10 أشهر بعد الانتخابات.. العراق بلا حكومة دائمية ومجلس نواب معطّل
عراقيون/متابعة
مرت 10 أشهر منذ اجراء الانتخابات في العراق، من دون التوصل لحد الان الى تشكيل حكومة او انتخاب رئيس جمهورية، كما أن مجلس النواب العراقي بات معطلاً، عقب اقتحام المحتجين لمبناه في المنطقة الخضراء ومن ثم بقاء المعتصمين من أنصار التيار الصدري حوله، وبالتالي تعقد الوضع في البلاد وعدم رؤية النور في آخر نفق المشهد السياسي لحد الآن. الانتخابات العراقية التي جرت في العاشر من شهر تشرين الأول 2021، بنسبة مشاركة بلغت 44% من أصل أكثر من 22 مليون ناخب يحق لهم الإدلاء بأصواتهم، شهدت فوز التيار الصدري من بين الكتل السياسية بأكثر عدد من المقاعد البرلمانية بحصوله على 73 مقعداً في البرلمان المكون من 329 مقعداً، فيما حصلت كتلة تقدم على 37 مقعداً، في حين حصل ائتلاف دولة القانون على 33 مقعداً، والحزب الديمقراطي الكوردستاني على 31 مقعداً، في حين حاز “تحالف كوردستان” على 17 مقعداً، وحصل تحالف الفتح على 17 مقعداً. صراع الأغلبية – التوافقية وبعد أشهر عديدة من الشد والجذب بين المتنافسين داخل البيت الشيعي، بين التيار الصدري الذي شكّل مع تقدم والحزب الديمقراطي الكوردستاني “تحالف انقاذ وطن” والذي يصر على تشكيل حكومة أغلبية سياسية دون مشاركة رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في تشكيل الحكومة، وبين الاطار التنسيقي الذي يضم عدة أطراف شيعية، ائتلاف دولة القانون وتحالف الفتح وتيار الحكمة وتحالف النصر وغيرها، والذي يصر على عدم استبعاد أي طرف من اطرافه (نوري المالكي) من العملية السياسية والابقاء على التوافقية في تشكيل الحكومة، لم تتحقق جلسة التصويت على رئيس الجمهورية، والتي تتطلب حضور ثلثي مقاعد البرلمان، حسب تفسير المحكمة الاتحادية. ورغم طرح عدة مبادرات بين الاطراف المختلفة داخل البيت الشيعي، الا ان الخلافات بقيت على حالها لغاية اليوم، والتي أسفرت عن قرار مفاجئ لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في شهر حزيران الماضي، والذي قضى بانسحاب نوابه الـ73 من البرلمان، لتتغير معادلة مقاعد البرلمان، حيث بات الاطار التنسيقي المستفيد الأكبر من قرار الصدر. تغيير خارطة المقاعد النيابية وفي ضوء انسحاب التيار الصدري من البرلمان، ارتفع عدد نواب كتلة تحالف الفتح إلى 31 نائباً، وفي المقابل، حاز المستقلون الشيعة على 11 مقعداً من مجموع المقاعد الشاغرة، ليرتفع عدد النواب إلى 34 نائباً، وجاءت حركة امتداد في المرتبة الثالثة في قائمة الرابحين من استقالة الكتلة الصدرية، بنيلها 7 مقاعد إضافية رفعت عدد نوابها في البرلمان إلى 16 نائباً، فيما حاز تحالف قوى الدولة الوطنية الذي يضم تحالف النصر وتيار الحكمة على 7 مقاعد إضافية، ليرتفع عدد أعضاء الكتلة في البرلمان إلى 11 نائباً، في وقت حصل تحالف دولة القانون على 5 مقاعد من مجموع المقاعد الشاغرة، ليرتفع بذلك مجموع أعضاء كتلته في البرلمان إلى 38 نائباً، وذهب نفس عدد المقاعد الشاغرة (5) إلى حركة حقوق، ليرتفع بذلك عدد نوابها في البرلمان إلى 6 نواب، بينما توزعت باقي المقاعد على كلّ من تحالف العقد الوطني (4 مقاعد إضافية ليصبح المجموع 5)، وتحالف تصميم (3 مقاعد إضافية ليصبح المجموع 7) وتحالف النهج الوطني (3 مقاعد ليصبح المجموع 4)، فيما ذهب مقعدان إلى كل من حركة الوفاء العراقية وحزب قادمون، ونال كذلك تيار الفراتين مقعدين، ما رفع رصيد نوابه إلى 3 مقاعد في البرلمان، وكذلك نالت حركة إشراقة كانون وتجمع أهالي واسط المستقلون والحزب المدني وتجمع الفاو زاخو والمحافظون على مقعد إضافي لكل حزب.
