د.ريان طارق الهاشمي يكتب: هكذا تتساقط الحضارات وتنهار الشعوب
في ظل تراجع معطيات الفطرة الإنسانية تبرز أسئلة أجاباتها في غاية البداهة، بحيث إن الحد الأدنى من المعرفة والخبرة الحياتية كفيل بحسمها، ومع ذلك تثار هذه الأسئلة، والأدهى من ذلك أن يُخْتَلفَ فيها ما بين القبول والرفض.
من هذه الأسئلة حكم الغش في الامتحانات، أو تبادل الأسئلة التي يقال عنها إنها مسربة، أو ما بات يعرف بالتعاون في أداء الامتحانات، ولو عاد أولئك الطلبة وذووهم إلى وجدانهم لجزموا بحرمة هذ الفعل؛ إذ ما قيمة شهادة تبنى على الكذب، وأية حضارة يمكن أن تشيد على هذا البناء المهتريء، وأية معرفة يمكن أن تحقق النهوض العلمي في شتى المجالات من خلال تقمص ثياب كبيرة المقاسات على لابسيها.
ومن المحزن الذي يدل على نكوص الفطرة ما يثار في هذه الأيام من تزوير بطاقة اللقاح ضد فايروس كورونا لمن يرغب بأداء مناسك العمرة، أو يروم السفر؛ إذ إن الدول تشترط أن يكون الوافد إليها قد تعاطى اللقاح، بغية سلامة الوافدين والمواطنين، لكن القوم ما زالوا غير مقتنعين باللقاح – وهذا شأنهم – إلا أنه لا يجوز لهم أن يعرضوا سلامة الآخرين للخطورة، وأي ثواب يجنيه المعتمر من طاعة يبدؤها بالغش، والتجاوز على حق الغير.
ومن هذه الأسئلة حكم بيع البطاقات الانتخابية، ولا أعتقد أن السائل أيا كان تحصيله العلمي يجهل حكم هذه المسألة، إذ إن النظر في حقيقة هذه المسألة ومآلاتها كفيل بالجزم بحرمة هذا الفعل، بغض النظر عن أي اعتبار آخر.
الحقيقة أننا قبالة أزمة قيمية كبيرة، تساهم النسبة الساحقة منا في تعميقها، والتبرير الذي يبثه الشيطان في الوعي العام يفعل فعلته التخديرية أولا، ثم تحويل السقوط القيمي إلى ثقافة عامة.
و ما يلقى على عاتق كل منا هو أن لا نكون ضمن هذا المشروع الهدمي، وأن نساهم بتعميق ثقافة الممانعة إزاء هذه الممارسات الظاهرة البطلان.