سعد سعيد الديوه جي يكتب|نظرة حول مستقبل الموصل
عراقيون | مقالات رأي
لا نقصد بالموصل في هذه الخاطرة مدينة الموصل فقط، وإنما تلك المنطقة التي كانت فيها (الموصل/نينوى) مركزاً رئيسياً لها، وبؤرة تستقطب كل المتغيرات الأثنية والدينية فيها، من زمن الدولة الآشورية الكبرى وعاصمتها نينوى التي كانت أعظم مدينة في العالم في زمانها وأنتهت عام (612ق.م)، وما تلاها من أزمنة، حيث عاد لها بريقها بعد الفتح العربي – الإسلامي لتصبح عاصمة أقليم كبير جداً تشمل سهل شهرزور شرقاً وبلاد الجزيرة غرباً والى جنوب الأناضول شمالاً، ثم أصبحت عاصمة ولاية عثمانية رئيسية، ثم تحولت لواء بعد ضمها لولايتي البصرة وبغداد عند تأسيس “العراق” بعد الاحتلال البريطاني عام 1918م، بعد سلسلة من المؤتمرات والخلافات بين بقايا الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية البريطانية.
يقول هارلي تشارلز لوقا الحاكم المساعد لمدينة القدس في رحلته الى الموصل عام (1924م)، وفي كتابه “الموصل وأقلياتها”، بأن هذه المدينة لها أهمية جديدة في عيون العالم وبالتأكيد يقصد المدينة وما حولها!، فموقعها الجيوسياسي لا يمكن إغفاله في أية دراسة تتعلق بالموضوع، وفي إتفاقية سايكس – بيكو كانت من ضمن النفوذ الفرنسي قبل أن تنقلب لعبة المصالح لبريطانيا وتضمها الى منطقة نفوذها.
ويشبه هـ .ت لوقا المنطقة بالقوقاز من حيث فسيفساء الأجناس والموارد الطبيعية، فالولاية خليط من العرب والكرد والتركمان وخليط من الأديان من المسلمين والمسيحيين واليهود قبل نزوحهم الى فلسطين عام 1948م، وما بعده.
كل ذلك يدفعنا للتفكير في سر الزيارات المتكررة لسفراء الدول الاوروبية وتركيا للموصل والتي كانت آخرها زيارة السفير الإيطالي في (5/6/2022) الذي وعد بإنشاء قنصلية إيطالية على غراء ما وعد به السفير الفرنسي سابقاً، وكانت تركيا قد أعادت قنصليتها في الموصل وصار قنصلها وجهاً رئيسياً في كثير من الإجتماعات والمنتديات، وفي الزيارة الأخيرة للسفير التركي تم تحديد ثلاث مواقع لمدن صناعية والمطار الدولي فيها.
إن الإهتمام الأوروبي – التركي بالموصل ومناطقها صار أمراً ملحوظاً لا لبس فيه، خصوصاً بعد زيارة الرئيس الفرنسي وقداسة البابا للمدينة والمنطقة.
والموصل الآن تشهد هدوءاً ملحوظاً وإرتباطاً اجتماعياً وإقتصادياً كبيراً مع إقليم كردستان، وهي بعيدة الى حد ما عن الإضطرابات في باقي أنحاء العراق، فماذا ينتظر الموصل في المستقبل ونحن على أعتاب عام (2023م)، ونهاية معاهدة لوزان؟
متغيرات كثيرة في الموصل الآن ستأخذ المنطقة للحضن الأوروبي – التركي بنوع من الفيدرالية مع باقي أجزاء العراق وبموافقة أمريكية ضمنية لا غبار عليها والله أعلم.