اليوم العالمي للمياه.. دعوات أممية لحل الأزمة وهجرة للمزارعين غير مسبوقة
في اليوم الذي تعود فكرته إلى اليوم الدولي للعام 1992، وهو العام الذي عُقد فيه مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية في العاصمة الأرجنتينية ريو دي جانيرو ، وفي نفس العام، اعتمدت الجمعية العامة قرارها 47/193 الذي أعلنت فيه يوم 22 آذار/مارس من كل عام يوما عالميا للمياه.
واعتمدت على اثره في فترة لاحقة عددا من الفعاليات ، مثل سنة الأمم المتحدة الدولية للتعاون في مجال المياه التي أحتفل بها في عام 2013، فضلا عن العقد الدولي للعمل، ’’الماء من أجل التنمية المستدامة‘‘، 2018 – 2028. ويُراد من هاتين الفعاليتين وغيرهما التشديد على أن المياه ومعايير الصرف الصحي هي مداخل أساسي في عمليات خفض الفقر والنمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.
يعاني العراق منذ سنوات من انخفاض متواصل في الإيرادات المائية عبر نهري دجلة والفرات، وتفاقمت أزمة شح المياه كذلك تدني كميات الأمطار في البلاد على مدى السنوات الماضية.
العراق ضمن أحد الدول لخمس متأثرة بالمياه
وفي هذا الشأن ، يقول المتحدث الرسمي باسم الوزارة علي راضي في تصريح خص به “المركز الخبري الوطني”: إن “العراق مر في ظروف شحة مائية خلال الموسم الماضي والتي كانت بمعدلات عالية”، مبينا ان “موضوع التصنيف العراق صنف كأحد اكثر خمس دول تتأثر بالمتغيرات المناخية وهذه الشحة المائية اتت نتيجة التغيرات المناخية بالاضافة الى التوسع الكبير الذي حصل من الجانب الفني لانشاء المنشآت الكبيرة والمشاريع الاروائية مما ادى الى شحة المياة، واضطرنا لاستخدامنا الخزين المائي الموجود في السدود والخزانات بشكل كبير جدا”.
وأضاف راضي، ان “الامطار والسيول التي وردت بعدها للعراق كان لها تأثير ايجابي في ارتفاع بسيط بمناسيب المياه في السدود والخزانات، ولكي نعطي صورة واضحة عن طبيعة الموسم القادم ونحدد الخطة الزراعية الصيفية يجب ان تتكامل الصورة لدينا بما يتوفر لدينا من الخزين المائي اضافة الى الايرادات المتحققة في فصل الربيع والفترة القادمة والمتمثلة تقريبا الى منتصف شهر الخامس، وبذلك ستكون لدينا الرؤيا واضحة”.
اما بخصوص المباحثات بين الجانب الايراني والتركي، اوضح ان “الاجتماعات والمباحثات بخصوص ملف المياه سارية ومستمرة ويعتبر الملف معقد كونه طويل جدا ومنذ عشرات السنين، لكن خلال الفترة الماضية شهد بعض التطور وهذا نتيجة الدعم الحكومي الكبير الى ملف المياه، مما ادى الى حلحلة الملف بشكل كبير خصوصا مع الجانب التركي”.
وتابع راضي، انه “من المؤمل توقيع بروتوكول معد بهذا الخصوص، وبالفعل خلال الفترة الماضية تم توقيع مذكرة تفاهم عام 2014 وتم مصادقتها في السنة الماضية من قبل البرلمان”، مشيرا الى ان “هناك مركز بحثي مشترك بين العراق وتركيا مؤمل انشائه في بغداد وكذلك فرع اخر في البصرة”.
ودعا، الى “تحشيد الرأي العام العربي الاقليمي لحضور الورش والمؤتمرات العالمية كمؤتمر بغداد المائي الاول وكذلك الثني الذي عقد بهذا الشهر وبالتأكيد جمعيها محاور لدعم وضمان حقوق العراق المائية وتقاسم الضرر وفترات الشحة المائية”.
وفيما يخص سد اليسور، تحدث راضي قائلا: ان “الجميع يعلم ان مياه نهر دجلة قبل انشاء السدود والتوسع في هذه المشاريع الاروائية بالتأكيد كانت تأتي مباشرة الى العراق وتم انشاء هذا السد على مياه دجلة لغرض توليد الطاقة الكهربائية”، لافتا الى ان “الخطورة الكبيرة لا تأتي من السد ولكن تأتي من المشاريع الاروائية والمشاريع التي سترافق انشاء سد الجزرة والذي يكون جنوب سد اليسو، اي مابين السد والحدود العراقية”.
وبين، ان “هذه من المشاريع المزعم تنفيذها من قبل الجانب التركي، لكن العراق اثبت تحفظه واعتراضه على انشاء هذه المشاريع، لما لها من تأثير كبير على الحصص المائية التي ترد اليه وكذلك ايضا على نوعية المياه”، موضحا انه “كمبدأ عام لا يوجد اي اعتراض على البنى التحتية والتوسع لمشاريع الري والسدود الاخرى، بشرط على ان لا تأثر على المياه العراقية”.
هجرة داخلية
المواطن رحيم مخيف من أهالي محافظة الديوانية منطقة السنية التي تتماز بطابع ريفي ، يؤكد في حديثة “للمركز الخبري الوطني” أنه “إن كان يعتاش على الزراعة من خلال زرع الشلب اي الرز والذرة الصفراء ويسد احتياجات أسرة قد تفاجئ بقرار وزارة الموارد المائية وتقليل نسبة المياه مما تسبب جفاف واضح على أرضة حيث قرر البحث عن عمل آخر مع اسرتة وشد الرحال إلى أحد معامل الطابوق في المثنى”.
