الشيخ الليبرالي جعفر الإبراهيمي علي حسين
عمامة هذا الشيخ النحيل أكثر حداثةً وعصريّةً من أولئك المختبئين في سراديب الروزخونيّة ، ولعلّ خطابه الذي نبّهني إليه بعض الأصدقاء أكثر اتساقاً مع مبادئ العدالة الاجتماعية والمواطنة وقيم الدولة المدنية ، من خُطب كثير من نوّاب المصفّحات ، وديمقراطية سياسيين نقلوا خلافاتهم من الغرف المغلقة إلى شوارع بغداد ..وقد سمعنا وشاهدنا العبادي ، وهو يتّهم جهات باستخدام دماء الأبرياء في الصراع السياسي .
أتحدّث في عمود اليوم عن الشيخ جعفر الإبراهيمي ، أحد الخطباء ، وأجرؤهم وأكثر صدقيّة وإنسانيّة من كثير من العمائم التي تتجوّل تحت قبة البرلمان ،أو تخرج على الناس بين الحين والآخر تقايضهم على حريتهم.
هذا الرجل ، يخالف الآخرين كونه يحاول ألّا يخلط الحقائق ، فبرغم توجّهه الديني ، واهتمامه بالمنبر الحسيني ، إلا أنه بين الحين والآخر يطرح سؤالاً مهمّاً ، أيهما أقرب الى الله ، رجل لايصلّي ولا يصوم ، لكنه لايسرق ولايغش ، أم رجال ونساء حوّلوا مؤسسات الدولة الى جوامع وحسينيات ، لكنهم يبيعون الوهم والخديعة للناس ويقايضونهم على لقمة عيشهم ويرتشون ويسرقون ، لم أصدّق وأنا أسمع الشيخ الإبراهيمي يقول بالنص : ” اليوم الترشيحات للبرلمان أصبحت عشائرية وطائفية وحزبية ، وغاب الاختيار السليم ، اليوم لو يرشّح إنسان لايصلّي ولايصوم لكنه يؤدّي واجبه الوطني بصدق سأنتخبه ، أنا أريده موظفاً مدنياً وليس إمام جامع ، اليوم يحاصرنا أصحاب اللحى والمحابس الذين نراهم في الزيارات ومراسيم اللطم ، لكنهم يسرقون مال اليتامى ” ويضيف هذا الشيخ ” الليبرالي :المفروض الانتخابات لايدخل فيها عامل الدين ، العبادة شأن بين الإنسان وربه ، لايمكن لك أن تخدع الناس بمظاهرك الدينية وأنت تحوّل دائرتك الى مرتع للفساد والرشوة ” . هذا الشيخ ينطق بالحقيقة في الوقت الذي ينشغل به عدد من الشيوخ الأجلّاء بمتابعة لباس الفتاة وزينتها ، وقصّات شعر الشباب ، في خطب تهدف الى تجميل الباطل أكثر مما ترنو إلى إحقاق الحقّ.
، إذا انتقلنا من الشيخ الإبراهيمي ” إلى حالةٍ باتت فيها أبواق بعض الخطباء تهدّد الجميع بالمحو والإبادة على حد تعبير الشيخ صدر الدين القبانجي الذي ضاق باحتفالات رأس السنة،لأنها تشجع على الفساد مطالباً أبناء المحافظات والمواكب والمساجد وعلماء الدين “بمنع تسلل الفساد في شوارعنا “.
للأسف يحاول البعض أن يُوهم البسطاء، بأنّ مشاكلهم اليومية لا تتعلق بغياب الأمن والخدمات، وأن معركتهم الحقيقية ليست مع سرّاق المال العام، ومروّجي الخطب الطائفية، وأن الأزمة العراقية ليست في سعي البعض إلى تقسيم البلاد لدويلات طائفية.. وإنما في ساعات قليلة احتفلوا فيها رغم الموت والقتل المجّاني وإرهاب عصابات داعش .
من يريد التأسيس للخطاب الديني المستنير عليه أن يستلهم أفكار الشيخ الإبراهيمي الذي شخّص، في جملٍ شديدة البساطة، أصل الداء، وحدّد معالم طريق الانعتاق والتحرّر من مصيرٍ مخيفٍ، تنزلق إليه البلاد ، مع استمرار جماعة البدع الدينية ” والمحابس ” الذين يعبثون بمستقبل العراق .