اجتماع العقبة.. توافق فلسطيني إسرائيلي على الالتزام بالاتفاقات السابقة ونتنياهو: الاستيطان سيتواصل في الضفة
عراقيون/ اتفق الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي في اجتماع العقبة -الأحد- بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والأردن ومصر على دعم خطوات بناء الثقة لمعالجة القضايا العالقة عبر حوار مباشر، في حين أكد أكثر من مسؤول إسرائيلي عقب الاجتماع أنه لن يكون هناك تجميد للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.
وأفاد البيان الختامي للاجتماع بأن إسرائيل تلتزم بوقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر، ووقف مناقشة إنشاء أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر.
كما توصل الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي -وفق بيان الاجتماع- إلى التزام الطرفين بوقف الإجراءات الأحادية من 3 إلى 6 أشهر.
وقال البيان الختامي للاجتماع إن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أكدا التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما، والعمل على تحقيق السلام العادل والدائم.
كما جرى التأكيد على أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس وعلى الوصاية الهاشمية والدور الأردني الخاص في المدينة.
واتفق المشاركون في الاجتماع على عقد اجتماع آخر في شرم الشيخ في مارس/آذار المقبل، لتحقيق الأهداف التي تم تحديدها في العقبة.
وأشار البيان إلى أن عمّان والقاهرة وواشنطن تعتبر هذه التفاهمات تقدما نحو تفعيل العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية.
التعهدات المعلنة ومآلات الأوضاع
وعقب انتهاء الاجتماع في مدينة العقبة، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي -في بيان- إن اجتماع العقبة احتوى على التزامات مهمة ستؤدي -إن طُبِّقت- إلى خفض التصعيد والتقدم نحو انخراط سياسي أشمل.
وأضاف أن ما تحقق في العقبة يعد خطوة سياسية مهمة على طريق طويلة وصعبة لوقف التدهور، وأن تطبيق التعهدات على الأرض، هو ما سيحدد مآلات الأوضاع.
ورأى الصفدي أن الاجتماع المذكور يعد أول انخراط سياسي من نوعه منذ سنوات، وأكد التزامًا فلسطينيا-إسرائيليا باحترام جميع الاتفاقيات السابقة والعمل على خفض التصعيد، والعمل من أجل تحقيق السلام العادل والشامل، على حد وصفه.
وقال إن “وقف الخطوات الأحادية التي تقوض حل الدولتين والإجراءات الاستفزازية التي تدفع نحو التوتر وتفجر العنف؛ ضرورة لإنهاء التدهور وخفض التصعيد”.
رفض تجميد الاستيطان
في المقابل، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن البناء الاستيطاني وتشريع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية سيتواصلان دون أي تغيير.
وهو ما أكده رئيس وفد إسرائيل لاجتماع العقبة أنه لن يكون هناك تجميد للبناء في المستوطنات ولا قيود على عمليات الجيش في الضفة.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول إسرائيلي أن الأطراف باجتماع العقبة ستشكل لجنة لفحص استئناف التنسيق الأمني الإسرائيلي الفلسطيني.
وأكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية، أن تل أبيب قالت في اجتماع العقبة إنه لن يكون هناك تغيير في التصريح السابق الخاص بـ9 مواقع استيطانية و9500 وحدة سكنية في الضفة الغربية.
وأضاف، بعد اجتماع العقبة، أنه لن يوافق على تجميد النشاط الاستيطاني بالضفة.
بدوره قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إن ما حدث في الأردن يبقى في الأردن.
ترحيب أميركي
من جهته قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان في بيان إن الولايات المتحدة ترحب بالتعهدات التي قطعتها إسرائيل والسلطة الفلسطينية اليوم الأحد بشأن وقف التصعيد ومنع المزيد من العنف.
وأضاف سوليفان في بيانه بعد اجتماع العقبة بالأردن “ندرك أن هذا الاجتماع نقطة انطلاق وأن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به خلال الأسابيع والأشهر المقبلة لبناء مستقبل مستقر ومزدهر للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء… التنفيذ سيكون أمرا حاسما”.
تصريحات ملك الأردن
وبالتزامن مع الاجتماع أكد ملك الأردن عبد الله الثاني أهمية تكثيف الجهود للدفع نحو التهدئة وخفض التصعيد في الأراضي الفلسطينية، وإعادة إطلاق مفاوضات السلام.
وقال الديوان الملكي الأردني إن الملك عبد الله الثاني التقى في العاصمة الأردنية “عمان” بريت ماكغورك نائب مساعد الرئيس الأميركي ومنسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشدد الملك عبد الله على أهمية تكثيف جهود الدفع نحو التهدئة وخفض التصعيد بالأراضي الفلسطينية.
كما دعا ملك الأردن إلى إيقاف أي إجراءات أحادية الجانب من شأنها زعزعة الاستقرار وتقويض فرص تحقيق السلام.
وشدد الملك خلال لقائه ماكغورك -الذي يشارك في الاجتماع- على ضرورة إعادة إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتحقيق السلام العادل والشامل، على أساس حل الدولتين.
وتأتي تصريحات ملك الأردن تزامنا مع انطلاق اجتماع أمني سياسي طارئ اليوم الأحد، في مدينة العقبة جنوبي الأردن دعت إليه واشنطن وعمّان والقاهرة بهدف وقف التصعيد بين إسرائيل وفلسطين خصوصا مع اقتراب شهر رمضان، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
وعقد الاجتماع بين رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطيني ماجد فرج ورئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) رونين بار، وفق مصادر مطلعة
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول حكومي إسرائيلي، طلب عدم كشف هويته، قوله إن الوفد الإسرائيلي يضم كذلك مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي.