وفي وقت سابق أكد محافظ الديوانية”. زهير الشعلان ” في تصريح خاص “للمركز الخبري الوطني”، ان “نسبة الهجرة من الريف إلى المدينة في محافظة الديوانية بسبب الجفاف بلغت ٦٠بالمئة محملا الحكومة الاتحادية بما يحدث”.
أثار الجفاف وانعكاساتها
ويشير رئيس منظمة طبيعة العراق ” جاسم الأسدي” في حديثه “للمركز الخبري الوطني” ، ان “آثار الجفاف والتغيير المناخي انعكس بشكل واضح على البيئة الأهوارية وكذلك على اقتصاديات الناس من الذكور والإناث على السواء في جنوب العراق ، وبما أن النساء يحتلن حوالي أكثر من ٦٠ بالمئة من مجمل النشاط الاقتصادي في الأهوار العراقية، فهذا يعني برأيه ان آثار الجفاف على البيئة تشمل بشكل مباشر نشاط المرأة وحياتها اليومية.
ويقول الأسدي ، “يؤدي الجفاف من جانب إلى تقليص مساحات الارض المغمورة وبالتالي يؤدي إلى صعوبة الحصول على القصب والحشائش كأعلاف للجاموس والأبقار، ويؤدي من جانب آخر الى زيادة التلوث والملوحة في الأهوار، ناهيك بالتلوث بمياه الصرف الصحي بشكل مباشر، وذلك جراء قلة المياه المغذية للأهوار ” ، مؤكدا على ان “الآثار تصل ايضا الى الصحة العامة، فعندما تكون مستويات المياه واطئة يكون التلوث عال، الأمر الذي يترك آثار سلبية على صحة المرأة والأطفال وكذلك على الصحة العامة، كما يؤثر على التنوع الاحيائي للمنطقة. وكل ذلك يشير الى أن اقتصاديات المجتمعات المحلية في الأهوار والتي تعتمد بالكامل على المياه، تقل وتتراجع، وذلك لان السكان يعتمدون على صيد الاسماك والطيور البرّية والحليب ومشتقاته والقصب، وحين تكون المياه في مستويات اقل، ستكون الموارد الاقتصادية لدى مجمل العوائل العراقية الأهوارية سواء ذكور او اناث في اقل مستوياتها”.
الماء سر الحياة
دعت الممثلة الأُممية الخاصة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، اليوم الثلاثاء، جيران العراق للمشاركة في مناقشات هادفة حول تقاسم المياه وإدارة الموارد.
وقالت بلاسخارت في رسالة بمناسبة اليوم العالمي للمياه 2022، ورد للمركز الخبري “في كل مكانٍ على كوكبنا، الماء هو سر الحياة، وفي العراق، يكتسي توافر الموارد المائية وإدارتها بشكلٍ سليم أهمية خاصة”، مبينة انها “زارت الشهر الماضي أهوار بلاد ما بين النهرين في الجنوب، وشاهدت بنفسها التحديات العديدة التي يواجهها العراق”.
وأضافت بلاسخارت أن “انخفاض هطول الأمطار، ونقص المياه، وتملّح التربة والمياه، والإدارة غير الفعّالة للموارد، والنمو السكاني، كُلّها عواملُ أثّرت في جميع أنحاء البلاد، وبالإضافة إلى تغيّر المناخ، فإن التخفيض النشط لتدفقات المياه من البلدان المجاورة يمثل تهديداً خطيراً آخر.”.
وبينت الممثلة الأممية ان “الحقيقة المُرّة هي أن نُدرة المياه ليست فقط خطراً ماثلاً، ولكنها أيضاً عاملٌ مُضاعِفٌ للمخاطر، فتأثيرُها المحتمل على الفقر والنزوح والصراع له تداعياتٌ خطيرةٌ على استقرار العراق وازدهاره على المدى الطويل”.
وأشارت بلاسخارت الى ان “موضوع اليوم العالمي للمياه لهذا العام هو (المياه الجوفية، جعلُ غيرِ المرئيّ مرئيا)”، يُسلّط الضوء على موردٍ ثمينٍ ويتم إغفالهُ في كثيرٍ من الأحيان، وبوصفها المصدر الرئيسيّ للمياه العذبة، يتعينُ حمايةُ المياه الجوفية والحفاظُ عليها”.
وتابعت بلاسخارت انه “في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، عُقد مؤتمرُ بغداد الدولي الثاني للمياه في العراق، ليُقدّم توصياتٍ مهمةً وواسعة النطاق، وهذه بالتأكيد بدايةٌ جيدةٌ يجب أن تَعقِبها إجراءاتٌ الآن”.
وأكدت بلاسخارت انه “على جميع أصحاب الشأن على امتداد الطيف السياسي أن يُولوا أولويةً لهذا الموضوع باعتباره مسؤوليةً مشتركة، وملفّاً حاسماً لا بدّ من معالجته بشكلٍ عاجلٍ وجادّ، والتغلب على الانقسام السياسي، والأهمّ من ذلك أيضاً، ينبغي أن يشارك جيران العراق في مناقشاتٍ هادفةٍ حول تقاسم المياه وإدارة الموارد”.
وأشارت الى ان “أُسرة الأمم المتحدة في العراق تعمل بالشراكة مع العراق على إدارة الموارد المائية، ويمكننا جميعاً أن نقوم بدورنا من خلال السعي للحدّ من تأثيرنا على البيئة”.