سعد الديوه چي يكتب .. أبعاد أزمة مطار الموصل ، نار تحت الرماد
عراقيون / مقالات رأي
أُثيرت في الأيام الأخيرة زوبعة كبيرة حول إعادة إعمار مطار الموصل الذي دمره الدواعش مع باقي البنى التحتية للمدينة وما حولها.
وقد أعطي السيد المحافظ مبرراً لعدم البدء بالمطار بتمويل من القرض الفرنسي، بأن بعض حلقات إتخاذ القرار في بغداد إرتأت التأجيل الذي رفضه السيد المحافظ وأعطى حلولاً بديلة للمشكلة.
ولا نريد ان ندخل في متاهات هذه المسألة التي تعكس في طياتها على ما نعتقد أبعاد الصراع الأقليمي والدولي حول منطقة “أقليم الموصل”، والذي تمثل أبعاده التاريخية ولاية الموصل العثمانية!.
ويعزو موقع العالم الجديد في 19 أيلول 2021، بأن هذه المنطقة تمثل “عُقدة” رئيسية في مشروع القرن الذي ترعاه الصين وسط معارضة أمريكية وأوروبية الى حد ما، وهو “طريق الحرير” لتتحول “المحافظة” المتنوعة دينياً وأثنياً الى محط أنظار العالم خصوصاً وان دولاً فاعلة “تقاسمت” النفوذ فيها عبر إتفاقيات بعيدة المدى عن موافقة الحكومة العراقية المركزية!.
إن منطقة الموصل تشكل إحدى أهم العُقد في طريق الحرير من الشرق بإتجاه أوروبا بعيداً عن المناطق الوعرة وغير المستقرة في تركيا، ناهيك أن إيران تنظر للمنطقة بإعتبارها جسراً موصلاً لها نحو البحر الأبيض المتوسط، وهو موقف يؤيدها به كلاً من الصين وروسيا.
أما الموقف التركي فلا يعاني من هذه العُقدة، وفي الوقت نفسه لا يؤيد الموقف الأيراني، إن لم يعمل على عرقلته وإستبداله بخط الحديد الذي يمر من البصرة فبغداد فالموصل والى تركيا بعيداً عن الأراضي السورية في شمال شرق سوريا والتي صارت مسرحاً للتداخل الدولي فيها.
وعليه فإن هذه المسألة هي التي دفعت تركيا بقواتها الى شمال الموصل وبمسافة لا تتجاوز (15-20)كم، ولأنها تعرف حق المعرفة أن أي مشروع في المنطقة لا يحظى بالنجاح إن لم يتعامل معها.
وأما أوروبا والتي يمثلها الإتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا التي تريد أن تخلف أمريكا في المنطقة إن هي أعادت ما حصل في أفغانستان أخيراً، فإن مجيء السفير الفرنسي الى الموصل بعد أقل من شهر من مجيء الرئيس الفرنسي، وكذلك وصول ممثلين عن الإتحاد الأوروبي والإجتماع مع مدراء الدوائر المهمة في الموصل لغرض الإعمار يصب في مجال الإهتمام الأوروبي المتزايد بالمنطقة.
والذي نعتقده أن سياسة تركيا نحو المنطقة ستصب في الإتجاه الأوروبي ومعروف عن هذه السياسة بأنها براغماتية الى حدٍ بعيد، والتي تحاول التقرب نحو أوروبا قدر المستطاع.
ولهذه الأسباب فقد صرح السفير الفرنسي في المؤتمر الصحفي مع محافظ الموصل، بأن فرنسا على أتم الإستعداد لإنشاء المطار، وأن التمويل جاهز، وكان بعيداً عن المجاملة السياسية في كل تصريحاته حول هذه المسألة، وأنه سيذهب لبغداد لإقناع المسؤولين بإعادة نظرهم نحو إنشاء المطار، لأن المحافظة وأهلها بحاجة ماسة إليه، وأن رئيس الوزراء يؤيد إنشاء المطار!.
مرحلة طويلة ومعقدة ستمر بها المنطقة وبإرتباطها بالعراق الفدرالي وما علينا إلا الإنتظار.