فواز الطيب يكتب|البكاء على أطلال وطن
عراقيون | مقالات رأي
تأسست جمهورية 2003 في العراق على أسس طائفية اثنية عرقية محاصصاتية وأغلبية وأقلية وقبلية في توزيع مناصب الدولة العليا والدنيا بتكريس واضح للتمييز الهوياتي قادنا إلى الاضطراب والصراع والاحتراب باسم الديمقرطية التوافقية التي لا وجود لها إلا في الدول المتخلفة مثل أفغانستان ولبنان .
في جمهورية بريمر، أدى تطبيق “الديمقراطية التوافقية” إلى الانقسام الهوياتي في البلد إلى حد الصراع المسلح ، وتعمق مفهوم المكونات على حساب مفهوم الشعب، وتراجعت كثيراً كفاءة الدولة ، وتفككت مؤسساتها بين إقطاعات حزبية وجماعات مسلحة بواجهات سياسية معممة متنافسة دوماً على تقاسم المغانم والنفوذ باسم الدين والمذهب والقبيلة .
وفي تجربتي الانتخابية الفاشلة !! عام 2018 كانت احدى شعاراتي للمكونات ارفع راسك انت مواطن ولست أقلية ولك حقوق كما لأي مواطن آخر يخالفك في الدين والمذهب ، فالأقلية والأغلبية تزييف وخداع صنعته جمهورية بريمر لسلب حقوقك ، فالطبيعي يولد المرء وينمو بوصفه عربياً أو كردياً أو مسلماً سنياً أو شيعياً أومسيحياً وايزدياً .. والخ ، ولا خيار له في تغييرها أو تعديلها، إلا في سياقات محدودة جداً، فيها الكثير من الصعوبة الاستثنائية والأثمان الباهظة .
وهناك ملاحظة دقيقة أشار لها الكاتب الاكاديمي عقيل عباس ، وهي أن ” الحيز الصحيح والمناسب، لمثل هذه الانتماءات وفاعليتها، هو في المجتمع وليس في السياسة ولا القانون ” ، وإلا ستقوض مفاهيم أساسية في الدولة الحديثة ، كالمساواة والمواطنة ، فمنح هذه الانتماءات شرعية سياسية لا يرفع من قيمتها ولا حقوقها الإنسانية بقدر تصغير حجمه في المجتمع با الأقليات المنقوصة الحقوق .
وهذه المفاهيم المغلوطة في جمهورية 2003 تعد مفاهيم طائفية منافية للديمقراطية والمساواة، لأنها أوتوماتيكياً تمنح من اعتبر نفسه الأغلبية بقوة السلاح والنفوذ الدولي المضلل امتيازات غير معلنة على مواطني البلد الآخرين، كأن يكون رئيس الوزراء شيعياً، لتصبح قيم دينية شيعية قيماً سياسية وثقافية تحتفي بها الدولة ، سواء بشكل رسمي أو عرفي ، أوعلى أساس الأمر الواقع . هذا فضلاً عن المظالم، التي تنشأ عن اعتبار الهوية الدينية، وليس المواطنة المتساوية، أساساً في الحقوق .
وبآخر تحديث للحكومة العراقية التي انتجت الكاظمي قامت كذلك على المحاصصة برغم كل التضحيات التي قدمها شباب العراق في احتجاجاتهم من أجل الغاء المحاصصة وبناء دولة المؤسسات المدنية بعد ترويض الكاظمي من قبل قادة الكتل البرلمانية لجميع رغباتهم وتوجهاتهم الطائفية .
سنبقى أسرى بيد هذا النظام السياسي الديمقراطي التوافقي الطائفي ، وسنكمل بقية حياتنا في ظل الفوضى والقلق والخوف والتهديد والابتزاز وفي المنافي والمهجر نبكي على وطن أضعناه ، وطن أكله حوت الطائفية والتشرذم والحزبية والفئوية .
إلا إذا كان للشعب كلمة أخرى ؟! .