سعد سعيد الديوه جي يكتب|حرب عالمية بطعم جديد
عراقيون | مقالات رأي
مما لا شك فيه أن العالم كله يراقب ما يجري من حرب مدمرة بين روسيا من جهة والغرب من جهة أخرى على أرض أوكرانيا، ولكن بلون جديد.
فالغرب يمد أوكرانيا بالمال والسلاح، والعقوبات الإقتصادية التي تحاول خنق الدب الروسي، وروسيا تختبر أسلحتها المتطورة على رؤوس أهل هذا البلد.
والسبب الرئيسي لهذه الحرب هو خوف موسكو من إنضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي، فتصبح الصواريخ الأمريكية على مرمى حجر من أهدافها في موسكو، وهو ما لم ولن تقبله روسيا أبداً، كما حدث في أزمة الصواريخ الروسية عندما أرادت روسيا نصبها في كوبا عام 1962م.
ولم تشهد أوروبا (القارة العجوز) حرباً مدمرة كهذه الحرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945م، اللهم إلا ما حدث في البوسنة والهرسك منذ أواسط تسعينات القرن الماضي عندما تم ذبح عشرات الألوف من المسلمين، وما رافق ذلك من عمليات إغتصاب طالت نساء البوسنة والهرسك، ولم تعتبر تلك الجرائم كتجارب حرب مخزية.
وكان من الممكن تجنب هذه الحرب، لو أتفق الغريمان روسيا وأمريكا على جعل أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح تنعم بالسلام والرخاء، ولكن النفس الاستعماري للغرب قاطبةً لم يتوقف أبداً رغم تستره بحماية الديمقراطية وحقوق الإنسان والليبرالية، ولكنه يأخذ وجهاً جديداً في كل مرة.
والحقيقة أن هذه الحرب لم تكن غائبة عن بعض مفكري الأمريكان الذين ينتقدون النفس الاستعماري الذي يقف خلف الترسانة الأمريكية الهائلة من الأسلحة.
ويعتبر الجنرال جورج كينان وهو من خبراء الشؤون الروسية الذي حذر من توسع الناتو بإتجاه روسيا عام 1998م، وأعتبره بداية لحرب باردة جديدة، ستتحول الى حرب مدمرة وخطأ مأساوي لا مبرر له على الإطلاق وسيقود بالتالي الى حرب تأكل الأخضر واليابس كما يحدث الآن.
وحدث ما توقعه الجنرال كينان، فروسيا اليوم هي ليست روسيا قبل ثلاثة عقود، وجاءت هذه الحرب لتقول للغرب كفى تجاهلاً لما يحدث من قبلكم.
ويبقى السؤال: من يدفع ثمن هذه الحرب، والجواب بسيط هو الأوكرانيون الذين تشردوا بالملايين وباب الأوروبيون في هلع من تطور الحرب الى ديارهم، وخوف العالم كله من بوادر أزمة إقتصادية تطال الأخضر واليابس.