ألوان الإستعمار المُتجدد … حرب أوكرانيا
ألوان الإستعمار المُتجدد … حرب أوكرانيا
سعد سعيد الديوه جي
لكل دول الغرب قاطبةً تاريخاً إستعمارياً مخزياً، وكذلك لدول أخرى أهمها روسيا واليابان، والى التاريخ الحديث دخلت الولايات المتحدة على الخط بعد تزعمها للعالم الغربي وما تريده من العالم قاطبةً.وما يجري في أوكرانيا حرباً إستعمارية بكل ما تعنيه الحرب من معاني ولكن بسيناريو جديد، وهذه الحرب هي من مخلفات الحرب الباردة التي إنتهت بنهاية الإتحاد السوفيتي عام (1991م)، وما أعقب ذلك من تفكيك أوصال حلفه العسكري (حلف وارشو)، وكانت روسيا الإتحادية وريثة الإتحاد السوفيتي قد أخذت تعهدات من حلف الناتو والولايات المتحدة بعدم التوسع في أراضي حلف وارشو كبولندا ورومانيا…الخ، وهو ما لم يحصل مطلقاً، حيث أن شهية الولايات المتحدة وتمسكها بكونها القطب الواحد قد دفعتها لنقض تعهداتها، حتى تم الإتفاق على القانون التأسيسي للعلاقات المشتركة والتعاون والأمن بين روسيا وحلف الناتو عام (1997م).فقد ضمت الولايات المتحدة معظم دول حلف وارشو المندرس لحلف الناتو، وباتت روسيا شيه مطوقة من غربها وجنوبها.وكما يقول المحلل السياسي فيتالي نعومكين في جريدة الشرق الأوسط، أن تحذيرات الرئيس الروسي للغرب من التوسع بإتجاه روسيا، كانت عديمة الجدوى رغم أنه حذر من خطر تجاوز الغرب للخطوط الحمراء، فنشأت حرب باردة جديدة عمودها الفقري العقوبات الإقتصادية ضد روسيا في محاولة لإضعافها، وعندما حذر بوتين دول الغرب في إجتماع أمني عام (2007م)، في ميونخ سخروا منه.في هذا الخضم كان الغرب يخطط لإقامة نظام أوكراني يضمر العداء لروسيا خصوصاً بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم عام (2014م)، وتزامن الأمر مع دعوات عنصرية أوكرانية وصلت بالرئيس الأوكراني في تسمية السكان الناطقين بالروسية في جنوب شرق البلاد بـ”القطعان” بدلاً من البشر!، وهو ما استغله الرئيس بوتين كأحد الأسباب الظاهرية لغزو أوكرانيا.ثم بدأ تسليح أوكرانيا بمعدات تؤهلها للإنضمام الى حلف الناتو مستقبلاً، وهذا هو أساس هذه الحرب الجارية التي تحرق الأخضر واليابس ولا يعلم أحد متى ستنتهي وكيف، في واحدة من أعنف الحروب بعد الحرب العالمية الثانية وبوجود الأسلحة النووية التي لمح الرئيس الروسي بإستخدامها.ومن سخرية الأقدار كما يقول الكاتب داؤد فرحان، فأن جمهورية أوكرانيا شاركت في إحتلال العراق عام (2003م) مع قوات التحالف، وساهمت في قتل مدنيين أبرياء، وكان الجنرال الأمريكي المتقاعد مارك هيرتلينغ والذي خدم في العراق والقائد السابق للجيش الأمريكي في أوروبا، قد صرح لقناة (CNN) قبل أيام من غزو أوكرانيا “بأن الأوكرانيين الذين عملوا مع القوات الأمريكية في العراق في عام (2004م)، كانوا “قوة فظيعة وقادة فاسدين غير منضبطين وغير متحمسين وسيئين، لأنهم تلقوا تدريباتهم من قادة روس!، لكنهم أصبحوا اليوم قوة محترمة”!.وهذا الهراء يعود لكون الجنود الأوكرانيين قد دربهم الروس، ولكن عندما دربهم الأمريكان صاروا قوةً محترمة أودت بهم الى هذه المحرقة، وهذا الإحترام ضاع مع بلد يقوده ممثل هزلي، وربما لعنة العراق قد سرت إليهم بفعل الغزو والمشي خلف أمريكا التي تقول: ما نريد يمشي فقط!.إن أوروبا بعد هذه الحرب لن تعود بعد إجتياح بوتين لأوكرانيا كما كانت من قبل، وفي الأيام القادمة ستتغير أشياء كثيرة أهمها عندما يدرك الشارع الغربي الأسباب الحقيقية وراء هذه الحرب، وأنها ليست مجرد غزو عابر، وقد تلحق بالأمور غداّ إستعادة الصين لجزيرة تايوان، عندها سيدرك العالم أن ليس كل ما تريده أمريكا يمشي، وعندها سيبدأ عالم جديد من الصعب تصور معالمه.