ واقع مجتمعاتها يؤمن بما لا يدع مجالا للشك بانها مؤهلة للنمو والتطور وليس العكس ولكن العشرين سنة ٢٠٠٣ – ٢٠٢٣ التي خلت لم تحقق الا امرين ايجابيين:: الاول النمو السكاني المذهل فخلال العشرين سنة تضاعف عدد السكان والثاني نمو الايرادات النفطية وانخفاض نسبة الايرادات غير النفطية فيها وضعف دور الاستثمار الاجنبي المباشر ونمو النفقات التشغيلية بشكل كبير وغياب الصادرات كمصدر مهم للدخل القومي وغياب الاستقرار النقدي وتاثير تغيرات السوق العالمية على اقتصاداتها بأكملها ودعك من المؤشرات الاخرى فمعظمها نموا سلبيا او مؤشرات مصنعة غير دقيقة ويحق لنا ان نتساءل لماذا ؟ وكيف ؟ فالسؤال الاول لا يحتاج الى اجابة تذكر ونجملها بالفساد الذي يخيم على بعض دول غرب اسيا ونظمها والهيكلية السكانية التي شكلت تحديا في بعضها الاخر واسباب كثيرة اخرى . اما اجابة السؤال كيف؟ يبدو لي قد فات وقتها …ولم يعد مجديا نقاشها الان فاكثر من سبعة عقود ضاعت هباءا وما زلنا نبحث اين بداية الطريق ويضللنا الفاسدون …فيما هناك دول اخرى معرضة لتفقد هويتها واخرى اغرقتها الحروب والايديولوجيات ..الرثة انها مقاربات بين خيارات اقتصادية تنموية وخيارات السياسة والحروب…..!!