في حين، يضم الوفد الفلسطيني -إلى جانب ماجد فرج- أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، والناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، ومجدي الخالدي المستشار الدبلوماسي للرئيس محمود عباس.
سرية الاجتماع
وقال مراسل الجزيرة في الأردن تامر الصمادي إن اجتماع العقبة يعقد في إطار من السرية، ونقل عن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قوله -في كلمة ألقاها في بداية الاجتماع- إن الهدف من الاجتماع وقف الإجراءات الأحادية والانتهاكات الإسرائيلية في القدس المحتلة والمسجد الأقصى وفي العديد من مدن الضفة الغربية، ولا سيما نابلس وجنين.
وأضاف الصمادي -نقلا عن مصادر أردنية- أن الصفدي أكد أن الهدف هو الوصول إلى هدنة مرحلية تفتح الباب أمام مزيد من التفاهمات وتعزيز الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
كما نقل مصدر أردني عن وزير الخارجية أيمن الصفدي تأكيده في بداية الاجتماع على ضرورة التوصل إلى اتفاق على وقف الإجراءات الأحادية تمهيدا لفترة تهدئة يتم خلالها بناء الثقة، وصولا إلى انخراط سياسي أشمل.
من جهتها، قالت الرئاسة الفلسطينية اليوم الأحد إن وفدها المشارك في اجتماع العقبة سيشدد على ضرورة وقف جميع الأعمال الأحادية الإسرائيلية والالتزام بالاتفاقات الموقعة تمهيدا لخلق أفق سياسي.
وكان مسؤول فلسطيني كبير قال للجزيرة أمس السبت إن هدف اجتماع العقبة هو التوصل إلى تفاهمات بشأن فترة انتقالية تضمن وقف إسرائيل الإجراءات الأحادية كافة (استيطان وهدم واقتحامات) لمدة 6 أشهر يتم خلالها التحضير للتهدئة والانتقال إلى مسار أكثر اتساعا.
وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أن الأردن ومصر والولايات المتحدة تبذل قصارى جهدها لمنع انفجار الأوضاع خلال شهر رمضان والأعياد اليهودية في مارس/آذار المقبل.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول إسرائيلي قوله إن المشاركين في الاجتماع “سيبحثون سبل تهدئة التوترات الأمنية في المنطقة قبل حلول شهر رمضان”.
ونقلت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن تساحي هنغبي مستشار الأمن القومي الإسرائيلي قوله “جرت مناقشات مع الأميركيين بشأن كيفية تهيئة أجواء جديدة بإنهاء الخطوات الأحادية التي تم اتخاذها في الأشهر القليلة الماضية. نحن مستعدون (لقبول) ذلك”.
الفصائل ترفض
وأثار الإعلان عن مشاركة السلطة الفلسطينية في اجتماع العقبة احتجاجات غاضبة في الأراضي الفلسطينية، إذ إنه يأتي بعد أيام من المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة نابلس، والتي استشهد فيها 11 فلسطينيا، بينهم مقاومون.
ووصفت الفصائل الفلسطينية في غزة المشاركين في الاجتماع بـ”الخارجين عن الإجماع الوطني”، مضيفة أن اجتماع العقبة جريمة وطنية لا يمكن السكوت عنها، وحذرت من تبعاته.
وقد عقدت الفصائل الفلسطينية اجتماعا طارئا اليوم في قطاع غزة، لبحث موقفها من اجتماع العقبة ومشاركة السلطة الفلسطينية فيه.
وحذر المجتمعون من مخرجات اجتماع العقبة، خاصة في ظل تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة.
الضفة الغربية
وفي الضفة الغربية، قالت 3 فصائل في منظمة التحرير الفلسطينية اليوم الأحد إن اللجنة التنفيذية للمنظمة لم تناقش أو تقرر المشاركة في اجتماع العقبة بالأردن، معتبرة أن هدف الاجتماع هو التوصل إلى ترتيبات أمنية جديدة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك لممثلين عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشعب الفلسطيني وحزب فدا في مدينة رام الله.
وتعليقا على اجتماع العقبة، قال رمزي رباح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إن اللجنة التنفيذية لم تناقش أو تقرر المشاركة في الاجتماع، مضيفا “طالبنا على مدى الأيام السابقة في رسائل مباشرة للرئيس (محمود عباس) أبو مازن ومن خلال بيانات علنية اليوم بعدم المشاركة” في اجتماع العقبة.
وقالت الأذرع العسكرية التابعة لفصائل المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين إن اجتماع العقبة الأمني سيمنح الاحتلال الإسرائيلي فرصة لارتكاب مزيد من الجرائم، مضيفة أنه لا يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، بل يمثل خدمة مجانية للاحتلال، وفق تعبيرها.
يذكر أن آخر مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين عقدت في يوليو/تموز 2013 بمبادرة من وزير الخارجية الأميركي حينذاك جون كيري بهدف إعادة إحياء عملية السلام، لكن هذه المفاوضات لم تعمر طويلا وانهارت عام 2014، بسبب رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية حينذاك بنيامين نتنياهو إطلاق سراح أسرى ما قبل اتفاقية أوسلو، ومنذ ذلك الحين لم يلتق الطرفان رسميا.