محمد صالح البدراني يكتب: نماذج في الميزان
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11]
لم يقل الله ما في قوم وانما ما بقوم، والباء واسطة، اي رافعات القوم من شر وخير لا تتغير فتتحول الى رافعات ضدها حتى تتغير رافعات دواخلهم وهي للآدمية عامة وليست للمسلمين فقط، الشعب عامة والساسة والاعلاميون وحتى من يدير صفحات مكتظة بالمتابعين يحتاج الى فهم قدر الله وسننه الكونية، والى فهم الرزق والمال والمصلحة وما تعني والانسانية وما يفهم منها، الناس اليوم رافعاتهم لا تشير الى تغيير أفضل، لان المصلحة الخاصة طاغية وسعيد من لم يتعرض للتجربة والاختبار فيظهر مارد الطغيان ان كان في السلطة ويظهر مارد الشر ان كان في التمكين، او مارد الجشع المهين، وهذه رافعة الوهم لا تبني امة ولا ترفع من شانها وانما هو الانحدار الحضاري والتخلف المدني في منظومة تنمية التخلف
غياب وغيبوبة.
(لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
لن اذهب بعيدا ان قلت اني لا ارى مشروع امة للبناء متكاملا، الا مشروع واحد وهو انا، وانا ناجح لان الاخرين فاشلين، وكل منهم هو هذه الانا وغيره فاشلا، ولا اريد من كلامي الا التنبيه وفتح عيون خدعها النفاق المحيط والا ما كان البعض يتكلم بهذه الثقة والفرح بمديح وهو لم يفعل شيئا يجعله يستحق الاطراء ناهيك عن التعظيم؛ الطاقة المشتتة لا يمكن ان تكون رافعة تغيير لقوم من حالة التمزق والضعف والتشرذم فهي لا تحدث التغيير، ومشاريع تزرع هنا وهناك دون برنامج وانما منطلقة كرد فعل ولا يوجد منظومة لإقامتها ومتابعة تشغيلها فهي مشاريع محبطة لا تكون رافعة لأناس يحتاجون نظام فهي ليست للتغيير ما بقوم.
ومشروع اصلا موجود لكن يخالف قيمه عند اولى المحطات لان مشروعه بات وجوده واستمراره وعقبات تمويله، لتصبح معالم المشروع مشوهة فهذا ايضا تغيير للأسوأ عندما اتيح التغيير نحو الاسوأ وسيحتاج الى استعادة لذاته لعل من كوادره من يكون رافعة للإصلاح.
وهنالك من مشروعه تصدره ويتوقف المشروع عند الصدارة بلا مخرجات، فلا رؤية ولا برنامج ولا ايدلوجيا، سوى “ان الاخر فاشل وانه اعترض وهو اول من قال”، العواطف والامنيات والرغبات، او مقاومة الرافض لك بالرفض ليس مشروعا او رؤية منتجة وليس المواقف العدائية او المتعاونة على هذه المعطيات تصلح كرؤية او مشرع ايجابي، فهو ليس لتغيير ما بالقوم بل هو يحتاج الى تغيير من ضمن الواقع المطلوب تغييره.
وعندما تتابع كلمات تسطر في صفحات الزمن المر، تعلو اناس بموج الخلاف والظرف، فان كانت تبغي الاصلاح جمعت اهله، وان كانت تائهة تاهت بالجمع، او فاشلة فإنها تجمع عناصر الفشل وتمحق المحيط، وفي هذا الظرف بين جموع التخلف تتعاظم عوامل الانفراد السلبي والمتحرك بغرائزه لا يوجه اهدافه.
ان من يتصدر عليه ان يعرف رؤيته وبرنامجه فان كانت غايته الاصلاح والتغيير فهذا ليس متاحا لا محليا ولا على مستوى المنطقة ككل فلا عناصر القوة كاملة باليد ولا عناصر القرار الحر، ولا القدرة على تنفيد الوعود او الاحلام للناس التي تتصور عناصر الفشل في الاخرين تكمن في تكوين عقليتهم ونفسيتهم فقط، وانه حين يتصدى تتغير الامور، هذه غيبوبة وسوء فهم للواقع، لأنه سيفشل اللهم الا ان كان هدفه تحقيق شيء يظنه لذاته من مال او جاه او تاريخ للأحفاد قد يتبرأ منه الاحفاد في عصر نهضة كما تبرأ الاوربيون من فعل من سبقوهم بل اعتبروه عارا ومازالت آثاره في منطق الحوار.
السيء غير المنظور:
الحقَّ اقول ان اناسا دخلت الفتنة بلا فهم او مشروع، كما سقطت اناس حين ابعدت الصالحين؛ وكل من يتبعهم بلا رافعة سيكون بذات المصير وجل خسارة هي السمعة في الدنيا وخيانة الامانة في الاخرة.
لا يضعن نفسه في امتحان من اعفي منه
السنون تمر في فوضى وتتعاظم موارد بشرية لا تفكر الا بالعيش وليس بالإنجاز واطفال يكبرون كمشروع انحراف بلا قدوة للنهضة أو التنمية، وبالمختصر نحن امام منظومة تحتاج الى اعادة تغذية بأناس تفهم الاصلاح لتعيد التنظيم من اجل الاستقرار المحلي والسلم العالمي.