الذكرى السادسة لرحيلها .. موصليون يستذكرون منارة الحدباء
عراقيون/ الموصل
يستذكر الموصليون اليوم الذكرى السنوية السادسة على تفجير منارة الحدباء التأريخية في الجامع النوري الكبير وسط مدينة الموصل.
ففي الحادي والعشرين من حزيران عام 2017 وخلال عمليات استعادة المدينة القديمة تعرضت منارة الجامع النوري الى التدمير خلال سيطرة تنظيم الدولة (داعش) على الموصل واشتداد العمليات العسكرية لاستعادة المناطق القريبة من الجامع النوري في الموصل القديمة.
بناء الجامع النوري
بني الجامع الكبير بأمر من السلطان نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري (1172م)، أي قبل حوالي 9 قرون، ويعتبر ثاني مسجد يتم بناؤه في الموصل بعد الجامع الأموي، وأعيد إعماره مرات، كانت آخرها عام 1363هـ (1944م).
ولم يبق من البناء الأصلي لهذا المعلم سوى مئذنته المعروفة باسم “منارة الحدباء”، والتي اتخذت منها الموصل صفة لها، فأصبحت تعرف بـ “الموصل الحدباء”، إلى جانب المحراب المحفوظ في متحف القصر العباسي بالعاصمة بغداد، فضلا عن بعض الزخارف الجبسية.
وتعتبر المنارة المائلة إلى الشرق من المآذن المميزة بأساليب فنية غنية بالزخارف المختلفة، وهي أعلى منارة في العراق، إذ يبلغ ارتفاعها نحو 50 مترا، وتلفها الزخارف من كل جانب، وقد طبعت على الدينار العراقي من فئة 10 آلاف.
وصف المنارة المائلة
ويشبه الانحناء في منارة الجامع المبنية على قاعدة مكعبة مزينة بالزخارف، برج “بيزا” المائل الشهير في إيطاليا، وقد تم بناؤهما في أوقات متقاربة، حيث بدأ بناء البرج الإيطالي عام 1173م.
والراجح أن انحناء المنارة كان بفعل الرياح الغربية السائدة في الموصل، وتأثيرها على الآجر والجص (مواد تستخدم في البناء).
فيما يذهب تفسير آخر إلى أن القائمين على بناء هذا المعلم تعمدوا هذا الشكل للمنارة، للحيلولة دون سقوط خسائر في حال سقطت، لا سيما مع وجود منازل في الجهة الغربية، لأنه إذا سقطت نحو الشرق، حيث تميل، فستقع على صحن الجامع، وتقلل الخسائر.
ورغم هذا الانحناء في “الحدباء”، إلا أنها ظلت متماسكة رغم شيخوختها في مدينة الموصل العتيقة
رحيل المأذنة
للمرة الأولى منذ قرون، استيقظ سكان الموصل يوم 21 يونيو/ حزيران 2017 على مدينة بلا منارة تعلوها، حيث أصبحت المنارة أحد ضحايا الحرب من الموروث التاريخي والحضاري في بلاد ما بين النهرين، حيث أعلنت القوات العراقية أن عناصر “داعش” أقدموا على تفجير جامع النوري ومنارة الحدباء التاريخية في المدينة القديمة.
وعلى الفور، أعلن التنظيم عبر وكالة “أعماق” التابعة له أن “الطيران الأمريكي دمر مسجد النوري الكبير والمنارة الحدباء في الموصل”، وليس عناصره كما قالت القوات العراقية.
التحالف الدولي أكد من جهته الاتهامات العراقية للتنظيم بالوقوف وراء عملية التفجير. وقال في بيان له إن داعش “دمَر أحد أهم كنوز الموصل والعراق بينما كانت القوات العراقية تقترب من المكان” ووصف البيان هذه العمل “بالجريمة التي ارتكبها التنظيم بحق أهل الموصل والعراق ككل وهو أحد الأمثلة التي تبرر ضرورة محوه من الوجود”
وفي رد فعل على تفجيرهاذين المَعْلَميْن، قال رئيس الوزراء العراق حيدر العبادي “إن داعش بفعلته هذه قد أعلن هزيمته رسميا” في إشارة الى أن مسجد النوري هو المكان الوحيد التي ظهر فيه أبو بكر البغدادي قبل 3 سنوات والذي سوّق منه خلافته على المناطق التي انتزعها من سوريا والعراق.
وفي أبريل/ نيسان من العام 2021، بدأت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة بمرحلة إعادة تأهيل منارة الحدباء وكنيستي الطاهرة والساعة، بالشراكة مع دولة الإمارات.
اما في إطار مرحلة اعمار منارة الحدباء وجامع النوري اوضح عمر طاقة المهندس المقيم في المشروع ان مفتشية آثار نينوى واليونسكو عملتا على إجراء دراسات دقيقة وتحريات عن تربة قاعدة المنارة والتي ستبنى عليها المئذنة، واكد ان المنارة سيعاد بناؤها بالمكان نفسه وعلى ثلاث مراحل تشمل المرحلة الأولى صيانة وتقوية ما تبقى من قاعدة المئذنة وتهيئة الاساسات الجديدة في المرحلة الثانية والتي ستكون على عمق ٢٥ مترا تحت الارض كون القاعدة الحالية لا تستطيع حمل المئذنة في الوقت الحالي دون تقويتها.
واكمل طاقة حديثه: ان “المرحلة الثالثة سيتم فيها بناء المئذنة من الطابوق الذي تم جمعه خلال عملية رفع الانقاض من قبل مفتشية الاثار والتي بلغت ٤٤ الف قطعة لغرض استرجاع المنارة”
بينما كشفت مصادر في محافظة نينوى موخرا عن محاولات للتلاعب بالمبالغ الخاصة بتوسعة الجامع النوري الكبير والتي خصصتها دولة الإمارات العربية لإعمار منارة وجامع النوري الكبير إضافة لتوسعته مؤكدة إن جهات في اليونسكو تحاول التلاعب ببعض المبالغ المالية المخصصة لإعمار الجامع النوري الكبير وتحديدا لأغراض التوسعة ونقلها لتنفيذ أعمال في مواقع أخرى في الموصل.
ويأتي هذا التلاعب في وقت ينتظر فيه الموصليون إكمال الجامع النوري ومنارته الحدباء حيث تشرف اليونسكو على إعادة إعماره بمنحة مخصصة من دولة الامارات تقدر بـ 50 مليون دولار.
وكان من المفترض أن تشمل أعمال إعمار الجامع النوري الكبير إضافة إلى إعمار الجامع وإعادة بناء المأذنة الحدباء، أعمال توسعة الجامع وإنشاء معهد للدراسات المعمارية الإسلامية وقاعة مناسبات.