التيار الصدري لم يترك الساحة السياسية بعد انسحابه من البرلمان، حيث أقام صلاتين موحدتين، الاولى في مدينة الصدر، والثانية في ساحة الاحتفالات داخل المنطقة الخضراء، في اثبات لقوة وشعبية التيار امام باقي الاطراف الشيعية، وبين هاتين الصلاتين اقتحم انصار التيار الصدري المنطقة الخضراء ودخلوا مبنى البرلمان، ليقرر رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي تعليق الجلسات حتى اشعار آخر، وعقب ذلك قرر الصدر الابقاء على انصاره في حالة اعتصام داخل المنطقة الخضراء وحول مبنى البرلمان، وسط سيل من التغريدات من زعيم التيار ضد من أسماهم “الفاسدين”، في اشارة الى اطراف داخل الاطار التنسيقي. الفتح يتهم رئاسة البرلمان بتعطيل الجلسات عضو مجلس النواب العراقي عن تحالف الفتح انتصار الموسوي، قالت لشبكة رووداو الاعلامية الاربعاء (10 آب 2022) ان “عدم التفاهمات هو السبب خلف هذا التعطيل، فاذا كان هناك تفاعل سياسي تنتهي القضية ونعلن الكتلة الاكبر”، لافتة الى ان “سبب التعطيل السياسي جراء الاحداث الاخيرة التي صارت بسبب تواجد التيار الصدري في مجلس النواب، الذي يتهمه بالفساد وهو ليس له علاقة بالموضوع”، راهنة “حل جميع القضايا بوجود تفاهم سياسي بين الاطراف”. الموسوي اتهمت رئاسة مجلس النواب بأنها السبب في “تعطيل” عمل البرلمان، “وهناك تواطؤ من قبلها وهذا الشيء غير صحيح”، مضيفة ان “بامكان رئاسة المجلس ان تعقد الجلسة بأي محافظة وفقا للقانون”. وبشأن الاماكن المقترحة لعقد جلسة مجلس النواب، أوضحت البرلمانية عن تحالف الفتح انتصار الموسوي أن “رئاسة مجلس النواب هي من تقرر عقد الجلسة في اي محافظة تحتوي على الاستقرار حتى نمارس عملنا بشكل طبيعي ونكمل عملنا، ولا توجد لدينا مشكلة فالمجلس هو من يقرر مكان انعقاد الجلسة”، حسب قولها.
تصعيد الصدر – المالكي من جانبه، قال عضو تحالف السيادة صالح الرديني لشبكة رووداو الإعلامية الاربعاء (10 آب 2022) ان “السبب في تأخير تشكيل الحكومة هو اختلاف الكتل السياسية وعدم اتفاقها على مرشح رئاسة الجمهورية، ومن ثم رئاسة الوزراء، وعرقلة حكومة الاغلبية (التحالف الثلاثي) الذي هو من المفترض ان يشكل الحكومة حسب الديمقراطية المتعارف عليها، لكن هذا الخلاف والثلث المعطل حال دون اختيار رئيس الجمهورية ومن ثم اختيار رئيس الوزراء”. وبشأن السيناريو المتوقع قال الرديني ان “الامور غير واضحة ونلاحظ ان تظاهرات الصدر، وتصريحات المالكي التي يقول فيها لا حل للبرلمان دون انعقاده، هي تصعيد ربما يؤثر على سير تشكيل الحكومة”، معرباً عن امله في ان “تسير الامور تجاه التهدئة، ويصار الى اتفاقات، (حل البرلمان او اي اجراء اخر) بعيدا عن الصدام وكل ما يؤذي الشعب العراقي”. يشار الى أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أصدر بياناً يوم الاثنين (1 آب 2022) أكد فيه أن “العراق يشهد احتقاناً سياسياً كبيراً قد ينذر بعواقب وخيمة”، داعياً “جميع الأطراف إلى التهدئة، وخفض التصعيد؛ للبدء بمبادرة للحل على أسس وطنيّة، وعدم الانسياق نحو الاتهامات، ولغة التخوين، ونصب العداء والكراهية بين الإخوان في الوطن الواحد، والجلوس على طاولة حوار وطني؛ للوصول إلى حلّ سياسي للأزمة الحالية، تحت سقف التآزر العراقي، وآليات الحوار الوطني”. وكانت بغداد قد شهدت تظاهرات حاشدة يوم الأربعاء (27 تموز 2022) اقتحم خلالها المتظاهرون مبنى مجلس النواب العراقي، وانسحبوا بعدما طلب منهم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ذلك، ومن ثم عاود المتظاهرون يوم السبت (30 تموز 2022) الى الدخول الى المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان والبدء باعتصام مفتوح، ومن ثم رد الاطار التنسيقي، على تظاهرات الصدريين، بتظاهرة قرب المنطقة الخضراء من ناحية جسر المعلق، عصر يوم الاثنين (1 آب 2022) ومن ثم انسحبوا من المكان. التطورات هذه جاءت بعدما أعلن الإطار التنسيقي يوم (25 تموز 2022) عن ترشيح محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء، وهو ما رفضه التيار الصدري.