ريان توفيق يكتب | نحن والمراجعات
عراقيون | مقالات رأي
يمر الإنسان عبر مسيرة حياته العلمية والوظيفية والأسرية والاجتماعية والتعبدية بمنعطفات وتعرجات ومطبات متنوعة ..وفي الكثير من الأحيان يكون مُنْحِني حياته خطا أفقيا؛ مما يؤشر بأن تلك المنعطفات والمطبات لم تستوقفه ذات يوم ليعيد حساباته، ويقيم نتاجه .. فتراه يعيش في فلك نمطية .. أحسن ما يقال عنها: إنها تقليدية، لم تتغير وتتطور عبر قطار الحياة الطويل .. وسيتفاجأ صاحبنا بأن المحطة الأخيرة قد دنت، وهو لم ينجز شيئا ذا بال .
وفي هذا السياق لابد أن نخضع مساراتنا الحياتية للمراجعة والنقد على المستويات المختلفة .. فهل فعلا أننا نسير بالاتجاه الصحيح؟ هل فعلا أننا نتعاطى تعاطيا قيميا في مؤساستنا المختلفة، كم هي المسافة بيننا على المستوى الفردي وبين العدل والإحسان والرحمة والصدق ؟
أولسنا نخاتل أنفسنا كثيرا؟ فنبحث عن مسوغ لخرق حاجز القيم، فلا نَصْدُق لأن الاتجاه العام لم يعد يرى الكذب عيبا، ولا نعدل لأن الميزان العام قد انكسر، ولا نتراحم لأن النزعة الذئبية قد حلت محل النزعة الإنسانية.
أولسنا نبحث عن مسوغات وهمية لتبرير الخطأ والحرام، أوليس ثمة من يبرر الرشوة بأنها ضرورة، ويسوغ الغش باعتبار أن العقل الجمعي قد قبله، ويمارس الفوضى الإدارية والمرورية والمعرفية والدليل “حشر مع الناس عيد”
الحقيقة أن هذا السلوك الجمعي الذي تنكب للقيم واستمرأ الخطأ واستعذب الباطل بحاجة إلى مراجعة على المستوى الفردي أولا، ثم على المستوى الجماعي .. لكن المستوى الجمعي هو في مرمانا، وضمن رقعتنا العقلية، وحدودنا الجغرافية.
ولا يظن أحد أنه بمنأي عن ضرورة المراجعة والانفتاح على الذات ومساءلتها عن حصيلة عمره، فالمرء يمكن أن يخاتل الناس، ويعكس صورة غير مطابقة لواقع حياته، لكن لا يمكن أن يخاتل نفسه.
وفي هذا السياق فإن الخطاب النبوي الكريم يقرع كياننا: (( الكيس من دان – أي حاسب – نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني )) .. ولا يقولن أحد لست المعني بهذا الخطاب .. بل الكل معني، والكل موقوف ومسؤول (( وقفوهم إنهم مسؤلون )).